فصل: الْبَابُ الْخَامِسُ فِي اسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.الْبَابُ الْخَامِسُ فِي اسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ:

إذَا غَلَبَ كُفَّارُ التُّرْكِ عَلَى كُفَّارِ الرُّومِ فَسَبَوْهُمْ، وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ مَلَكُوهَا، فَإِنْ غَلَبْنَا عَلَى التُّرْكِ حَلَّ لَنَا مَا نَجِدُهُ مِمَّا أَخَذُوهُ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الرُّومِ مُوَادَعَةٌ وَلَوْ كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ كُلٍّ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ مُوَادَعَةٌ فَاقْتَتَلُوا، فَغَلَبَتْ إحْدَاهُمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَشْتَرِيَ الْمَغْنُومَ مِنْ مَالِ الطَّائِفَةِ الْأُخْرَى مِنْ الْغَالِبِينَ، وَفِي الْخُلَاصَةِ، وَالْإِحْرَازُ بِدَارِ الْحَرْبِ شَرْطٌ أَمَّا بِدَارِهِمْ فَلَا، وَلَوْ كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ كُلٍّ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ مُوَادَعَةٌ وَاقْتَتَلُوا فِي دَارِنَا لَا نَشْتَرِي مِنْ الْغَالِبِينَ شَيْئًا، أَمَّا لَوْ اقْتَتَلَتْ طَائِفَتَانِ فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ، فَيَجُوزُ شِرَاءُ الْمُسْلِمِ الْمُسْتَأْمَنِ مِنْ الْغَالِبِينَ نَفْسًا أَوْ مَالًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَلَوْ اسْتَوْلَى أَهْلُ الْحَرْبِ عَلَى أَمْوَالِنَا وَأَحْرَزُوهَا بِدَارِهِمْ مَلَكُوهَا عِنْدَنَا، فَإِنْ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ، فَوَجَدَهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَخَذَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَإِنْ وَجَدَهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فِي يَدِ مَنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ إنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ أَخَذَهُ بِقِيمَتِهِ إنْ شَاءَ، وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا لَا يَأْخُذُهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
ابْنُ مَالِكٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- فِي الْمَأْسُورِ إذَا وَقَعَ فِي سَهْمِ رَجُلٍ، فَجَاءَهُ مَوْلَاهُ أَخَذَهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ أَخَذَهُ هَذَا الَّذِي وَقَعَ فِي سَهْمِهِ لَا يَوْم يَأْخُذُهُ الْمَوْلَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
هَذَا إذَا غَلَبَ الْكُفَّارُ عَلَى أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَحْرَزُوهَا بِدَارِهِمْ أَمَّا إذَا لَمْ يُحْرِزُوهَا حَتَّى غَلَبَهُمْ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهَا، وَأَخَذُوهَا، ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهُ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَمْلِكُوهَا قَبْلَ الْإِحْرَازِ، وَكَذَا لَوْ قَسَمُوهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّ قِسْمَتَهُمْ لَا تَجُوزُ، فَإِذَا غَلَبَهُمْ الْمُسْلِمُونَ كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ لِصَاحِبِهِ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَإِذَا اشْتَرَى الْمُسْلِمُ عَبْدًا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ قَدْ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ، فَجَاءَ الْمَوْلَى فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالثَّمَنِ أَوْ يَدَعَ، فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهُ، فَجَاءَ وَارِثُهُ يُطَالِبُ بِأَخْذِهِ فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ بَاعَ رَجُلٌ عَبْدًا، ثُمَّ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ، وَيَعْنِي قَبْلَ التَّسْلِيمِ، ثُمَّ مَاتَ الْبَائِعُ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ مُسْلِمٌ، وَجَاءَ بِهِ فَلِوَارِثِ الْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالثَّمَنِ، وَيَأْخُذَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ مِنْهُ بِالثَّمَنَيْنِ جَمِيعًا، وَلَوْلَا حَقُّ الْمُشْتَرِي فِيهِ لَمْ يَكُنْ لِوَارِثِ الْبَائِعِ عَلَيْهِ سَبِيلٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ اشْتَرَى مَا أَخَذَهُ الْعَدُوُّ مِنْهُمْ تَاجِرٌ، وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ أَخَذَهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ بِثَمَنِهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ التَّاجِرُ مِنْ الْعَدُوِّ، وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِعَرَضٍ أَخَذَهُ بِقِيمَةِ الْعَرَضِ، وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا يَأْخُذُهُ بِقِيمَةِ نَفْسِهِ، وَكَذَا لَوْ وَهَبَهُ الْعَدُوُّ لِمُسْلِمٍ يَأْخُذُهُ بِقِيمَتِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْمِثْلِيِّ إذَا كَانَ مَوْهُوبًا لِوَاحِدٍ لَا يَأْخُذُهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ، كَذَا لَا يَأْخُذُهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ أَيْضًا إذَا كَانَ مَا أَخَذَهُ الْكُفَّارُ مِنَّا وَأَحْرَزُوهُ بِدَارِهِمْ مُشْتَرًى بِمِثْلِهِ قَدْرًا وَوَصْفًا إلَّا إذَا اشْتَرَى بِأَقَلَّ قَدْرًا أَوْ بِأَرْدَأَ مِنْهُ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَخْذُهُ بِمِثْلِ مَا اشْتَرَى لِوُجُودِ الْفَائِدَةِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ.
مُسْلِمٌ قَالَ لِعَبْدَيْهِ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ وَلَمْ يُبَيِّنْ حَتَّى أُسِرَا، ثُمَّ ظَهْرَنَا عَلَيْهِمَا وَأَحْرَزْنَاهُمَا بِدَارِنَا رُدَّا إلَى الْمَوْلَى، وَلَوْ بَيَّنَ الْعِتْقَ فِي أَحَدِهِمَا بَعْدَمَا أُحْرِزَا بِدَارِ الْحَرْبِ صَحَّ بَيَانُهُ وَمَلَكَ الْكُفَّارُ الْآخَرَ، وَإِنْ أَحْرَزَ الْعَدُوُّ أَحَدَهُمَا تَعَيَّنَ الْآخَرُ لِلْعِتْقِ كَذَا فِي الْكَافِي.
فَإِنْ أَسَرُوا عَبْدًا فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ فَأَخْرُجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، فَفُقِئَتْ عَيْنُهُ، وَأَخَذَ أَرْشَهَا، فَإِنَّ الْمَوْلَى يَأْخُذُهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ بِهِ مِنْ الْعَدُوِّ، وَلَا يَأْخُذُ الْأَرْشَ، وَلَا يُحَطُّ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ.
وَإِنْ أَسَرُوا عَبْدًا فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَأَسَرُوهُ ثَانِيًا، وَأَدْخَلُوهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ آخَرُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَيْسَ لِلْمَوْلَى الْأَوَّلِ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ الثَّانِي، وَلِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ الثَّانِي بِالثَّمَنِ، ثُمَّ يَأْخُذَهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ بِأَلْفَيْنِ إنْ شَاءَ، وَكَذَا إذَا كَانَ الْمَأْسُورُ مِنْهُ الثَّانِي غَائِبًا لَيْسَ لِلْأَوَّلِ أَنْ يَأْخُذَهُ أَعْتِبَارًا بِحَالِ حَضْرَتِهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ أَبَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ لَا يَأْخُذُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ اشْتَرَاهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ مِنْ التَّاجِرِ الثَّانِي لَيْسَ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْأَخْذِ ثَبَتَ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ فِي ضِمْنِ عَوْدِ مِلْكِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ، وَلَمْ يَعُدْ مِلْكُهُ الْقَدِيمُ وَإِنَّمَا مَلَكَهُ بِالشِّرَاءِ الْجَدِيدِ مِنْهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
.
لَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ الْعَدُوِّ عَبْدًا، وَأَخْرَجَهُ، فَلَمْ يَحْضُرْ صَاحِبُهُ حَتَّى بَاعَهُ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ، ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهُ، فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ الثَّانِي بِالثَّمَنِ الثَّانِي، وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْأَوَّلِ إذَا كَانَ الْعَبْدُ بَاقِيًا عَلَى مِلْكِهِ وَلَمْ يَحْدُثْ فِيهِ مَا يَمْنَعُ مِنْ تَمْلِيكِهِ، فَإِنْ أَرَادَ صَاحِبُ الْعَبْدِ أَنْ يَنْقُضَ الْبَيْعَ الثَّانِي وَيَأْخُذَهُ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُشْتَرِي لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
قَالَ فِي السِّيَرِ الصَّغِيرِ وَلِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَنْقُضَ إجَارَةَ الْمُتَمَلِّكِ مِنْ الْحَرْبِيِّ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ رَهْنَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ وَهَبَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ لِرَجُلٍ أَخَذَهُ مَوْلَاهُ بِقِيمَتِهِ، وَلَا يَنْقُضُ الْهِبَةَ، وَكَذَا لَوْ جَنَى الْعَبْدُ فَدَفَعَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ أَخَذَهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ مِنْ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ بِالْقِيمَةِ، كَذَا إنْ جَنَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ عَمْدًا، فَصَالَحَ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً أَخَذَهُ بِالْأَرْشِ، وَإِنْ وَهَبَهُ الْعَدُوُّ مِنْ مُسْلِمٍ، وَقَدْ فَقَأَ عَيْنَهُ رَجُلٌ، فَدَفَعَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ إلَى الْفَاقِئِ، وَأَخَذَ قِيمَتَهُ أَخَذَهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ مِنْ الْفَاقِئِ بِقِيمَتِهِ أَعْمَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَا يَأْخُذُهُ بِقِيمَتِهِ بَصِيرًا، وَهِيَ الْقِيمَةُ الَّتِي دَفَعَهَا، وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً، وَوَلَدَتْ فَقَتَلَهُ رَجُلٌ فَلَا سَبِيلَ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ فِي قِيمَةِ الْوَلَدِ وَلَكِنْ يَأْخُذُهَا بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْقَبْضِ أَوْ يَدَعُ، وَلَوْ مَاتَتْ الْأَمُّ أَوْ قُتِلَتْ يَأْخُذُ الْمَالِكُ الْوَلَدَ بِحِصَّتِهِ يُقَسِّمُ الْقِيمَةَ عَلَى الْأُمِّ يَوْمَ الْهِبَةِ وَالْقَبْضِ وَعَلَى الْوَلَدِ يَوْمَ الْأَخْذِ فَمَا أَصَابَ الْوَلَدُ أَخَذَهُ بِهِ وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفٍ حَالٍّ، وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى أُسِرَ فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ بِخَمْسِمِائَةٍ أَخَذَهُ الْبَائِعُ بِخَمْسِمِائَةٍ، فَإِذَا أَخَذَهُ أَخَذَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ بِالثَّمَنَيْنِ أَيْ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَإِنْ أَبَى الْبَائِعُ أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي بِخَمْسِمِائَةٍ إنْ شَاءَ، وَلَوْ كَانَ بَاعَهُ بِأَلْفٍ نَسِيئَةً فَالْمُشْتَرِي أَحَقُّ بِالِاسْتِرْدَادِ، وَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلْبَائِعِ خُذْ بِخَمْسِمِائَةٍ وَسَلِمَ لَكَ، فَإِنْ اشْتَرَى الْعَبْدَ الْمَأْسُورَ مِنْ الْعَدُوِّ رَجُلٌ بِأَلْفٍ فَأُسِرَ فَاشْتَرَاهُ آخَرُ بِخَمْسِمِائَةٍ فَحَضَرَ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ وَالْمُشْتَرِي الْآخَرُ وَالْقَاضِي يَعْلَمُ بِشِرَاءِ الْأَوَّلِ أَوْ لَا يَعْلَمُ فَقَضَى لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ بِالْأَخْذِ مِنْ الْمُشْتَرِي لَا يَنْفُذُ، فَيُرَدُّ الْعَبْدُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْآخَرِ حَتَّى يَأْخُذَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ مِنْهُ، ثُمَّ يَأْخُذُهُ مِنْهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ بِالثَّمَنَيْنِ إنْ شَاءَ.
فَلَوْ أَخَذَهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ مِنْ الْمُشْتَرِي الْآخَرُ بِلَا قَضَاءٍ أَوْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ، ثُمَّ حَضَرَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ يَأْخُذُهُ مِنْ الْمَالِكِ الْقَدِيمِ بِأَلْفٍ، ثُمَّ يَأْخُذُهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ مِنْهُ بِالثَّمَنَيْنِ، وَكَذَا لَوْ وَهَبَهُ مِنْ الْمَوْلَى أَخَذَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ مِنْهُ بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ كَالْأَجْنَبِيِّ، ثُمَّ أَخَذَ الْمَوْلَى مِنْهُ بِالثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ، وَلَوْ أُسِرَ الْعَبْدُ الرَّهْنُ مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ بِأَلْفٍ، وَحَضَرَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فَحَقُّ الْأَخْذِ لِلْمُرْتَهِنِ، وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ كَمَا لَوْ جَنَى، وَفْدَاهُ، فَإِنْ أَبَى الْمُرْتَهِنُ أَخَذَهُ الرَّاهِنُ بِالثَّمَنِ، وَإِذَا أَخَذَ سَقَطَ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ وَالْفِدَاءُ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ أَلْفَيْنِ وَالدَّيْنُ أَلْفًا، وَبَقِيَ رَهْنًا كَمَا كَانَ، فَإِنْ أَبَى الْمُرْتَهِنُ أَنْ يَفْدِيَ فَفَدَاهُ الرَّاهِنُ أَخَذَ الْمُرْتَهِنُ الْعَبْدَ، فَكَانَ رَهْنًا بِنِصْفِ الدَّيْنِ، وَإِنْ أَبَى الرَّاهِنُ أَنْ يَفْدِيَهُ وَفْدَاهُ الْمُرْتَهِنُ، فَهُوَ رَهْنٌ بِحَالِهِ، وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فِي حِصَّةِ الرَّاهِنِ، فَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ غَائِبًا، وَفْدَاهُ الْمُرْتَهِنُ رَجَعَ عَلَى الرَّاهِنِ بِنِصْفِ الْفِدَاءِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَمْ يَكُنْ مُتَبَرِّعًا، وَعِنْدَهُمَا مُتَطَوِّعٌ، وَلَوْ كَانَ مِثْلِيًّا لَا يَأْخُذُ إنْ لَمْ يَفْدِ كَذَا فِي الْكَافِي.
الْكُفَّارُ إذَا اسْتَوْلَوْا عَلَى الْعَبْدِ الْجَانِي وَأَحْرَزُوهُ بِالدَّارِ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ، وَأَخْرَجُوهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَتَرَكَهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ، وَلَمْ يَأْخُذْهُ، وَأَرَادَ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ أَنْ يَأْخُذَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ مُجَرَّدُ الْحَقِّ فَلَا يَجُوزُ نَقْضُ الْمِلْكِ بِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ وَقَعَ الْمَأْسُورُ فِي سَهْمِ رَجُلٍ، وَلَمْ يَحْضُرْ مَوْلَاهُ حَتَّى أَعْتَقَهُ هَذَا الرَّجُلُ أَوْ دَبَّرَهُ جَازَ، فَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَزَوَّجَهَا، وَوَلَدَتْ مِنْ الزَّوْجِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَوَلَدَهَا، وَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ النِّكَاحَ، وَإِنْ كَانَ أَخَذَ عُقْرَهَا أَوْ أَرْشَ جِنَايَةٍ جُنِيَتْ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَوْلَى عَلَى ذَلِكَ سَبِيلٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَجُلٌ لَهُ كُرُّ تَمْرٍ فَارِسِيٍّ جَيِّدٍ أَخَذَهُ الْكُفَّارُ وَأَحْرَزُوهُ بِدَارِهِمْ، ثُمَّ دَخَلَ مُسْلِمٌ وَاشْتَرَاهُ مِنْهُمْ بِكُرَّيْ تَمْرٍ دَقَلٍ فَارِسِيٍّ فَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ حَضَرَ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ هَكَذَا ذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ وَذُكِرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ بِكُرَّيْ تَمْرٍ دَقَلٍ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي مِنْ الْعَدُوِّ يَمْلِكُ الْكُرَّ الْمَأْسُورَ بِشِرَاءٍ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الرِّبَا لَا يَجْرِي بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَثَبَتَ لَهُ حَقُّ الْأَخْذِ بِمَا قَامَ عَلَى الْمُشْتَرِي كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِدَرَاهِمَ، وَوَجْهُ مَا ذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ أَنَّ الْمُشْتَرِي مِنْ الْعَدُوِّ يَمْلِكُ الْكُرَّ الْمَأْسُورَ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى حَرَّمَ الرِّبَا مُطْلَقًا وَالْمُشْتَرَى بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ، وَالْقِيمَةُ هَهُنَا الْمِثْلُ فَلَا يُفِيدُ أَخْذُهُ، وَالْمُحَقِّقُونَ مِنْ مَشَايِخِنَا قَالُوا: مَا ذُكِرَ فِي السِّيَرِ قَوْلُهُمَا، وَمَا ذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّ عِنْدَهُ الرِّبَا يَجْرِي بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَوْ كَانَ اشْتَرَاهُ بِكُرِّ دَقَلٍ مِثْلَ كَيْلِهِ يَدًا بِيَدِ وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ كَانَ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهُ عَلَى الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَى هَذَا الْكُرَّ مِنْهُمْ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ، وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْعَدُوِّ ذِمِّيًّا كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِقِيمَةِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ.
وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْعَدُوِّ وَاشْتَرَى هَذَا الْكُرَّ بِكُرٍّ مِثْلِهِ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهُ عَلَى الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا، فَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ بِكُرٍّ مِثْلِهِ نَسِيئَةً، ثُمَّ أَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهُ، وَلَوْ أَخَذَ الْمُشْرِكُونَ أَلْفَ دِرْهَمٍ نَقَدَ بَيْتِ الْمَالِ لِرَجُلٍ وَأَحْرَزُوهَا بِدَارِهِمْ فَدَخَلَ مُسْلِمٌ دَارَهُمْ وَاشْتَرَاهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ غَلَّةً، وَتَفَرَّقُوا عَنْ قَبْضٍ، ثُمَّ أَخْرَجَهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ كَانَ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهَا عَلَى الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا بِمِثْلِ الْغَلَّةِ الَّتِي نَقَدَهَا، وَإِنْ اشْتَرَاهَا بِالدَّنَانِيرِ، وَأَخْرَجَهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ كَانَ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِدَنَانِيرَ مِثْلَهَا، كَذَلِكَ لَوْ أَنَّ هَذَا الْمُسْلِمَ بَاعَ مِنْهُمْ أَلْفَ دِرْهَمٍ غَلَّةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ نَقْدَ بَيْتِ الْمَالِ، فَنَقَدُوهُ الْأَلْفَ الْمُحْرَزَةَ، وَأَخْرَجَهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ كَانَ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهَا.
وَلَوْ أَحْرَزَ الْعَدُوُّ كُرَّ الْمُسْلِمِ، ثُمَّ دَخَلَ مُسْلِمٌ دَارَهُمْ بِأَمَانٍ وَأَسْلَمَ إلَيْهِمْ مِائَةَ دِرْهَمٍ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ سَلَمًا صَحِيحًا، فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ قَضَوْهُ الْكُرَّ الَّذِي أَحْرَزُوهُ بِدَارِهِمْ فَقَبَضَ، وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ كَانَ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِمِائَةٍ.
وَإِذَا بَاعَ الْمُسْلِمُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ عَرَضًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ نَقَدَ بَيْتِ الْمَالِ فَنَقَدُوهُ الْأَلْفَ الْمُحْرَزَةَ مَكَانَ تِلْكَ الْأَلْفِ فَقَبَضَهَا، وَأَخْرَجَهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لَيْسَ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهَا، وَلَوْ أَحْرَزَ كُرًّا لِمُسْلِمٍ، ثُمَّ دَخَلَ مُسْلِمٌ دَارَهُمْ بِأَمَانٍ وَبَاعَ مِنْهُمْ عَرْضًا بِكُرِّ حِنْطَةٍ فِي الذِّمَّةِ فَقَضَوْهُ الْكُرَّ الْمُحْرَزَ فَقَبَضَهُ، وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يَكُونُ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهُ وَلَوْ أَحْرَزَ كُرًّا لِمُسْلِمٍ فَدَخَلَ مُسْلِمٌ دَارَهُمْ وَأَقْرَضَهُمْ كُرًّا، فَقَضَوْهُ ذَلِكَ الْكُرَّ الَّذِي أَحْرَزَهُ فَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ عَلَيْهِ سَبِيلٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَقْرِضُ مِثْلَ الْمُحْرَزِ أَوْ دُونَهُ أَوْ أَجْوَدَ مِنْهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَخَذَ الْعَدُوُّ مِنْ مُسْلِمٍ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ، فَدَخَلَ مُسْلِمٌ، وَبَاعَ مِنْ الْعَدُوِّ مَتَاعًا بِعَشَرَةِ أَثْوَابٍ مَوْصُوفَةٍ إلَى أَجَلٍ فَقَضَاهُ الْأَثْوَابَ الْمُحْرَزَةَ لِلْمَالِكِ أَخَذَهَا بِقِيمَةِ الْمَتَاعِ.
وَلَوْ اشْتَرَى الْكُرَّ الْمُحْرَزَ مُسْلِمَانِ مِنْ الْعَدُوِّ، وَاقْتَسَمَاهُ وَاسْتَهْلَكَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ أَخْذَ الْمَالِكُ النِّصْفَ الْبَاقِي بِنِصْفِ الثَّمَنِ، وَلَوْ كَانَ ثِيَابًا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا أَخَذَ النِّصْفَ الْبَاقِيَ بِرُبْعِ الثَّمَنِ وَبِنِصْفِ قِيمَةِ الْهَالِكِ، وَإِنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ إبْرِيقَ فِضَّةٍ قِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَوَزْنُهُ خَمْسِمِائَةٍ فَاشْتَرَى مُسْلِمٌ مِنْ الْعَدُوِّ بِأَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهِ أَوْ بِأَقَلَّ أَخَذَهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ بِقِيمَتِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ بِمِثْلِ وَزْنِهِ دَرَاهِمَ يَدًا بِيَدٍ، وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ كَانَ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِقَدْرِ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ عَلَى الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا، وَلَوْ كَانَ اشْتَرَاهُ بِمِثْلِ وَزْنِهِ دَرَاهِمَ، وَلَكِنْ إلَى أَجَلٍ فَأَخْرَجَهُ إلَى دَارٍ الْإِسْلَامِ، فَهَذَا وَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِأَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ وَزْنِهِ سَوَاءٌ، وَإِنْ كَانَ اشْتَرَى هَذَا الْإِبْرِيقَ مِنْهُمْ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَخَذَهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ بِقِيمَتِهِ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ عَلَى الرِّوَايَاتِ.
وَلَوْ كَانَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ أَخَذَهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ بِقِيمَةِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ، وَذَكَرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ فِي عَبْدٍ أَسَرَهُ الْمُشْرِكُونَ اشْتَرَاهُ مُسْلِمٌ مِنْهُمْ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَرِطْلٍ مِنْ خَمْرٍ، وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ أَخَذَهُ الْمَوْلَى بِالْأَلْفِ وَتَمَامِ الْقِيمَةِ يُرِيدُ بِهِ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ بِكُلِّ قِيمَتِهِ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الْأَلْفِ، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَقَلَّ مِنْ الْأَلْفِ أَوْ الْأَلْفِ أَخَذَهُ بِالْأَلْفِ فِي الْفَصْلَيْنِ جَمِيعًا إنْ شَاءَ لَا يَنْقُصُ عَنْ الْأَلْفِ، وَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا بِسَبَبِ ذِكْرِ الْخَمْرِ وَلَوْ اشْتَرَاهُ الْمُسْلِمُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَمَيْتَةٍ أَوْ دَمٍ أَخَذَهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لَا يُزَادُ عَلَى الْأَلْفِ لِمَكَانِ الْمَيْتَةِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَكْثَرَ مِنْ الْأَلْفِ.
وَإِذَا غَصَبَ الرَّجُلُ مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا وَأَصَابَهُ الْمُشْرِكُونَ مِنْ يَدِ الْغَاصِبِ، وَأَحْرَزُوهُ بِدَارِهِمْ، ثُمَّ إنَّ الْمُسْلِمِينَ أَصَابُوهُ، ثُمَّ وَجَدَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فِي يَد الْغَانِمِينَ قَبْلَ أَنْ يُقَسِّمَ أَخَذَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَلَا ضَمَان عَلَى الْغَاصِبِ، وَإِنْ وَجَدَهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فِي يَدِ بَعْضِ الْغَانِمِينَ ذُكِرَ أَنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْعَبْدَ بِقِيمَتِهِ مِنْ الَّذِي وَقَعَ فِي سَهْمِهِ يَوْمَ يَأْخُذُ مِنْهُ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَأْخُذْهُ وَضَمِنَ الْغَاصِبُ قِيمَتَهُ يَوْمَ غَصْبِهِ، فَإِنْ دَفَعَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْأَخْذِ إلَى الَّذِي، وَقَعَ فِي سَهْمِهِ، وَأَخَذَ الْعَبْدَ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَمَنْ يَوْمِ الْأَخْذِ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ يَوْمَ الْغَصْبِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْأَخْذِ أَلْفَا دِرْهَمٍ، فَأَخَذَ الْعَبْدَ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ مِنْ الَّذِي وَقَعَ فِي سَهْمِهِ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَذَلِكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ تَرَاجَعَ السِّعْرُ حَتَّى صَارَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ خَمْسَمِائَةِ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِخَمْسِمِائَةٍ هَذَا إذَا اخْتَارَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَخَذَ الْعَبْدِ مِنْ يَدِ مَنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ بِالْقِيمَةِ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَأْخُذْ الْعَبْدَ، وَضَمِنَ الْغَاصِبُ قِيمَتَهُ يَوْمَ غَصْبِهِ مِنْهُ، فَإِنْ ضَمِنَ الْغَاصِبُ فَالْجَوَابُ فِي الْغَاصِبِ بَعْدَ هَذَا كَالْجَوَابِ فِي حَقِّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ، فَإِنْ وَجَدَ الْغَاصِبُ الْعَبْدَ فِي يَدِ الْغَانِمِينَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَخَذَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَأَنْ وَجَدَهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَخَذَهُ بِالْقِيمَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ وَلَكِنَّ رَجُلَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ اشْتَرَاهُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ كَانَ مَوْلَاهُ لَمْ يَضْمَنْ الْغَاصِبُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْعَبْدَ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْمُشْتَرِي.
وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَأْخُذْ، وَضَمِنَ الْغَاصِبُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ، فَإِنْ أَخَذَهُ بِالثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي مِنْ الْعَدُوِّ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَبِالْأَقَلِّ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَ الْعَبْدَ بِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ تَرَكَ الْعَبْدَ، وَلَمْ يَأْخُذْهُ مِنْ الْمُشْتَرِي مِنْ الْعَدُوِّ، وَضَمِنَ الْغَاصِبُ قِيمَةَ الْعَبْدِ يَوْمَ الْغَصْبِ فَلَا سَبِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْعَبْدِ، وَيَقُومُ الْغَاصِبُ مَقَامَ صَاحِبِ الْعَبْدِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْعَبْدَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ.
فَإِذَا دَفَعَ الْغَاصِبُ الثَّمَنَ إلَى الْمُشْتَرِي وَأَخَذَ مِنْهُ الْعَبْدَ أَوْ دَفَعَ الْقِيمَةَ إلَى الَّذِي وَقَعَ فِي سَهْمِهِ، وَأَخَذَ مِنْهُ الْعَبْدَ، فَأَرَادَ صَاحِبُ الْعَبْدِ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ الْقِيمَةَ، وَيَأْخُذَ مِنْهُ الْعَبْدَ هَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ أَخَذَ صَاحِبُ الْعَبْدِ الْقِيمَةَ بِزَعْمِهِ بِأَنْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ قِيمَةِ الْعَبْدِ فَقَالَ الْغَاصِبُ: قِيمَةُ الْعَبْدِ يَوْمَ الْغَصْبِ كَانَتْ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَصَاحِبُ الْعَبْدِ يَقُول: كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَأَقَامَ مَوْلَى الْعَبْدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ الْقِيمَةِ، وَأَخَذَ مِنْ الْغَاصِبِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ أَوْ اسْتَحْلَفَ الْغَاصِبَ بِأَنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى مَا ادَّعَى، فَنَكَلَ الْغَاصِبُ عَنْ الْيَمِينِ، فَأَخَذَ مِنْهُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ أَوْ اصْطَلَحَا وَتَرَاضَيَا عَلَى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ كَمَا يَدَّعِيهِ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَفِي الْفُصُولِ الثَّلَاثَةِ لَا يَتَخَيَّرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ الْقِيمَةَ عَلَى الْغَاصِبِ وَأَخْذِ الْعَبْدِ مِنْهُ وَبَيَّنَ أَنْ يَتْرُكَ الْعَبْدَ عَلَيْهِ.
وَإِنْ كَانَ أَخَذَ الْقِيمَةَ بِزَعْمِ الْغَاصِبِ بِأَنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ، وَاسْتَحْلَفَ الْغَاصِبَ فَحَلَفَ، فَأَخَذَ مِنْهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ كَمَا قَالَهُ الْغَاصِبُ، ثُمَّ وَجَدَ الْعَبْدَ، فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ إنْ شَاءَ رَدَّ الْقِيمَةَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ الْغَاصِبِ عَلَى الْغَاصِبِ وَأَخَذَ عَبْدَهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الْعَبْدَ، ثُمَّ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْكِتَابِ أَنَّ صَاحِبَ الْعَبْدِ مَتَى أَخَذَ الْقِيمَةَ بِزَعْمِ الْغَاصِبِ، ثُمَّ وَجَدَ الْعَبْدَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ فِي يَدِ الَّذِي وَقَعَ فِي سَهْمِهِ، وَكَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْعَبْدِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ يَتَخَيَّرُ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ إذَا وَجَدَ قِيمَةَ الْعَبْدِ مِثْلَ مَا قَالَهُ الْغَاصِبُ أَوْ أَقَلَّ هَلْ يَتَخَيَّرُ؟ حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي رِوَايَةٍ: يَتَخَيَّرُ وَفِي رِوَايَةٍ: لَا يَتَخَيَّرُ، ثُمَّ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ إذَا قَالَ صَاحِبُ الْعَبْدِ: أَنَا أَمْسِكُ الْقِيمَةَ وَأَرْجِعُ بِمَا فَضُلَ عَلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ إلَى تَمَامِ قِيمَتِهِ يَوْمَ ظَهَرَ الْعَبْدُ لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ إنَّمَا لَهُ رَدُّ الْقِيمَةِ، وَأَخْذُ الْعَبْدِ أَوْ إمْسَاكُ الْقِيمَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
الْعَيْنُ الْمُحْرَزَةُ لَوْ كَانَتْ فِي يَدِ مُسْتَأْجِرٍ أَوْ مُسْتَعِيرٍ أَوْ مُسْتَوْدِعٍ هَلْ لَهُ الْمُخَاصِمَةُ وَالِاسْتِرْدَادُ أَوْ لَا؟ قَالُوا: لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُخَاصِمَ فِي الْمَغْنُومِ، وَيَأْخُذَهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَكَذَا الْمُسْتَعِيرُ وَالْمُسْتَوْدَعُ، فَإِذَا أَخَذَهُ الْمُسْتَأْجِرُ عَادَ الْعَبْدُ إلَى الْإِجَارَةِ، وَسَقَطَتْ عَنْهُ الْأُجْرَةُ فِي مُدَّةِ أَسْرِهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَإِنْ جَحَدَ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَكُونَ الْمَأْسُورُ إجَارَةً عِنْدَهُ احْتَاجَ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ إجَارَةً فِي يَدِهِ وَإِذَا قَبِلَ الْحَاكِمُ الْبَيِّنَةَ، وَرَدَّهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ حَضَرَ الْآجِرُ فَأَنْكَرَ الْإِجَارَةَ فِيهِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ وَدِيعَةً أَوْ عَارِيَّةً فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْعَبْدِ، فَأَمَّا إذَا وَجَدَهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ كَانَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ الَّذِي وَقَعَ فِي سَهْمِهِ أَيْضًا، فَإِنْ أَنْكَرَ الَّذِي وَقَعَ فِي سَهْمِهِ أَنَّ الْمَأْسُورَ كَانَ إجَارَةً عِنْدَهُ وَأَقَامَ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِجَارَةِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى إثْبَاتِ الْإِجَارَةِ، وَيَكُونُ خَصْمًا فِي إثْبَاتِهَا، ثُمَّ هُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْمُسْتَأْجِرِ مُسْتَعِيرٌ أَوْ مُسْتَوْدَعٌ، وَقَدْ وَجَدَهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَنْتَصِبُ خَصْمًا لِلَّذِي وَقَعَ فِي سَهْمِهِ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ الْمَأْسُورَ كَانَ فِي يَدِهِ وَدِيعَةٌ أَوْ عَارِيَّةٌ، فَإِنَّهُ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ، وَلَا يَكُونُ لَهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَنْ يَأْخُذَ الْمَأْسُورَ مِنْ الَّذِي وَقَعَ فِي سَهْمِهِ بِالْقِيمَةِ، وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ بَعْدَ الْقِسْمَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَلْوَصِيِّ أَنْ يَأْخُذَ الْمَأْسُورَ لِلْيَتِيمِ بِالثَّمَنِ مِنْ مُشْتَرِيهِ، وَلَا يَأْخُذَهُ لِنَفْسِهِ قَالُوا: وَهَذَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ الْحَرْبِيِّ مِثْلَ قِيمَتِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
فِي الْمُنْتَقَى عَبْدٌ لِمُسْلِمٍ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ وَأَحْرَزُوهُ بِدَارِهِمْ فَدَخَلَ مُسْلِمٌ، وَاشْتَرَاهُ، وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، فَتَزَوَّجَ عَلَى رَقَبَتِهِ امْرَأَةً، ثُمَّ حَضَرَ الْمَوْلَى الْأَوَّلُ أَخَذَ إنْ شَاءَ بِقِيمَتِهِ، وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِغَيْرِ مَهْرٍ، ثُمَّ صَالَحَهَا عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ إلَيْهَا هَذَا الْعَبْدَ بِالْمَهْرِ الَّذِي وَجَبَ لَهَا قِيلَ لِمَوْلَى الْعَبْدِ إنْ شِئْتَ فَخُذْهُ بِمَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ دَعْ، وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ دَعْوَى قَبْلَ الْمُشْتَرِي فِي دَارٍ، وَلَمْ يُبَيِّنْ الدَّعْوَى فَصَالَحَهُ عَنْ دَعْوَاهُ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ أَخَذَهُ الْمَوْلَى بِقِيمَةِ الْعَبْدِ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الدَّعْوَى، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُصَالِحِ.
عَبْدٌ مُسْلِمٌ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ، وَأَحْرَزُوهُ بِدَارِهِمْ، ثُمَّ أَفْلَتَ مِنْهُمْ، وَأَخَذَ مَالًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَخَرَجَ هَارِبًا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، فَأَخَذَهُ مُسْلِمٌ، ثُمَّ جَاءَ مَوْلَاهُ لَمْ يَأْخُذْهُ مِنْهُ إلَّا بِالْقِيمَةِ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَمَا فِي يَدِهِ مِنْ الْمَالِ فَهُوَ لِمَنْ أَخَذَهُ، وَلَا سَبِيلَ لِلْمَوْلَى عَلَيْهِ، أَوَمَا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنَّ الْمَوْلَى يَأْخُذُ الْعَبْدَ بِغَيْرِ شَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ صَارَ فَيْئًا لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ يَأْخُذُهُ الْإِمَامُ، وَيَرْفَعُ خُمُسَهُ وَيُقَسِّمُ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ رَجَعَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ قَوْلِهِ وَقَالَ: إذَا أَخَذَهُ، فَهُوَ غَنِيمَةُ آخِذِهِ وَأُخْمِسُ إذَا لَمْ يَحْضُرْ الْمَوْلَى، وَأَجْعَلُ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ الْعَبْدِ وَالْمَالِ الَّذِي مَعَهُ لِلْآخِذِ، فَإِنْ جَاءَ مَوْلَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَخَذَهُ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ جَاءَ مَوْلَاهُ قَبْلَ أَنْ يُخَمِّسَ أَخَذَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ.
عَبْدٌ لِمُسْلِمٍ سَبَاهُ أَهْلُ الْحَرْبِ فَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ، ثُمَّ غَلَبَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ أَخَذَهُ مَوْلَاهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَذَلِكَ الْعِتْقُ بَاطِلٌ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ مَا أَخْرَجَهُ الْمُسْلِمُونَ قَبْلَ أَنْ يُقَسِّمُوهُ جَازَ عِتْقُهُ.
حَرْبِيٌّ دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ، فَسَرَقَ مِنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ طَعَامًا أَوْ مَتَاعًا، وَدَخَلَ بِهِ أَرْضُ الْحَرْبِ فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ مُسْلِمٌ، وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، أَخَذَهُ صَاحِبُهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْحَرْبِيَّ كَانَ ضَامِنًا لَهُ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ، فَلَا يَكُونُ مُحْرِزًا لَهُ بِإِدْخَالِهِ دَارَ الْحَرْبِ وَلَوْ أَوْدَعَ مُسْلِمٌ عِنْدَ هَذَا الْمُسْتَأْمَنِ مَالًا، وَذَهَبَ بِهَا إلَى دَارِ الْحَرْبِ، فَهُوَ مُحْرِزٌ بِهَا، وَإِنْ أَسْلَمَ عَلَيْهَا أَوْ صَارَ ذِمَّةً، فَهِيَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ضَامِنًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ.
حَرْبِيٌّ يَدْخُلُ إلَيْنَا بِأَمَانٍ وَمَعَهُ عَبْدٌ قَدْ كَانَ أَخَذَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَحْرَزَهُ بِدَارِ الْحَرْبِ فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ لَا يَكُونُ لِلْمَالِكِ الْأَوَّلِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ مِنْ هَذَا الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ.
بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: فِي الْإِمْلَاءِ الْأَمَةُ الْمَأْسُورَةُ إذَا اشْتَرَاهَا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ مُسْلِمٌ أَوْ وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ فَأَخَذَهَا مِنْهُ مَوْلَاهَا بِحُكْمِ حَاكِمٍ اتَّبَعَهَا مَا كَانَ فِي عُنُقِهَا مِنْ الدَّيْنِ وَالْجِنَايَةِ قَبْلَ السَّبْيِ، وَرَدَّهَا بِعَيْبٍ قَدِيمٍ إنْ وَجَدَهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ، وَرَجَعَ بِنُقْصَانِ عَيْبِهَا عَلَيْهِ إنْ كَانَ حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ يَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ، وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَلَا عَلَى الَّذِي وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ، وَإِنْ كَانَ حَدَثَ عَيْبٌ فِي يَدِ أَهْلِ الْحَرْبِ أَوْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي مِنْهُمْ أَوْ فِي يَدِ الَّذِي وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ رَدَّهَا عَلَيْهِ بِذَلِكَ، فَإِنْ مَاتَتْ عِنْدَهُ أَوْ حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ لَمْ يَرْجِعْ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ، وَإِنْ كَانَ أَخَذَهَا مِنْهُ بِغَيْرِ حُكْمٍ اتَّبَعَهَا الدَّيْنُ، وَلَا يَتَّبِعُهَا الْجِنَايَةُ، وَلَا يَرُدُّهَا عَلَى بَائِعِهَا الْأَوَّلِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ، وَيَرُدُّهَا عَلَى الَّذِي أَخَذَهَا مِنْهُ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ وَإِنْ مَاتَتْ فِي يَدِهِ رَجَعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ عَلَيْهِ وَلَوْ اسْتَحَقَّهَا مُسْتَحِقٌّ مِنْ يَدِ الَّذِي أَخَذَهَا بِالْقِيمَةِ، فَإِنْ كَانَ أَخَذَهَا بِالْحُكْمِ رَدَّهَا عَلَى مَنْ أَخَذَهَا مِنْهُ، ثُمَّ أَخَذَهَا هَذَا الْمُسْتَحِقُّ مِنْهُ بِالْقِيمَةِ أَوْ بِالثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ أَخَذَهَا بِغَيْرِ حُكْمٍ أَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ بِبَيِّنَةٍ بِمَا أَخَذَهَا بِهِ، وَيَرْجِعُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا عَلَى بَائِعِهِ فِي الْأَصْلِ إنْ كَانَ اشْتَرَاهَا، وَإِنْ كَانَ أَعْتَقَهَا الَّذِي أَخَذَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ بِالثَّمَنِ أَوْ وَلَدَتْ مِنْهُ وَلَدًا، فَإِنْ كَانَ أَخَذَهَا بِقَضَاءِ الْقَاضِي، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُبْطِلُ عِتْقَهُ إذَا اسْتَحَقَّهَا هَذَا الْمُسْتَحِقُّ، وَيُرَدُّ الْوَلَدُ رَقِيقًا فِي الْقِيَاسِ، وَلَكِنِّي أَسْتَحْسِنُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالْقِيمَةِ.
.
وَلَوْ أَنَّ عَبْدَيْنِ أَسَرَهُمَا أَهْلُ الْحَرْبِ، فَاشْتَرَاهُمَا رَجُلٌ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ فَلِلْمَوْلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدَهُمَا بِالْحِصَّةِ وَيَتْرُكَ الْآخَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَجُلٌ أَسَرَ الْمُشْرِكُونَ عَبْدَهُ، فَأَمَرَ الْمَوْلَى أَنْ يَشْتَرِيَ الْعَبْدَ لَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَاشْتَرَاهُ الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ فَهُوَ لِلْآمِرِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَسْتَوْهِبَهُ لَهُ فَاسْتَوْهَبَهُ لِنَفْسِهِ، فَهُوَ لِلْمَوْلَى، وَكَذَلِكَ لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَسْتَوْهِبَهُ لِمَوْلَاهُ فَاشْتَرَاهُ الْمَأْمُورُ مِنْهُمْ، وَهُوَ مُسْلِمٌ بِخَمْرٍ، فَهُوَ لِمَوْلَاهُ، وَهُوَ هِبَةٌ مِنْهُمْ لَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَنَّ الْمَالِكَ عَلِمَ بِإِخْرَاجِ مَمْلُوكِهِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ، فَلَمْ يَطْلُبُ شَهْرًا لَا يَسْقُطْ حَقُّهُ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ يَسْقُطُ، وَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى الْمَأْسُورُ مِنْهُ بَعْدَ إخْرَاجِ الْمُشْتَرِي كَانَ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يَأْخُذُوهُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَيْسَ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ أَنْ يَأْخُذَهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَأْخُذُوهُ.
لَوْ أَسَرَ الْحَرْبِيُّ عَبْدًا مُسْلِمًا لِمُسْلِمٍ، فَأَحْرَزَهُ بِدَارِ الْحَرْبِ، فَأَعْتَقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ كَانَتْ جَارِيَةٌ فَاسْتَوْلَدَهَا، ثُمَّ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ عَتَقُوا جَمِيعًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَبْدٌ لِمُسْلِمٍ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ، ثُمَّ أَسَرُوهُ ثَانِيًا، فَوَهَبُوهُ لِلْمُشْتَرِي الَّذِي أُسِرَ مِنْ يَدِهِ فَلِمَوْلَاهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ هَذَا بِالْقِيمَةِ وَالثَّمَنِ جَمِيعًا.
بِشْرٌ فِي نَوَادِرِهِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَجُلٌ غَصَبَ عَبْدًا، فَأَسَرَهُ الْعَدُوُّ، فَوَجَدَ الْغَاصِبُ الْعَبْدَ فِي يَدَيْ رَجُلٍ قَدْ اشْتَرَاهُ مِنْهُمْ، فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَحْضُرَ الْمَوْلَى.
وَفِي الْإِمْلَاءِ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا أَسَرَ الْمُشْرِكُونَ عَبْدًا لِصَغِيرٍ، ثُمَّ وَقَعَ فِي سَهْمِ رَجُلٍ فَسَلَّمَ أَبُوهُ فَكَبُرَ الصَّغِيرُ قَالَ: هُوَ عَلَى حَقِّهِ فِي الْعَبْدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَا يَمْلِكُ عَلَيْنَا أَهْلُ الْحَرْبِ بِالْغَلَبَةِ أَحْرَارَنَا وَمُدَبَّرِينَا وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِنَا وَمُكَاتَبِينَا وَنَمْلِكُ عَلَيْهِمْ جَمِيعَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْكَافِي.
إذَا كَانَ الْمَأْسُورُ مُدَبَّرًا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ لِمُسْلِمٍ، فَإِنَّ الْمَالِكَ الْقَدِيمَ يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، وَيُعَوِّضُ الْإِمَامُ مَنْ وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ قِيمَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِنْ اشْتَرَاهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَلِمَوْلَاهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَلَوْ كَانَ الْمَأْسُورُ حُرًّا، فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ، وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِنَا لَا شَيْءَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْحُرِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحُرُّ أَمَرَهُ بِذَلِكَ، فَيَكُونُ الثَّمَنُ دَيْنًا عَلَيْهِ.
وَإِذَا أَبَقَ عَبْدٌ لِمُسْلِمٍ فَدَخَلَ إلَيْهِمْ، فَأَخَذُوهُ لَمْ يَمْلِكُوهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ كَانَ مَكَان الْعَبْدِ مُكَاتَبٌ أَوْ مُدَبَّرٌ أَوْ أُمُّ وَلَدٍ أَوْ مُسْتَسْعًى، فَإِنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَهُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ لَهُمْ الْمِلْكُ فِي الْعَبْدِ الْآبِقِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَأْخُذُهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ بِغَيْرِ شَيْءٍ مَوْهُوبًا كَانَ أَوْ مُشْتَرًى أَوْ مَغْنُومًا قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَوْ بَعْدَهَا إلَّا أَنَّ بَعْدَ الْقِسْمَةِ يُؤَدِّي عِوَضَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَلَيْسَ لَهُ عَلَى الْمَالِكِ جُعْلُ الْآبِقِ، وَقَدْ قَالُوا فِي الْعَبْدِ إذَا أَبَقَ فِي يَدِهِ مَالٌ لِلْمَوْلَى أَنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ يَمْلِكُونَ مَا فِي يَدِهِ، وَلَا يَمْلِكُونَهُ، فَإِنْ نَدَّ إلَيْهِمْ بَعِيرٌ، فَأَخَذُوهُ وَمَلَكُوهُ، وَإِنْ اشْتَرَاهُ رَجُلٌ وَدَخَلَ بِهِ دَارَ الْإِسْلَامِ فَصَاحِبُهُ يَأْخُذُهُ بِالثَّمَنِ إنْ شَاءَ، وَإِنْ أَبَقَ عَبْدٌ إلَيْهِمْ، وَذَهَبَ مَعَهُ بِفَرَسٍ وَمَتَاعٍ فَأَخَذَ الْمُشْرِكُونَ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَاشْتَرَى رَجُلٌ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّ الْمَوْلَى يَأْخُذُ الْعَبْدَ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَالْفَرَسَ وَالْمَتَاعَ بِالثَّمَنِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
إذَا أَسْلَمَ عَبْدُ الْحَرْبِيِّ، ثُمَّ خَرَجَ إلَيْنَا أَوْ ظَهَرَ عَلَى الدَّارِ فَهُوَ حُرٌّ، كَذَا إذَا خَرَجَ عَبِيدُهُمْ إلَى عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ، فَهُمْ أَحْرَارٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
دَخَلَ الْحَرْبِيُّ إلَيْنَا بِأَمَانٍ، فَاشْتَرَى عَبْدًا مُسْلِمًا فَدَخَلَ بِهِ دَارَ الْحَرْبِ، فَإِنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَهُمَا لَا يُعْتَقُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْعَبْدُ ذِمِّيًّا، وَإِذَا أَسْلَمَ عَبْدُ الْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَهُوَ عَبْدُهُ عَلَى حَالِهِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، فَإِنْ بَاعَهُ الْحَرْبِيُّ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ حَرْبِيٍّ عَتَقَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَهُمَا لَا يُعْتَقُ.
وَلَوْ أَسْلَمَ حَرْبِيٌّ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَلَهُ رَقِيقٌ هُنَاكَ فَخَرَجَ إلَى دَارِنَا مُسْلِمًا، ثُمَّ تَبِعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَبْدُهُ مُسْلِمًا، فَهُوَ عَبْدٌ لِمَوْلَاهُ، وَكَذَا إذَا خَرَجَ كَافِرٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
إذَا أَسْلَمَ أَهْلُ الْحَرْبِ عَلَى مَالٍ أَخَذُوهُ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ صَارُوا ذِمَّةً فَهُوَ لَهُمْ، وَلَا سَبِيلَ لِلْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ، وَكَذَلِكَ لَوْ خَرَجَ إلَيْنَا وَمَعَهُ ذَلِكَ الْمَالُ، فَإِنَّهُ لَا يُتَعَرَّضُ لَهُ فِيهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
لَوْ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ أَسَرُوا أُسَرَاءَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، فَلَمْ يُقَسِّمُوا وَلَمْ يَخْرُجُوهُمْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ حَتَّى هَرَبُوا مِنْ أَيْدِيهِمْ إلَى مَأْمَنِهِمْ أَوْ ظَهَرَ الْمُشْرِكُونَ عَلَيْهِمْ وَرَدُّوهُمْ إلَى مَأْمَنِهِمْ، ثُمَّ إنَّ قَوْمًا آخَرِينَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ظَهَرُوا عَلَى أُولَئِكَ السَّبْيِ بِأَعْيَانِهِمْ، فَأَخَذُوهُمْ وَأَخْرَجُوهُمْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَقَسَّمُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ أَوْ لَمْ يُقَسِّمُوا، ثُمَّ اخْتَصَمَ الْفَرِيقَانِ عِنْدَ الْقَاضِي، فَالْفَرِيقُ الْآخَرُ أَحَقُّ بِالْأُسَرَاءِ.
فَلَوْ أَنَّ الْفَرِيقَ الْأَوَّلَ لَمْ يُخْرِجُوهُمْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَكِنْ اقْتَسَمُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا فَالْفَرِيقُ الْأَوَّلُ أَحَقُّ بِهِمْ، فَإِنْ وَجَدُوهَا فِي يَدِ الْفَرِيقِ الْآخَرِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَخَذُوهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ وَإِنْ وَجَدُوهَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَخَذُوهَا بِالْقِيمَةِ إنْ شَاءُوا كَمَا فِي سَائِرِ أَمْلَاكِهِمْ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ الْفَرِيقَ الْأَوَّلَ أَخْرَجُوهُمْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَاقْتَسَمُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ، ثُمَّ هَرَبُوا أَوْ رُدُّوا إلَى دَارِ الْحَرْبِ، وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا، فَالْفَرِيقُ الْأَوَّلُ أَحَقُّ بِهِمْ، فَأَمَّا إذَا أَخْرَجُوهُمْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يَقْتَسِمُوا حَتَّى هَرَبُوا أَوْ رُدُّوا إلَى دَارِ الْحَرْبِ، وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا إنْ حَضَرَ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ بَعْدَ مَا اقْتَسَمَ الْفَرِيقُ الْآخَرُ فَالْفَرِيقُ الْآخَرُ أَحَقُّ بِهِمْ هَكَذَا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الزِّيَادَاتِ، أَمَّا إذَا حَضَرَ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ قَبْلَ أَنْ يَقْتَسِمَ الْفَرِيقُ الْآخَرُ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ أَحَقُّ، وَفِي رِوَايَةٍ الْفَرِيقُ الْآخَرُ أَحَقُّ وَلَوْ أَنَّ الْفَرِيقَ الْأَوَّلَ أَحْرَزُوهُمْ بِدَارِ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يُقَسِّمُوا، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ الْمُشْرِكُونَ، وَأَخَذُوهُمْ فَلَمْ يُحْرِزُوهُمْ بِدَارِ الْحَرْبِ حَتَّى ظَهَرَ عَلَيْهِمْ قَوْمٌ آخَرُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَأَخَذُوهُمْ مِنْ أَيْدِيهِمْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُمْ يُرَدُّونَ عَلَى الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ اقْتَسَمَ الْفَرِيقُ الثَّانِي فِيمَا بَيْنَهُمْ أَوْ لَمْ يَقْتَسِمُوا قَالَ فِي الْكِتَابِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي قَسَّمَ بَيْنَ الْفَرِيقِ الثَّانِي إمَامًا يَرَى مَا صَنَعَهُ الْمُشْرِكُونَ تَمَلُّكًا وَإِحْرَازًا فَحِينَئِذٍ كَانَ الْفَرِيقُ الثَّانِي أَوْلَى بِهِمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
اعْلَمْ أَنَّ دَارَ الْحَرْبِ تَصِيرُ دَارُ الْإِسْلَامِ بِشَرْطٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ إظْهَارُ حُكْمِ الْإِسْلَامِ فِيهَا.
قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الزِّيَادَاتِ: إنَّمَا تَصِيرُ دَارَ الْإِسْلَامِ دَارَ الْحَرْبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَحَدُهَا: إجْرَاءُ أَحْكَامِ الْكُفَّارِ عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِهَارِ وَأَنْ لَا يُحْكَمَ فِيهَا بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ، وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ مُتَّصِلَةً بِدَارِ الْحَرْبِ لَا يَتَخَلَّلُ بَيْنَهُمَا بَلَدٌ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ، وَالثَّالِثُ: أَنْ لَا يَبْقَى فِيهَا مُؤْمِنٌ، وَلَا ذِمِّيٌّ آمِنًا بِأَمَانِهِ الْأَوَّلِ الَّذِي كَانَ ثَابِتًا قَبْلَ اسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ لِلْمُسْلِمِ بِإِسْلَامِهِ وَلِلذِّمِّيِّ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إمَّا أَنْ يَغْلِبَ أَهْلُ الْحَرْبِ عَلَى دَارٍ مِنْ دُورِنَا أَوْ ارْتَدَّ أَهْلُ مِصْرٍ وَغُلِبُوا وَأَجْرَوْا أَحْكَامَ الْكُفْرِ أَوْ نَقَضَ أَهْلُ الذِّمَّةِ الْعَهْدَ، وَتَغَلَّبُوا عَلَى دَارِهِمْ، فَفِي كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الصُّوَرِ لَا تَصِيرُ دَارَ حَرْبٍ إلَّا بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- بِشَرْطٍ وَاحِدٍ لَا غَيْرَ، وَهُوَ إظْهَارُ أَحْكَامِ الْكُفْرِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ، ثُمَّ هَذِهِ الدَّارُ إذَا صَارَتْ دَارَ الْحَرْبِ بِاجْتِمَاعِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ لَوْ افْتَتَحَهَا الْإِمَامُ، ثُمَّ جَاءَ أَهْلُهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَخَذُوهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَبَعْدَ الْقِسْمَةِ بِالْقِيمَةِ، وَلَوْ افْتَتَحَهَا الْإِمَامُ عَادَتْ إلَى الْحُكْمِ الْأَوَّلِ، الْخَرَاجِيُّ يَصِيرُ خَرَاجِيًّا وَالْعُشْرِيُّ يَصِيرُ عُشْرِيًّا إلَّا إذَا كَانَ الْإِمَامُ وَضَعَ عَلَيْهَا الْخَرَاجَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَإِنَّهَا لَا تَعُودُ عُشْرِيَّةٍ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.