فصل: الباب السادس عشر: في الصلح:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة



.الباب الخامس عشر: في الغصب، وفيه مسألتان:

.المسألة الأولى: تعريفه وحكمه:

1- تعريفه: الغَصْبُ لغة: أخذ الشيء ظلماً.
وشرعاً: الاستيلاء على حق الغير، ظلماً وعدواناً بغير حق.
2- حكمه: وهو محرم بإجماع المسلمين؛ لقوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 188]، وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه»، وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً طُوِّقَهُ يوم القيامة من سبع أرضين».
فعلى كل من عنده مظلمة لأخيه أن يتوب إلى الله، ويتحلل من أخيه، ويطلب منه العفو في الدنيا؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من كانت له مَظْلَمَةٌ لأخيه من عرضِهِ أو شيء، فليتحلله منه اليوم قبل ألا يكون دينارٌ ولا درهم، إن كان له عملٌ صالحٌ أُخذَ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسناتٌ أخذ من سيئات صاحبه، فحُملَ عليه».

.المسألة الثانية: في الأحكام المتعلقة بالغصب:

1- يجب على الغاصب رد المغصوب بحاله، وإن أتلفه رد بدلاً منه.
2- يلزم الغاصب رد المغصوب بزيادته، سواء كانت منفصلة أو متصلة.
3- الغاصب إذا تصرف في المغصوب ببناء أو غرس، أمر بقلعه إذا طالبه المالك بذلك.
4- المغصوب إذا تغير، أو قل، أو رخص، ضمن الغاصب النقص.
5- الاغتصاب قد يكون بالخصومة والأيمان الفاجرة.
6- جميع تصرفات الغاصب باطلة، إن لم يأذن بها المالك.

.الباب السادس عشر: في الصلح:

وفيه مسائل:

.المسألة الأولى: معناه، وأدلة مشروعيته:

1- معناه: الصُّلْحُ في اللغة: التوفيق، أي قطع المنازعة.
وفي الشرع: هو العقد الذي ينقطع به خصومة المتخاصمين.
2- أدلة مشروعيته: وقد دل على مشروعيته الكتاب، والسنة، والإجماع.
فمن الكتاب قوله تعالى: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128]، وقوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9]، وقوله تعالى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 114].
ومن السنة قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الصلح جائزٌ بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً، أو حرَّم حلالاً». وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقوم بالإصلاح بين الناس.
وقد أجمعت الأمة على مشروعية الصلح بين الناس بقصد رضا الله، ثم رضا المتخاصمين.
فدلَّ على مشروعية الصلح: الكتاب والسنة والإجماع.

.المسألة الثانية: في أنواع الصلح العامة:

الصلح بين الناس على أنواع:
1- الصلح بين الزوجين إذا خيف الشقاق بينهما. قال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: 35]، أو خافت إعراضه، أي: ترفعه عنها وعدم رغبته فيها؛ قال تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128].
2- الصلح بين الطائفتين المتقاتلتين من المسلمين. قال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9].
3- الصلح بين المسلمين والكفار المتحاربين.
4- الصلح بين المتخاصمين في غير المال.
5- الصلح بين المتخاصمين في المال، وهو المقصود في بحثنا، وهو على نوعين:
أ- الصلح مع الإقرار، وهو على نوعين أيضاً:
1- صلح الإبراء: وهو صلح على جنس الحق المقرِّ به، كأن يقرَّ رشيد لآخر بدين أو عين، ثم يسقط عنه المقَرّ له بعض العين أو الدين، ويأخذ الباقي، فهو إبراء عن بعض الدين بلفظ الصلح. وهذا جائز بشرط أن يكون صاحب الحق ممن يصح تبرعه، وألا يكون مشروطاً في الإقرار.
2- صلح المعاوضة: وهو أن يصالح عن الحق المقرِّ به بغير جنسه، كما لو اعترف له بدين أو عين ثم تصالحا على أخذ العوض من غير جنسه. فهذا حكمه حكم البيع، وإن وقع على منفعة فحكمه حكم الإجارة.
ب- الصلح مع الإنكار، وهو أن يدَّعي شخص على آخر بعين له عنده أو بدين في ذمته، فينكرُ المدَّعى عليه، أو يسكت وهو يجهل المدعى به، ثم يصالح المدعي عن دعواه بمال حال أو مؤجل؛ فيصح الصلح في هذه الحالة، إذا كان المنكر معتقداً بطلان الدعوى، فيدفع المال؛ دفعا للخصومة عن نفسه، وافتداءً ليمينه، والمدَّعي يعتقد صحة الدعوى، فيأخذ المال عوضاً عن حقه الثابت.

.المسألة الثالثة: في الأحكام المتعلقة بالصلح:

1- يصحُّ الصلح عن الحق المجهول، وهو ما تعذَّر علمه من دين أو عين، كأن يكون بين شخصين معاملة وحساب مضى عليه زمن، ولا علم لواحد منهما بما عليه لصاحبه.
2- يصح الصلح عن كل ما يجوز أخذ العوض عنه، كالصلح عن القصاص بالدية المحددة شرعا، أو أقل، أو أكثر.
3- لا يصح الصلح عن كل ما لا يجوز أخذ العوض عنه، كالصلح عن الحدود، لأنها شرعت للزجر.

.الباب السابع عشر: المسابقة:

وفيه مسائل:

.المسألة الأولى: معناها، وحكمها:

1- معناها: السبَقُ ما يتراهن عليه المتسابقون في الخيل، والإبل، وفى النضال، فمن سبق أخذه.
والمسابقة هي المجاراة بين الحيوان وغيره. والمناضلة والنضال: المسابقة بالرمي بالسهام ونحوها.
2- حكمها وأدلتها: والمسابقة جائزة بالكتاب، والسنة، والإجماع.
أما الكتاب: فقوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60]. ومن السنة: ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما: «أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سابق بين الخيل المُضَمرة من الحفياء إلى ثنية الوداع، وبين التي لم تضمر من ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق»، وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا سَبَقَ إلا في خُف أو نَصْل أو حَافرٍ». والخف: البعير، والنصل: السهم ذو النصل، والحافر: الفرس.
وقد أجمع المسلمون على جواز المسابقة في الجملة.

.المسألة الثانية: الأحكام المتعلقة بها:

1- تجوز المسابقة على الخيل، وغيرها من الدوابِّ والمراكب، وعلى الأقدام، وكذا الترامي بالسهام، واستعمال الأسلحة.
2- تجوز المسابقة على عوض في الإبل، والخيل، والسهام؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا سَبَقَ إلا في خف أو نصل أو حافر».
3- كل ما يترتب عليه مصلحة شرعية، كالتدرب على الجهاد، والتدرب على مسائل العلم، فالمسابقة فيه مباحة، ويجوز أخذ العوض عليها.
4- كل ما يُقْصَدُ منه اللعب والمرح الذي لا مضرة منه، مما أباحه الشرع، تجوز فيه المسابقة، بشرط ألا يشغل عن أمور الدين الواجبة كالصلاة ونحوها.
وهذا النوع لا يجوز أخذ العوض عليه.
5- لكل واحد من المتسابقين فسخ المسابقة ما لم يظهر الفضل لصاحبه، فإن ظهر فللفاضل الفسخ دون المفضول.
6- تبطل المسابقة بموت أحد المتسابقين، أو أحد المركوبين.
7- يكره للأمين أو الحضور مدح أحد المتسابقين، أو عيبه.

.المسألة الثالثة: شروط أَخْذِ العِوَض في المسابقة:

1- تعيين الرماة في المناضلة، أو المركوبين في المسابقة، وذلك بالرؤية.
2- اتحاد المراكب في المسابقة، أو القوسين في المناضلة، وذلك بالنوع؛ فلا تصح بين عربي وهجين، ولا بين قوس عربية وفارسية.
3- تحديد المسافة أو الغاية، وذلك إما بالمشاهدة أو بالذَّرْع.
4- أن يكون العوض معلوماً ومباحاً؛ لأنه مال في عقد، فوجب العلم به وإباحته كسائر العقود.
5- أن يكون العوض من غير المتسابقين؛ ليخرج بذلك عن شَبَه القمار، أما إذا كان منهما، أو من أحدهما، فلا تصح المسابقة.

.الباب الثامن عشر: العارية:

وفيه مسائل:

.المسألة الأولى: معناها وأدلة مشروعيتها:

1- معناها: الإعارة: إباحة الانتفاع بالشيء مع بقاء عينه. والعَارِيَّة: هي العين المأخوذة للانتفاع، كأن يستعير إنسانٌ من آخر سيارته ليسافر بها ثم يعيدها إليه.
2- أدلة مشروعيتها: وهي مشروعة مستحبة؛ لعموم قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2].
وقال تعالى: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: 7]، والمراد ما يستعير الجيران من بعضهم، كالأواني والقدور ونحو ذلك؛ فقد ذَمَّهم الله سبحانه لمنعهم العارية، فدلّ ذلك على أنها مستحبة مندوب إليها. وروى صفوان بن أمية رضي الله عنه: «أن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استعار منه أدرعاً يوم حنين». وعن أنس رضي الله عنه: «أن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استعار فرساً من أبي طلحة رضي الله عنه».

.المسألة الثانية: شروطها:

1- أن يكون المعير والمستعير أهلاً للتبرع شرعاً، والعينُ المعارة ملكاً للمعير.
2- أن تكون العين المعارة مباحة النفع، فلا تصح الإعارة لغناء ونحوه، ولا تصح استعارة إناء من ذهب أو فضة للشرب فيه، وكذا سائر ما يحرم الانتفاع به شرعاً.
3- أن تبقى العين المعارة بعد الانتفاع بها، فإن كانت من الأعيان التي تستهلك كالطعام، فلا تصح إعارتها.