فصل: المسألة الثانية: على من تجب؟

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة



.المسألة الثانية: على من تجب؟

تجب على المسلم البالغ العاقل، غيرَ الحائض والنفساء، ويؤمر بها الصبي إذا بلغ سبع سنين، ويُضرب عليها لعشر؛ لحديث: «رفع القلم عن ثلاثة»، فذكر منها: «وعن الصَّبيِّ حتى يحتلم»، ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفَرِّقوا بينهم في المضاجع».

.المسألة الثالثة: في شروطها:

وشروطها تسعة:
1- الإسلام: فلا تصح من كافر؛ لبطلان عمله.
2- العقل: فلا تصح من مجنون؛ لعدم تكليفه.
3- البلوغ: فلا تجب على الصبي حتى يبلغ، ولكن يؤمر بها لسبع، ويُضرب عليها لعشر؛ لحديث: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع...» الحديث.
4- الطهارة من الحَدَثين مع القدرة: لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث ابن عمر: «لا يقبل الله صلاة بغير طهور».
5- دخول الوقت للصلاة المؤقتة: لقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103]، ولحديث جبريل حين أمّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالصلوات الخمس، ثم قال: «ما بين هذين الوقتين وقت». فلا تصح الصلاة قبل دخول وقتها، ولا بعد خروجه، إلا لعذر.
6- ستر العورة مع القدرة بشيء لا يصف البشرة: لقوله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31]. وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار». وعورة الرجل البالغ ما بين السرة والركبة لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لجابر رضي الله عنه: «إذا صليت في ثوب واحد، فإن كان واسعاً فالتحف به، وإن كان ضيقاً فاتزر به». والأولى والأفضل أن يجعل على عاتقه شيئاً من الثياب؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى الرجل أن يصلي في الثوب ليس على عاتقه منه شيء. والمرأة كلها عورة إلا وجهها وكفيها، إلا إذا صلَّت أمام الأجانب- أي غير المحارم- فإنها تغطي كل شيء؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «المرأة عورة»، وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار».
7- اجتناب النجاسة في بدنه وثوبه وبقعته- أي مكان صلاته- مع القدرة:
لقوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4]. وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَنَزَّهوا عن البول؛ فإن عامة عذاب القبر منه»، ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأسماء في دم الحيض يصيب الثوب: «تحتُّه، ثم تقرصه بالماء، ثم تنضحه، ثم تصلي فيه»، لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأصحابه وقد بال الأعرابي في المسجد: «أريقوا على بوله سجلاً من ماء».
8- استقبال القبلة مع القدرة: لقوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144]، ولحديث: «إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة».
9- النية: ولا تسقط بحال؛ لحديث عمر: (إنما الأعمال بالنيات). ومحلها القلب، وحقيقتها العزم على الشيء. ولا يشرع التلفظ بها؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يتلفظ بها، ولم يَرِدْ أن أحداً من أصحابه فعل ذلك.

.المسألة الرابعة: في أركانها:

الأركان: هي ما تتكون منها العبادات، ولا تصح العبادة إلا بها. والفرق بينها وبين الشروط: أن الشرط يتقدم على العبادة، ويستمر معها، وأما الأركان: فهي التي تشتمل عليها العبادة من أقوال وأفعال.
وأركانها أربعة عشر ركناً، لا تسقط عمداً، ولا سهواً، ولا جهلاً. وبيانها كما يلي:
1- القيام: في الفرض على القادر منتصباً؛ لقوله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]، ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمران بن حصين: «صَل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب»، فإن ترك القيام في الفريضة لعذر، كمرض وخوف وغير ذلك، فإنه يُعذر بذلك، ويصلي حسب حاله قاعداً أو على جنب.
أما صلاة النافلة: فإن القيام فيها سنة وليس ركناً، لكن صلاة القائم فيها أفضل من صلاة القاعد؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم».
2- تكبيرة الإحرام في أولها: وهي قول (الله أكبر) لا يُجْزئه غيرها؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للمسيء الصلاة: «إذا قمت إلى الصلاة فكبر»، وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تحريمها التكبير وتحليلها التسليم»، فلا تنعقد الصلاة بدون التكبير.
3- قراءة الفاتحة مرتبة في كل ركعة: لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب». ويستثنى من ذلك المسبوق: إذا أدرك الإمام راكعاً، أو أدرك من قيامه ما لم يتمكن معه من قراءة الفاتحة، وكذا المأموم في الجهرية، يُستثنى من قراءتها، لكن لو قرأها في سكتات الإمام فإن ذلك أولى؛ أخذاً بالأحوط.
4- الركوع في كل ركعة: لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77]. ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للمسيء الصلاة: «ثم اركع حتى تطمئن راكعاً».
5، 6- الرفع من الركوع والاعتدال منه قائماً: لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث المسيء: «واركع حتى تطمئن راكعاً ثم ارفع حتى تعتدل قائماً».
7- السجود: لقوله تعالى: {وَاسْجُدُوا} [الحج: 77]، ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث المسيء: «ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً». ويكون السجود في كل ركعة مرتين على الأعضاء السبعة المذكورة في حديث ابن عباس. وفيه: «أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: الجبهة- وأشار بيده إلى أنفه- واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين».
8، 9- الرفع من السجود والجلوس بين السجدتين: لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للمسيء: «ثم ارفع حتى تطمئن جالساً».
10- الطمأنينة في جميع الأركان: وهي السكون، وتكون بقدر القول الواجب في كل ركن؛ لأمره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المسيء بها في صلاته في جميع الأركان، ولأمره له بإعادة الصلاة لتركه الطمأنينة فيها.
11- التشهد الأخير: لقول ابن مسعود رضي الله عنه: (كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد: السلام على الله من عباده). فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تقولوا السلام على الله، ولكن قولوا: التحيات لله». فدل قوله رضي الله عنه: "قبل أن يفرض" على أنه فرض.
12- الجلوس للتشهد الأخير: لأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعله، وداوم عليه، وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي».
13- التسليم: لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وتحليلها التسليم»، فيقول عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله، وعن يساره: السلام عليكم ورحمة الله.
14- ترتيب الأركان على ما تقدَّم بيانه: لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعلها مرتبة، وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي»، وعَلَّمَهَا المسيء في صلاته بقوله: (ثم) التي تدل على الترتيب.

.المسألة الخامسة: في واجباتها:

وواجباتها ثمانية، تبطل الصلاة بتركها عمداً، وتسقط سهواً وجهلاً، ويجب للسهو عنها سجود السهو، فالفرق بينها وبين الأركان: أن من نسي ركناً لم تصح صلاته إلا بالإتيان به، أمَّا من نسي واجباً أجزأ عنه سجود السهو، فالأركان أوكد من الواجبات. وبيانها على النحو الآتي:
1- جميع التكبيرات غير تكبيرة الإحرام، وهو ما يسمى بتكبير الانتقال.
لقول ابن مسعود: «رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكبر في كل رفع وخفض وقيام وقعود»، فقد واظب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليه إلى أن مات، وقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صلوا كما رأيتموني أصلي».
2- قول: "سمع الله لمن حمده" للإمام والمنفرد: لحديث أبي هريرة: «كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكبر حين يقوم إلى الصلاة، ثم يكبر حين يركع، ثم يقول: سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركعة، ثم يقول وهو قائم: ربنا ولك الحمد».
3- قول: "ربنا ولك الحمد" للمأموم فقط، أما الإمام والمنفرد فيسن لهما الجمع بينهما؛ لحديث أبي هريرة المتقدم، ولحديث أبي موسى وفيه: «وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا لك الحمد».
4- وقول: "سبحان ربي العظيم" مرة في الركوع.
5- قول: "سبحان ربي الأعلى" مرة في السجود. لقول حذيفة في حديثه: «كان- يعني النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم. وفي سجوده: سبحان ربي الأعلى». وتسنُّ الزيادة في التسبيح في السجود والركوع إلى ثلاث.
6- قوله: "ربِّ اغفر لي" بين السجدتين: لحديث حذيفة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول بين السجدتين: «رب اغفر لي. رب اغفر لي».
7- التشهد الأول على غير من قام إمامه سهواً، فإنه لا يجب عليه لوجوب متابعته؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما نسي التشهد الأول لم يَعُدْ إليه، وجبره بسجود السهو. والتشهد الأول هو: "التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله".
8- الجلوس له- أي التشهد الأول- لحديث ابن مسعود مرفوعاً: «إذا قعدتم في كل ركعتين فقولوا: التحيات لله». ولحديث رفاعة بن رافع: «فإذا جلست في وسط الصلاة فاطمئن، وافترش فخذك اليسرى، ثم تشهد».

.المسألة السادسة: في سننها:

وهي نوعان: سنن أفعال وسنن أقوال.
أما سنن الأفعال: فكرفع اليدين مع تكبيرة الإحرام وعند الركوع وعند الرفع منه وحطهما عقب ذلك؛ لأن مالك بن الحويرث كان إذا صلَّى كبَّر، ورفع يديه، وإذا أراد أن يركع رفع يديه، وإذا رفع رأسه من الركوع رفع يديه.
وحَدَّثَ أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صنع ذلك. ووضع اليمين على الشمال وجعلهما على صدره حال قيامه، ونظره في موضع سجوده، وتفرقته بين قدميه قائماً، وقبض ركبتيه بيديه مفرجتي الأصابع في ركوعه، ومد ظهره فيه، وجعل رأسه حياله.
وأما سنن الأقوال: فكدعاء الاستفتاح، والبسملة، والتعوذ، وقول: آمين، والزيادة على قراءة الفاتحة، والزيادة على تسبيح الركوع والسجود، والدعاء بعد التشهد قبل السلام.

.المسألة السابعة: مبطلاتها:

يبطل الصلاة أمور نجملها فيما يأتي:
1- يبطل الصلاة ما يبطل الطهارة؛ لأن الطهارة شرط لصحتها، فإذا بطلت الطهارة بطلت الصلاة.
2- الضحك بصوت: وهو القهقهة، فإنه يبطلها بالإجماع؛ لأنه كالكلام، بل أشد، ولما في ذلك من الاستخفاف والتلاعب المنافي لمقصود الصلاة. أما التبسم بلا قهقهة فإنه لا يبطلها، كما نقله ابن المنذر وغيره.
3- الكلام عمداً لغير مصلحة الصلاة: فعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: كنا نتكلم في الصلاة، يكلم الرجل منا صاحبه، وهو إلى جنبه في الصلاة، حتى نزلت: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]. فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام. فإن تكلم جاهلاً أو ناسياً، لا تبطل صلاته.
4- مرور المرأة البالغة، أو الحمار، أو الكلب الأسود بين يدي المصلي دون موضع سجوده: لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذا قام أحدكم يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل، فإذا لم يكن بين يديه مثل آخِرَةِ الرَّحْلِ، فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود». والرَّحْلُ: هو ما يركب عليه على الإبل، وهو كالسرج للفرس، ومؤخرة الرحل مقدارها ذراع، فيكون هذا المقدار هو المجزئ في السترة.
5- كشف العورة عمداً: لما تقدم في الشروط.
6- استدبار القبلة: لأن استقبالها شرط لصحة الصلاة.
7- اتصال النجاسة بالمصلي، مع العلم بها، وتذكرها إذا لم يُزلها في الحال.
8- ترك ركن من أركانها أو شرط من شروطها عمداً بدون عذر.
9- العمل الكثير من غير جنسها لغير ضرورة، كالأكل والشرب عمداً.
10- الاستناد لغير عذر، لأن القيام شرط لصحتها.
11- تعمُّد زيادة ركن فعلي كالزيادة في الركوع والسجود؛ لأنه يخل بهيئتها، فتبطل إجماعاً.
12- تعمُّد تقديم بعض الأركان على بعض؛ لأن ترتيبها ركن، كما تقدم.
13- تعمُّد السلام قبل إتمامها.
14- تعمُّد إحالة المعنى في القراءة، أي قراءة الفاتحة؛ لأنها ركن.
15- فسخ النية بالتردد بالفسخ، وبالعزم عليه؛ لأن استدامة النية شرط.