فصل: الْبَابُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ فِي الْجَنَائِزِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ:

وَهِيَ وَاجِبَةٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَيُسْتَحَبُّ يَوْمَ الْفِطْرِ لِلرَّجُلِ الِاغْتِسَالُ وَالسِّوَاكُ وَلُبْسُ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
جَدِيدًا كَانَ أَوْ غَسِيلًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَيُسْتَحَبُّ التَّخَتُّمُ وَالتَّطَيُّبُ وَالتَّبْكِيرُ وَهُوَ سُرْعَةُ الِانْتِبَاهِ وَالِابْتِكَارُ وَهُوَ الْمُسَارَعَةُ إلَى الْمُصَلَّى وَأَدَاءُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَصَلَاةُ الْغَدَاةِ فِي مَسْجِدِ حَيِّهِ وَالْخُرُوجُ إلَى الْمُصَلَّى مَاشِيًا وَالرُّجُوعُ فِي طَرِيقٍ آخَرَ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَلَا بَأْسَ بِالرُّكُوبِ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَالْمَشْيُ أَفْضَلُ فِي حَقِّ مَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَاسْتُحِبَّ فِي عِيدِ الْفِطْرِ أَنْ يَأْكُلَ قَبْلَ الْخُرُوجِ إلَى الْمُصَلَّى تُمَيْرَاتٍ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ وِتْرًا وَإِلَّا مَا شَاءَ مِنْ أَيِّ حُلْوٍ كَانَ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ.
وَلَوْ لَمْ يَأْكُلْ قَبْلَ الصَّلَاةِ لَا يَأْثَمُ وَلَوْ لَمْ يَأْكُلْ بَعْدَهَا إلَى الْعِشَاءِ رُبَّمَا يُعَاقَبُ عَلَيْهِ وَالْأَضْحَى كَالْفِطْرِ فِيهَا إلَّا أَنَّهُ يَتْرُكُ الْأَكْلَ حَتَّى يُصَلِّيَ الْعِيدَ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَفِي الْكُبْرَى الْأَكْلُ قَبْلَ الصَّلَاةِ يَوْمَ الْأَضْحَى هَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ لَا يَفْعَلَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ أَوَّلُ تَنَاوُلِهِمْ مِنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ الَّتِي هِيَ ضِيَافَةُ اللَّهِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ.
الْخُرُوجُ إلَى الْجَبَّانَةِ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ سُنَّةٌ وَإِنْ كَانَ يَسَعُهُمْ الْمَسْجِدُ الْجَامِعُ، عَلَى هَذَا عَامَّةُ الْمَشَايِخِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَتَجُوزُ إقَامَةُ صَلَاةِ الْعِيدِ فِي مَوْضِعَيْنِ وَأَمَّا إقَامَتُهَا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- تَجُوزُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لَا تَجُوزُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَا يُخْرَجُ الْمِنْبَرُ إلَى الْجَبَّانَةِ يَوْمَ الْعِيدِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي بِنَاءِ الْمِنْبَرِ فِي الْجَبَّانَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُكْرَهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُكْرَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يَخْرُجَ مَاشِيًا إلَى الْمُصَلَّى عَلَى السَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ مَعَ غَضِّ الْبَصَرِ عَمَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُبْصِرَ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَيُكَبِّرُ فِي الطَّرِيقِ فِي الْأَضْحَى جَهْرًا يَقْطَعُهُ إذَا انْتَهَى إلَى الْمُصَلَّى وَهُوَ الْمَأْخُوذُ بِهِ وَفِي الْفِطْرِ الْمُخْتَارُ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ لَا يَجْهَرُ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ بِهِ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ أَمَّا سِرًّا فَمُسْتَحَبٌّ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
تَجِبُ صَلَاةُ الْعِيدِ عَلَى كُلِّ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَيُشْتَرَطُ لِلْعِيدِ مَا يُشْتَرَطُ لِلْجُمُعَةِ إلَّا الْخُطْبَةَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، فَإِنَّهَا سُنَّةٌ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ بِدُونِهَا وَإِنْ خَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ جَازَ وَيُكْرَهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَلَا تُعَادُ الْخُطْبَةُ بَعْدَ الصَّلَاةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا بَعْدَ الرُّجُوعِ إلَى مَنْزِلِهِ، كَذَا فِي الزَّادِ.
إذَا قَضَى صَلَاةَ الْفَجْرِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ لَا بَأْسَ بِهِ وَلَوْ لَمْ يُصَلِّ صَلَاةَ الْفَجْرِ لَا يَمْنَعُ جَوَازَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَكَذَا يَجُوزُ قَضَاءُ الْفَوَائِتِ الْقَدِيمَةِ قَبْلَهَا لَكِنْ لَوْ قَضَاهَا بَعْدَهَا فَهُوَ أَحَبُّ وَأَوْلَى، هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْحُجَّةِ.
وَوَقْتُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ مِنْ حِينِ تَبْيَضُّ الشَّمْسُ إلَى أَنْ تَزُولَ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَكَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُعَجَّلَ الْأَضْحَى وَيُؤَخَّرَ الْفِطْرُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَيُصَلِّي الْإِمَامُ رَكْعَتَيْنِ فَيُكَبِّرُ تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ ثُمَّ يَسْتَفْتِحُ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا ثُمَّ يَقْرَأُ جَهْرًا ثُمَّ يُكَبِّرُ تَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ فَإِذَا قَامَ إلَى الثَّانِيَةِ قَرَأَ ثُمَّ كَبَّرَ ثَلَاثًا وَرَكَعَ بِالرَّابِعَةِ فَتَكُونُ التَّكْبِيرَاتُ الزَّوَائِدُ سِتًّا ثَلَاثًا فِي الْأُولَى وَثَلَاثًا فِي الْأُخْرَى، وَثَلَاثٌ أَصْلِيَّاتٌ تَكْبِيرَةُ الِافْتِتَاحِ وَتَكْبِيرَتَانِ لِلرُّكُوعِ فَيُكَبِّرُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ تِسْعَ تَكْبِيرَاتٍ وَيُوَالِي بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ وَهَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ بِهَا أَخَذَ أَصْحَابُنَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الزَّوَائِدِ وَيَسْكُتُ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ مِقْدَارَ ثَلَاثِ تَسْبِيحَاتٍ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَبِهِ أَفْتَى مَشَايِخُنَا، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَيُرْسِلُ الْيَدَيْنِ بَيْنَ التَّكْبِيرَتَيْنِ وَلَا يَضَعُ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
ثُمَّ يَخْطُبُ بَعْدَ الصَّلَاةِ خُطْبَتَيْنِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ، وَيَجْلِسُ بَيْنَهُمَا جَلْسَةً خَفِيفَةً، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَإِذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ لَا يَجْلِسُ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ، وَيَخْطُبُ فِي عِيدِ الْفِطْرِ بِالتَّكْبِيرِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّحْمِيدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَفْتَتِحَ الْخُطْبَةَ الْأُولَى بِتِسْعِ تَكْبِيرَاتٍ تَتْرَى وَالثَّانِيَةَ بِسَبْعٍ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ، وَيُعَلِّمَ النَّاسَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ وَأَحْكَامَهَا وَهِيَ خَمْسَةٌ: عَلَى مَنْ تَجِبُ؟ وَلِمَنْ تَجِبُ؟ وَمَتَى تَجِبُ؟ وَكَمْ تَجِبُ؟ وَمِمَّ تَجِبُ؟ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَفِي عِيدِ النَّحْرِ يُكَبِّرُ الْخَطِيبُ وَيُسَبِّحُ وَيَعِظُ النَّاسَ وَيُعَلِّمُهُمْ أَحْكَامَ الذَّبْحِ وَالنَّحْرِ وَالْقُرْبَانِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَيُعَلِّمُ تَكْبِيرَ التَّشْرِيقِ، كَذَا فِي الزَّادِ.
وَإِذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ بِالْخُطْبَةِ يُكَبِّرُ الْقَوْمُ مَعَهُ وَإِذَا صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي النَّاسُ فِي أَنْفُسِهِمْ امْتِثَالًا لِلْأَمْرِ وَسُنَّةِ الْإِنْصَاتِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْحُجَّةِ.
إذَا اقْتَدَى بِمَنْ لَا يَرَى رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي تَكْبِيرَاتِ الْعِيدَيْنِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ مُخَالَفَةٌ يَسِيرَةٌ فَلَا تَخْلُ بِالْمُتَابَعَةِ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي الْجَامِعِ إذَا دَخَلَ الرَّجُلُ مَعَ الْإِمَامِ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ وَهَذَا الرَّجُلُ يَرَى تَكْبِيرَاتِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا فَكَبَّرَ الْإِمَامُ غَيْرَ ذَلِكَ اتَّبَعَ الْإِمَامَ إلَّا إذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ تَكْبِيرًا لَمْ يُكَبِّرْهُ أَحَدٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ فَحِينَئِذٍ لَا يُتَابِعُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَكِنْ هَذَا إذَا كَانَ بِقُرْبِ الْإِمَامِ يَسْمَعُ التَّكْبِيرَاتِ مِنْهُ فَأَمَّا إذَا كَانَ بِبُعْدٍ مِنْهُ يَسْمَعُ مِنْ الْمُكَبِّرِينَ يَأْتِي بِجَمِيعِ مَا يَسْمَعُ وَإِنْ خَرَجَ مِنْ أَقَاوِيلِ الصَّحَابَةِ لِجَوَازِ أَنَّ الْغَلَطَ مِنْ الْمُكَبِّرِينَ فَلَوْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْهَا رُبَّمَا كَانَ الْمَتْرُوكُ مَا أَتَى بِهِ الْإِمَامُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي الْكَبِيرِ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى بَعْدَمَا كَبَّرَ الْإِمَامُ تَكْبِيرَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا سِتَّ تَكْبِيرَاتٍ فَدَخَلَ مَعَهُ وَهُوَ فِي الْقِرَاءَةِ وَالرَّجُلُ يَرَى تَكْبِيرَاتِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ بِرَأْيِ نَفْسِهِ فِي هَذِهِ الرَّكْعَةِ حَالَ مَا يَقْرَأُ الْإِمَامُ وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ يَتْبَعُ رَأْيَ الْإِمَامِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ انْتَهَى رَجُلٌ إلَى الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ فِي الْعِيدَيْنِ فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ لِلِافْتِتَاحِ قَائِمًا فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالتَّكْبِيرَاتِ وَيُدْرِكَ الرُّكُوعَ فَعَلَ وَيُكَبِّرُ عَلَى رَأْيِ نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ رَكَعَ وَاشْتَغَلَ بِالتَّكْبِيرَاتِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ إذَا أَتَى بِتَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ فِي الرُّكُوعِ، كَذَا فِي الْكَافِي، وَلَوْ رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ بَعْدَمَا أَدَّى بَعْضَ التَّكْبِيرَاتِ فَإِنَّهُ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيُتَابِعُ الْإِمَامَ وَتَسْقُطُ عَنْهُ التَّكْبِيرَاتُ الْبَاقِيَةُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ أَدْرَكَهُ فِي الْقَوْمَةِ لَا يَقْضِي فِيهَا؛ لِأَنَّهُ يَقْضِي الرَّكْعَةَ الْأُولَى مَعَ التَّكْبِيرَاتِ وَاللَّاحِقُ يُكَبِّرُ بِرَأْيِ إمَامِهِ كَمَنْ شَرَعَ مَعَ الْإِمَامِ وَنَامَ فَانْتَبَهَ يُكَبِّرُ بِرَأْيِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ خَلْفَ الْإِمَامِ بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ بَعْدَ مَا تَشَهَّدَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ أَوْ بَعْدَمَا سَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ لِلسَّهْوِ أَوْ بَعْدَمَا سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَلَمْ يُسَلِّمْ الْإِمَامُ فَإِنَّهُ يَقُومُ وَيَقْضِي صَلَاةَ الْعِيدِ.
وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ الْمَذْكُورُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لَا يَصِيرُ مُدْرِكًا كَصَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هَذَا بِلَا خِلَافٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
فِي الْأَنْفَعِ تَكْبِيرَةُ الرُّكُوعِ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ مِنْ الْوَاجِبَاتِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ، وَتَكْبِيرَاتُ الْعِيدِ وَاجِبَةٌ وَفِي النَّافِعِ وَكَذَا تَجِبُ رِعَايَةُ لَفْظِ التَّكْبِيرِ فِي الِافْتِتَاحِ حَتَّى يَجِبَ سُجُودُ السَّهْوِ إذَا قَالَ: اللَّهُ أَجَلُّ أَوْ أَعْظَمُ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ دُونَ غَيْرِهَا وَإِذَا نَسِيَ الْإِمَامُ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ حَتَّى قَرَأَ فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ أَوْ فِي الرُّكُوعِ مَا لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَتُؤَخَّرُ صَلَاةُ عِيدِ الْفِطْرِ إلَى الْغَدِ إذَا مَنَعَهُمْ مِنْ إقَامَتِهَا عُذْرٌ بِأَنْ غُمَّ عَلَيْهِمْ الْهِلَالُ وَشُهِدَ عِنْدَ الْإِمَامِ بَعْدَ الزَّوَالِ أَوْ قَبْلَهُ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ جَمْعُ النَّاسِ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ صَلَّاهَا فِي يَوْمِ غَيْمٍ فَظَهَرَ أَنَّهَا وَقَعَتْ بَعْدَ الزَّوَالِ وَلَا تُؤَخَّرُ إلَى بَعْدِ الْغَدِ وَالْإِمَامُ لَوْ صَلَّاهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ وَفَاتَتْ بَعْضَ النَّاسِ لَا يَقْضِيهَا مَنْ فَاتَتْهُ خَرَجَ الْوَقْتُ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَإِذَا حَدَثَ عُذْرٌ يَمْنَعُ مِنْ الصَّلَاةِ فِي يَوْمِ الْأَضْحَى صَلَّاهَا مِنْ الْغَدِ وَبَعْدَ الْغَدِ وَلَا يُصَلِّيهَا بَعْدَ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ ثُمَّ الْعُذْرُ هَهُنَا لِنَفْيِ الْكَرَاهَةِ حَتَّى لَوْ أَخَّرُوهَا إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ جَازَتْ الصَّلَاةُ وَقَدْ أَسَاءُوا وَفِي الْفِطْرِ لِلْجَوَازِ حَتَّى لَوْ أَخَّرُوهَا إلَى الْغَدِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَا يَجُوزُ، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَوَقْتُهَا مِنْ الْغَدِ كَوَقْتِهَا مِنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
إمَامٌ صَلَّى بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْعِيدِ يَوْمَ الْفِطْرِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَعَلِمَ بِذَلِكَ قَبْلَ الزَّوَالِ أَعَادَ الصَّلَاةَ وَإِنْ عَلِمَ بَعْدَ الزَّوَالِ خَرَجَ مِنْ الْغَدِ وَصَلَّى فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى زَالَتْ الشَّمْسُ مِنْ الْغَدِ لَمْ يَخْرُجْ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي عِيدِ الْأَضْحَى فَعَلِمَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَقَدْ ذَبَحَ النَّاسُ جَازَ ذَبْحُ مَنْ ذَبَحَ وَيَخْرُجُ مِنْ الْغَدِ وَيُصَلِّي وَكَذَا إنْ عَلِمَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي صَلَّى بِالنَّاسِ مَا لَمْ تَزُلْ الشَّمْسُ فَإِنْ عَلِمَ بَعْدَمَا زَالَتْ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ لَا يُصَلِّي بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ عَلِمَ يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ الزَّوَالِ نَادَى فِي النَّاسِ بِالصَّلَاةِ وَجَازَ ذَبْحُ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الْعِلْمِ وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الْعِلْمِ لَا يَجُوزُ ذَبْحُهُ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَتُقَدَّمُ صَلَاةُ الْعِيدِ عَلَى صَلَاةِ الْجِنَازَةِ إذَا اجْتَمَعَتَا وَتُقَدَّمُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ عَلَى الْخُطْبَةِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ، وَالتَّعْرِيفُ وَهُوَ أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ تَشَبُّهًا بِالْوَاقِفِينَ بِعَرَفَةَ لَيْسَ بِشَيْءٍ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.

.وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ تَكْبِيرَاتُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الْكَلَامُ فِي تَكْبِيرَاتِ التَّشْرِيقِ فِي مَوَاضِعَ:

الْأَوَّلُ فِي صِفَتِهِ وَالثَّانِي فِي عَدَدِهِ وَمَاهِيَّتِهِ وَالثَّالِثُ فِي شُرُوطِهِ وَالرَّابِعُ فِي وَقْتِهِ، أَمَّا صِفَتُهُ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ.
وَأَمَّا عَدَدُهُ وَمَاهِيَّتُهُ فَهُوَ أَنْ يَقُولَ مَرَّةً وَاحِدَةً: اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، وَأَمَّا شُرُوطُهُ فَإِقَامَةٌ وَمِصْرٌ وَمَكْتُوبَةٌ وَجَمَاعَةٌ مُسْتَحَبَّةٌ، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا تُشْتَرَطُ الْحُرِّيَّةُ وَالسُّلْطَانُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- عَلَى الْأَصَحِّ، هَكَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
وَأَمَّا وَقْتُهُ فَأَوَّلُهُ عَقِيبَ صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَآخِرُهُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- عَقِيبَ صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَالْفَتْوَى وَالْعَمَلُ فِي عَامَّةِ الْأَمْصَارِ وَكَافَّةِ الْأَعْصَارِ عَلَى قَوْلِهِمَا، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يُكَبِّرَ مُتَّصِلًا بِالسَّلَامِ حَتَّى لَوْ تَكَلَّمَ أَوْ أَحْدَثَ مُتَعَمِّدًا سَقَطَ، كَذَا فِي التَّهْذِيبِ وَلَا يُكَبِّرُ عَقِيبَ الْوِتْرِ وَعَقِيبَ صَلَاةِ الْعِيدِ.
وَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَذَكَرَهَا فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ مِنْ تِلْكَ السَّنَةِ قَضَاهَا وَكَبَّرَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَإِذَا فَاتَتْهُ صَلَاةٌ قَبْلَ هَذِهِ الْأَيَّامِ فَقَضَاهَا فِيهَا لَا يُكَبِّرُ وَكَذَا لَوْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَضَاهَا فِي غَيْرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَوْ قَضَاهَا فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ مِنْ قَابِلٍ لَا يُكَبِّرُ عَقِيبَهَا وَبِالِاقْتِدَاءِ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَالْمُسَافِرِ، وَالْمَرْأَةُ تُخَافِتُ بِالتَّكْبِيرِ وَكَذَا يَجِبُ عَلَى الْمَسْبُوقِ وَيُكَبِّرُ بَعْدَمَا مَضَى مَا فَاتَهُ وَلَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ التَّكْبِيرَ يُكَبِّرُ الْمُقْتَدِي وَيَنْتَظِرُ الْمُقْتَدِي الْإِمَامَ حَتَّى يَأْتِيَ بِشَيْءٍ يَقْطَعُ التَّكْبِيرَ وَهِيَ الْأَشْيَاءُ الَّتِي تَقْطَعُ الْبِنَاءَ كَالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَالْحَدَثِ الْعَمْدِ وَالْكَلَامِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَإِذَا أَحْدَثَ الْإِمَامُ بَعْدَ السَّلَامِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُكَبِّرُ وَلَا يَخْرُجُ لِلطَّهَارَةِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

.الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ:

وَهِيَ سُنَّةٌ، هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَأَجْمَعُوا أَنَّهَا تُؤَدَّى بِجَمَاعَةٍ وَاخْتَلَفُوا فِي صِفَةِ أَدَائِهَا قَالَ عُلَمَاؤُنَا: يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ كُلُّ رَكْعَةٍ بِرُكُوعٍ وَسَجْدَتَيْنِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ يَقْرَأُ فِيهِمَا مَا أَحَبَّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُطَوِّلَ الْقِرَاءَةَ فِيهِمَا، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَيَدْعُو بَعْدَ الصَّلَاةِ حَتَّى تَنْجَلِيَ الشَّمْسُ كَمَالَ الِانْجِلَاءِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَيَجُوزُ تَطْوِيلُ الْقِرَاءَةِ وَتَخْفِيفُ الدُّعَاءِ وَتَطْوِيلُ الدُّعَاءِ وَتَخْفِيفُ الْقِرَاءَةِ فَإِذَا خَفَّفَ أَحَدَهُمَا طَوَّلَ الْآخَرَ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَلَا يُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَاةَ بِجَمَاعَةٍ إلَّا الْإِمَامُ الَّذِي يُصَلِّي الْجُمُعَةَ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: فَإِنْ عَدِمَ الْإِمَامُ الَّذِي يُصَلِّي الْجُمُعَةَ وَالْعِيدَيْنِ فَإِنَّهُمْ يُصَلُّونَ وُحْدَانًا فِي مَسَاجِدِهِمْ إلَّا إذَا كَانَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ الَّذِي يُصَلِّي الْجُمُعَةَ وَالْعِيدَيْنِ أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ أَنْ يُصَلُّوا بِجَمَاعَةٍ يَؤُمُّهُمْ فِيهَا إمَامُ حَيِّهِمْ فِي مَسْجِدِهِمْ وَلَا يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَالصَّحِيحُ قَوْلُهُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ خُطْبَةٌ وَهَذَا مَذْهَبُنَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَالْمَوْضِعُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الْجَبَّانَةُ أَوْ الْمَسْجِدُ الْجَامِعُ وَلَوْ صَلَّوْا فِي مَنْزِلٍ آخَرَ جَازَ وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ وَلَوْ صَلَّوْا وُحْدَانًا فِي مَنَازِلِهِمْ جَازَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا وَدَعَوْا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُصَلُّوا أَجْزَأَهُمْ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَا يَصْعَدُ الْإِمَامُ الْمِنْبَرَ لِلدُّعَاءِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة ثُمَّ الْإِمَامُ فِي هَذَا الدُّعَاءِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ جَلَسَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَدَعَا وَإِنْ شَاءَ قَامَ وَدَعَا وَإِنْ شَاءَ اسْتَقْبَلَ النَّاسَ بِوَجْهِهِ وَدَعَا وَيُؤَمِّنُ الْقَوْمُ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: وَهَذَا أَحْسَنُ وَلَوْ قَامَ وَاعْتَمَدَ عَلَى عَصًا لَهُ أَوْ عَلَى قَوْسٍ لَهُ وَدَعَا ذَلِكَ حَسَنًا أَيْضًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ حَتَّى انْجَلَتْ لَمْ يُصَلِّ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ انْجَلَى بَعْضُهَا جَازَ أَنْ يَبْتَدِئَ الصَّلَاةَ فَإِنْ سَتَرَهَا سَحَابٌ أَوْ حَائِلٌ وَهِيَ كَاسِفَةٌ صَلَّى وَإِنْ غَرَبَتْ كَاسِفَةً أَمْسَكَ عَنْ الدُّعَاءِ وَاشْتَغَلَ بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَإِنْ اجْتَمَعَ الْكُسُوفُ وَالْجِنَازَةُ بَدَأَ بِالْجِنَازَةِ وَإِنْ كَسَفَتْ فِي الْأَوْقَاتِ الْمُنْهَى عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا لَمْ يُصَلِّ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.

.وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ الصَّلَاةُ فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ:

يُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ وُحْدَانًا، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَدَّتْ الْأَهْوَالُ وَالْأَفْزَاعُ كَالرِّيحِ إذَا اشْتَدَّتْ وَالسَّمَاءُ إذَا دَامَتْ مَطَرًا أَوْ ثَلْجًا أَوْ احْمَرَّتْ وَالنَّهَارُ إذَا أَظْلَمَ وَكَذَا إذَا عَمَّ الْمَرَضُ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَكَذَا فِي الزَّلَازِلِ وَالصَّوَاعِقِ وَانْتِثَارِ الْكَوَاكِبِ وَالضَّوْءِ الْهَائِلِ بِاللَّيْلِ وَالْخَوْفِ الْغَالِبِ مِنْ الْعَدُوِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَذَكَرَ فِي الْبَدَائِعِ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ فِي مَنَازِلِهِمْ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.

.الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ:

قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لَيْسَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ صَلَاةٌ مَسْنُونَةٌ فِي جَمَاعَةٍ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَلَا خُطْبَةَ فِيهِ وَلَكِنَّهُ دُعَاءٌ وَاسْتِغْفَارٌ وَإِنْ صَلَّوْا وُحْدَانًا فَلَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَيْسَ فِيهِ قَلْبُ رِدَاءٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَقَالَا: يَخْرُجُ الْإِمَامُ وَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ يَجْهَرُ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ، وَيَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَيَسْتَقْبِلُ النَّاسَ بِوَجْهِهِ قَائِمًا عَلَى الْأَرْضِ لَا عَلَى الْمِنْبَرِ وَيَفْصِلُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ بِجَلْسَةٍ وَإِنْ شَاءَ خَطَبَ خُطْبَةً وَاحِدَةً وَيَدْعُو اللَّهَ وَيُسَبِّحُهُ وَيَسْتَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَهُوَ مُتَّكِئٌ قَوْسًا فَإِذَا مَضَى صَدْرٌ مِنْ خُطْبَتِهِ قَلَبَ رِدَاءَهُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَصِفَةُ تَقْلِيبِ الرِّدَاءِ إنْ كَانَ مُرَبَّعًا جَعَلَ أَسْفَلَهُ أَعْلَاهُ وَأَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ وَإِنْ كَانَ مُدَوَّرًا جَعَلَ الْجَانِبَ الْأَيْمَنَ عَلَى الْأَيْسَرِ وَالْأَيْسَرَ عَلَى الْأَيْمَنِ وَلَكِنَّ الْقَوْمَ لَا يَقْلِبُونَ أَرْدِيَتَهُمْ، هَكَذَا فِي الْكَافِي.
وَالْمُحِيطِ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَفِي التُّحْفَةِ وَإِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ الْخُطْبَةِ يَجْعَلُ ظَهْرَهُ إلَى النَّاسِ وَوَجْهَهُ إلَى الْقِبْلَةِ وَيَقْلِبُ رِدَاءَهُ ثُمَّ يَشْتَغِلُ بِدُعَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ قَائِمًا وَالنَّاسُ قُعُودٌ مُسْتَقْبِلُونَ وَوُجُوهُهُمْ إلَى الْقِبْلَةِ فِي الْخُطْبَةِ وَالدُّعَاءِ فَيَدْعُوَا اللَّهَ تَعَالَى وَيَسْتَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَيُجَدِّدُونَ التَّوْبَةَ وَيَسْتَغْفِرُونَ ثُمَّ عِنْدَ الدُّعَاءِ إنْ رَفَعَ يَدَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ فَحَسَنٌ وَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ السَّبَّابَةِ فَحَسَنٌ وَكَذَا النَّاسُ يَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ أَيْضًا؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِي الدُّعَاءِ بَسْطُ الْيَدَيْنِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَيُنْصِتُ الْقَوْمُ لِخُطْبَةِ الِاسْتِسْقَاءِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
ثُمَّ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَخْرُجَ الْإِمَامُ بِالنَّاسِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ، كَذَا فِي الزَّادِ وَلَمْ يُنْقَلْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يُخْرَجُ فِيهِ الْمِنْبَرُ وَيَخْرُجُونَ مُشَاةً فِي ثِيَابٍ خَلِقَةٍ أَوْ غَسِيلَةٍ أَوْ مُرَقَّعَةٍ مُتَذَلِّلِينَ خَاشِعِينَ مُتَوَاضِعِينَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ نَاكِسِي رُءُوسِهِمْ ثُمَّ فِي كُلِّ يَوْمٍ يُقَدِّمُونَ الصَّدَقَةَ قَبْلَ الْخُرُوجِ ثُمَّ يَخْرُجُونَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَفِي التَّجْرِيدِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ الْإِمَامُ أَمَرَ النَّاسَ بِالْخُرُوجِ وَإِنْ خَرَجُوا بِغَيْرِ إذْنِهِ جَازَ.
وَلَا يَخْرُجُ أَهْلُ الذِّمَّةِ فِي ذَلِكَ مَعَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَإِنْ خَرَجُوا مَعَ أَنْفُسِهِمْ إلَى بِيَعِهِمْ أَوْ إلَى كَنَائِسِهِمْ أَوْ إلَى الصَّحْرَاءِ لَمْ يُمْنَعُوا عَنْ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ.
وَإِنَّمَا يَكُونُ الِاسْتِسْقَاءُ فِي مَوْضِعٍ لَا يَكُونُ لَهُمْ أَوْدِيَةٌ وَلَا أَنْهَارٌ وَآبَارٌ يَشْرَبُونَ مِنْهَا وَيَسْقُونَ مَوَاشِيَهُمْ أَوْ زُرُوعَهُمْ أَوْ يَكُونُ لَهُمْ وَلَا يَكْفِيهِمْ ذَلِكَ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ لَهُمْ أَوْدِيَةٌ وَآبَارٌ وَأَنْهَارٌ فَإِنَّ النَّاسَ لَا يَخْرُجُونَ إلَى الِاسْتِسْقَاءِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ عِنْدَ شِدَّةِ الضَّرُورَةِ وَالْحَاجَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

.الْبَابُ الْعِشْرُونَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ:

لَا خِلَافَ أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ كَانَتْ مَشْرُوعَةً فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا بَعْدَهُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- بَقِيَتْ مَشْرُوعَةً وَهُوَ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي الزَّادِ وَإِذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ جَعَلَ الْإِمَامُ النَّاسَ طَائِفَتَيْنِ طَائِفَةً إلَى وَجْهِ الْعَدُوِّ وَطَائِفَةً خَلْفَهُ، كَذَا فِي الْقُدُورِيِّ.
وَصُورَةُ اشْتِدَادِ الْخَوْفِ أَنْ يَحْضُرَ الْعَدُوُّ بِحَيْثُ يَرَوْنَهُ فَخَافُوا إنْ اشْتَغَلُوا جَمِيعًا بِالصَّلَاةِ يَحْمِلُ عَلَيْهِمْ، هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ فَلَوْ رَأَوْا سَوَادًا وَظَنُّوهُ عَدُوًّا وَصَلَّوْهَا فَإِنْ تَبَيَّنَ كَمَا ظَنُّوا جَازَتْ وَإِنْ ظَهَرَ خِلَافُهُ لَمْ يَجُزْ إلَّا إذَا ظَهَرَ بَعْدَ مَا انْصَرَفَتْ الطَّائِفَةُ مِنْ نَوْبَتِهَا فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ تَتَجَاوَزَ الصُّفُوفَ فَإِنَّ لَهُمْ أَنْ يَبْنُوا اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَهَذَا كُلُّهُ فِي حَقِّ الْقَوْمِ وَأَمَّا الْإِمَامُ فَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ بِكُلِّ حَالٍ لِعَدَمِ الْمُفْسِدِ فِي حَقِّهِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَكَيْفِيَّةُ صَلَاةِ الْخَوْفِ إنْ كَانَ الْإِمَامُ وَالْقَوْمُ مُسَافِرِينَ فَإِنْ لَمْ يَتَنَازَعْ الْقَوْمُ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَهُ فَالْأَفْضَلُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَ الْقَوْمَ طَائِفَتَيْنِ فَيَأْمُرَ طَائِفَةً لِيَقُومُوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَيُصَلِّيَ بِالطَّائِفَةِ الَّتِي مَعَهُ تَمَامَ الصَّلَاةِ ثُمَّ يَأْمُرَ رَجُلًا مِنْ الطَّائِفَةِ الَّتِي بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَهُمْ تَمَامَ صَلَاتِهِمْ أَيْضًا وَإِنْ تَنَازَعَ كُلُّ طَائِفَةٍ فَقَالُوا إنَّا نُصَلِّي مَعَكَ يَجْعَلُ الْقَوْمَ طَائِفَتَيْنِ يَقِفُ إحْدَاهُمَا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَيُصَلِّي مَعَ الطَّائِفَةِ الَّتِي مَعَهُ رَكْعَةً ثُمَّ تَذْهَبُ هَذِهِ الطَّائِفَةُ إلَى الْعَدُوِّ وَتَجِيءُ الطَّائِفَةُ الَّتِي كَانَتْ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَالْإِمَامُ قَاعِدٌ يَنْتَظِرُهُمْ فَيُصَلِّي بِهِمْ الرَّكْعَةَ الْأُخْرَى ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَلَا يُسَلِّمُ مَعَهُ مَنْ خَلْفَهُ وَلَكِنْ يَذْهَبُونَ إلَى الْعَدُوِّ ثُمَّ تَجِيءُ الطَّائِفَةُ الْأُولَى مَكَانَ صَلَاتِهِمْ فَيَقْضُونَ رَكْعَةً بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ فَإِذَا صَلَّوْا رَكْعَةً قَعَدُوا قَدْرَ التَّشَهُّدِ وَيُسَلِّمُونَ وَيَذْهَبُونَ إلَى الْعَدُوِّ ثُمَّ تَجِيءُ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى مَكَانَ صَلَاتِهِمْ فَيَقْضُونَ رَكْعَةً بِقِرَاءَةٍ.
وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ وَالْقَوْمُ مُقِيمِينَ وَالصَّلَاةُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ تَقُومُ طَائِفَةٌ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَيَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ بِالطَّائِفَةِ الَّتِي مَعَهُ فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ وَيَقْعُدُ قَدْرَ التَّشَهُّدِ ثُمَّ تَذْهَبُ هَذِهِ الطَّائِفَةُ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَتَجِيءُ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى الَّتِي كَانَتْ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَالْإِمَامُ قَاعِدٌ يَنْتَظِرُ مَجِيئَهُمْ فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَلَا يُسَلِّمُ مَعَهُ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ بَلْ يَذْهَبُونَ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ ثُمَّ تَجِيءُ الطَّائِفَةُ الْأُولَى فَيُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ وَيُسَلِّمُونَ وَيَقِفُونَ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ ثُمَّ تَجِيءُ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ فَيُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ بِقِرَاءَةٍ وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ مُقِيمًا وَالْقَوْمُ مُسَافِرِينَ أَوْ مُقِيمِينَ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا كَانَ الْكُلُّ مُقِيمِينَ.
وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ مُسَافِرًا وَالْقَوْمُ مُقِيمِينَ صَلَّى بِالطَّائِفَةِ الَّتِي مَعَهُ رَكْعَةً ثُمَّ انْصَرَفُوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَصَلَّى بِالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ رَكْعَةً وَسَلَّمَ ثُمَّ تَجِيءُ الطَّائِفَةُ الْأُولَى فَيُصَلُّونَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ؛ لِأَنَّهُمْ مُدْرِكُونَ فَإِذَا أَتَمَّتْ الطَّائِفَةُ الْأُولَى صَلَاتَهُمْ انْصَرَفُوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَتَجِيءُ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ إلَى مَكَانِ صَلَاتِهِمْ فَيُصَلُّونَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ الْأُولَى بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ؛ لِأَنَّهُمْ مَسْبُوقُونَ فِيهَا وَالْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ.
وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ مُسَافِرًا وَالْقَوْمُ مُقِيمِينَ وَمُسَافِرِينَ صَلَّى الْإِمَامُ بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَةً ثُمَّ انْصَرَفُوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَجَاءَتْ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ وَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً فَمَنْ كَانَ مُسَافِرًا خَلْفَ الْإِمَامِ بَقِيَ إلَى تَمَامِ صَلَاتِهِ رَكْعَةً وَمَنْ كَانَ مُقِيمًا بَقِيَ إلَى تَمَامِ صَلَاتِهِ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَتَرْجِعُ الطَّائِفَةُ الْأُولَى إلَى مَكَانِ الْإِمَامِ فَمَنْ كَانَ مُسَافِرًا يُصَلِّي رَكْعَةً بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ؛ لِأَنَّهُ مُدْرِكٌ أَوَّلَ الصَّلَاةِ وَمَنْ كَانَ مُقِيمًا يُصَلِّي ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَإِذَا أَتَمَّتْ الطَّائِفَةُ الْأُولَى صَلَاتَهُمْ يَنْصَرِفُونَ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَتَجِيءُ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ إلَى مَكَانِ صَلَاتِهِمْ فَمَنْ كَانَ مُسَافِرًا يُصَلِّي رَكْعَةً بِقِرَاءَةٍ؛ لِأَنَّهُ مَسْبُوقٌ وَمَنْ كَانَ مُقِيمًا يُصَلِّي ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ الْأُولَى بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَسْبُوقًا فِيهَا وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ عَلَى الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْعَدُوُّ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ أَوْ مُسْتَدْبِرَهَا، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ صَلَّى بِالْأُولَى رَكْعَةً فَانْصَرَفُوا ثُمَّ بِالثَّانِيَةِ رَكْعَةً فَانْصَرَفُوا ثُمَّ بِالْأُولَى رَكْعَةً فَانْصَرَفُوا ثُمَّ بِالثَّانِيَةِ رَكْعَةً فَانْصَرَفُوا فَصَلَاةُ الْكُلِّ فَاسِدَةٌ وَأَصْلُهُ أَنَّ الِانْحِرَافَ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ مُفْسِدٌ وَتَرْكَهُ فِي أَوَانِهِ غَيْرُ مُفْسِدٍ.
فَعَلَى هَذَا لَوْ جَعَلَهُمْ أَرْبَعَ طَوَائِفَ فَصَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً فَصَلَاةُ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ فَاسِدَةٌ وَصَلَاةُ الثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ صَحِيحَةٌ.
وَإِنْ عَادَتْ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ صَلَّوْا الرَّكْعَةَ الثَّالِثَةَ وَالرَّابِعَةَ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ ثُمَّ يَقْضُونَ الرَّكْعَةَ الْأُولَى بِقِرَاءَةٍ ثُمَّ تَرْجِعُ الطَّائِفَةُ الرَّابِعَةُ فَتُصَلِّي ثَلَاثًا بِقِرَاءَةٍ فَيُصَلُّونَ رَكْعَةً بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ وَيَقْعُدُونَ ثُمَّ يَقُومُونَ فَيُصَلُّونَ أُخْرَى بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ وَلَا يَقْعُدُونَ ثُمَّ يُصَلُّونَ رَكْعَةً ثَالِثَةً بِالْفَاتِحَةِ لَا غَيْرُ وَيَقْعُدُونَ وَيُسَلِّمُونَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَمَنْ دَخَلَ فِي قِسْمِ غَيْرِهِ صَارَ حُكْمُهُ حُكْمُ ذَلِكَ الْغَيْرِ إلَّا إذَا دَخَلَ بَعْدَمَا فَرَغَ مِنْ قِسْمِ نَفْسِهِ فَإِنْ صَلَّى الظُّهْرَ بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَتَيْنِ وَانْصَرَفُوا إلَّا رَجُلًا بَقِيَ حَتَّى صَلَّى الثَّلَاثَةَ ثُمَّ انْصَرَفَ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ دَخَلَ فِي قِسْمِ الثَّانِيَةِ لَكِنْ لَمْ يَصِرْ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ فَرَغَ مِنْ قِسْمِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَفِي الْمَغْرِبِ يُصَلِّي بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَتَيْنِ وَبِالثَّانِيَةِ رَكْعَةً وَلَوْ أَخْطَأَ وَصَلَّى بِالْأُولَى رَكْعَةً فَانْصَرَفُوا وَبِالثَّانِيَةِ رَكْعَتَيْنِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ جَمِيعًا وَلَوْ صَلَّى بِالْأُولَى رَكْعَةً فَانْصَرَفُوا ثُمَّ بِالثَّانِيَةِ رَكْعَةً فَانْصَرَفُوا ثُمَّ بِالْأُولَى الثَّالِثَةَ فَصَلَاةُ الْأُولَى فَاسِدَةٌ وَصَلَاةُ الثَّانِيَةِ جَائِزَةٌ وَيَقْضُونَ رَكْعَتَيْنِ إحْدَاهُمَا بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ وَالثَّانِيَةَ بِقِرَاءَةٍ وَلَوْ جَعَلَهُمْ فِي الْمَغْرِبِ ثَلَاثَ طَوَائِفَ فَصَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً فَصَلَاةُ الْأُولَى فَاسِدَةٌ وَصَلَاةُ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ جَائِزَةٌ وَتَقْضِي الثَّانِيَةُ رَكْعَتَيْنِ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ وَالطَّائِفَةُ الثَّالِثَةُ تَقْضِي رَكْعَتَيْنِ بِقِرَاءَةٍ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
ثُمَّ الْخَوْفُ مِنْ عَدُوٍّ وَمِنْ سَبُعٍ سَوَاءٌ وَالْخَوْفُ لَا يُوجِبُ قَصْرَ الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ الْمَشْيُ فِي الصَّلَاةِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَلَا يُقَاتِلُونَ فِي حَالِ الصَّلَاةِ فَإِنْ قَاتَلُوا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ؛ لِأَنَّ الْقِتَالَ لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ وَكَذَا مَنْ رَكِبَ حَالَ انْصِرَافِهِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
سَوَاءٌ كَانَ انْصِرَافُهُ عَنْ الْقِبْلَةِ إلَى الْعَدُوِّ أَوْ مِنْ الْعَدُوِّ إلَى الْقِبْلَةِ.
وَلَا يُصَلِّي سَابِحًا فِي الْبَحْرِ وَلَا مَاشِيًا، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ، وَإِنْ كَانَ مَاشِيًا هَارِبًا مِنْ الْعَدُوِّ فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْوُقُوفُ لِيُصَلِّيَ فَإِنَّهُ لَا يُصَلِّي مَاشِيًا عِنْدَنَا بَلْ يُؤَخِّرُ وَإِذَا سَهَا فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَجَبَ عَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فَإِنْ اشْتَدَّ الْخَوْفُ صَلَّوْا رُكْبَانًا فُرَادَى يُومِئُونَ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ إلَى أَيِّ جِهَةٍ شَاءُوا إذَا لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى التَّوَجُّهِ إلَى الْقِبْلَةِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَاشْتِدَادُ الْخَوْفِ هُنَا أَنْ لَا يَدَعَهُمْ الْعَدُوُّ بِأَنْ يُصَلُّوا نَازِلِينَ بَلْ يَهْجُمُوهُمْ بِالْمُحَارَبَةِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَلَا يُصَلُّونَ بِجَمَاعَةٍ رُكْبَانًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ وَالْمُقْتَدِي عَلَى دَابَّةٍ فَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْمُقْتَدِي بِهِ وَإِذَا صَلَّى بِالْإِيمَاءِ لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ بَعْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ فِي الْوَقْتِ وَخَارِجِ الْوَقْتِ وَالرَّاجِلُ يُومِئُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالرَّاكِبُ إذَا كَانَ طَالِبًا لَا يُصَلِّي عَلَى الدَّابَّةِ وَإِنْ كَانَ مَطْلُوبًا لَا بَأْسَ بِأَنْ يُصَلِّيَ عَلَى الدَّابَّةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
ثُمَّ كُلُّ مَنْ كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَنْزِلَ فَصَلَّى رَاكِبًا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَلَوْ حَصَلَ الْأَمْنُ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ بِأَنْ ذَهَبَ الْعَدُوُّ لَا يَجُوزُ أَنْ يُتِمُّوا صَلَاةَ الْخَوْفِ وَلَكِنْ يُصَلُّونَ صَلَاةَ الْأَمْنِ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِمْ وَمَنْ حَوَّلَ مِنْهُمْ وَجْهَهُ عَنْ الْقِبْلَةِ بَعْدَمَا انْصَرَفَ الْعَدُوُّ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَمَنْ حَوَّلَ مِنْهُمْ وَجْهَهُ قَبْلَ انْصِرَافِ الْعَدُوِّ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ ثُمَّ ذَهَبَ الْعَدُوُّ بَنَى عَلَى صَلَاتِهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ- فِي الزِّيَادَاتِ: إمَامٌ صَلَّى الظُّهْرَ بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْخَوْفِ وَهُمْ مُقِيمُونَ فَلَمَّا صَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ انْحَرَفُوا إلَّا وَاحِدًا مِنْهُمْ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ وَلَكِنْ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ الرَّكْعَةَ الثَّالِثَةَ فَعَلِمَ أَنَّهُ أَسَاءَ فِيمَا صَنَعَ وَانْحَرَفَ بَعْدَ الثَّالِثَةِ أَوْ بَعْدَ الرَّابِعَةِ قَبْلَ أَنْ يَقْعُدَ الْإِمَامُ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ وَكَذَلِكَ لَوْ انْحَرَفَ بَعْدَمَا قَعَدَ مَعَ الْإِمَامِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ.
فَإِنْ افْتَتَحَ الْإِمَامُ بِهِمْ صَلَاةَ الظُّهْرِ وَهُمْ مُسَافِرُونَ فَلَمَّا صَلَّى رَكْعَةً أَقْبَلَ الْعَدُوُّ وَانْحَرَفَتْ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُصَلِّينَ وَوَقَفُوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَبَقِيَتْ طَائِفَةٌ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى أَتَمُّوا فَصَلَاتُهُمْ تَامَّةٌ أَمَّا صَلَاةُ مَنْ بَقِيَ مَعَ الْإِمَامِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا صَلَاةُ مَنْ انْحَرَفَ؛ فَلِأَنَّ هَذَا الِانْحِرَافَ فِي أَوَانِهِ وَالضَّرُورَةَ مُتَحَقِّقَةٌ.
وَلَوْ افْتَتَحَ الْإِمَامُ بِهِمْ صَلَاةَ الظُّهْرِ وَهُمْ مُقِيمُونَ فَأَقْبَلَ الْعَدُوُّ وَانْحَرَفَتْ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُصَلِّينَ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُمْ وَإِنْ انْحَرَفُوا بَعْدَمَا صَلَّوْا رَكْعَةً فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ وَلَوْ حَضَرَ الْعَدُوُّ بَعْدَ مَا صَلَّى الظُّهْرَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَانْصَرَفَتْ طَائِفَةٌ لِيَقِفُوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ لَا ذِكْرَ لِهَذَا الْفَصْلِ فِي الْكِتَابِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُمْ؛ لِأَنَّ بَعْدَ أَدَاءِ الشَّطْرِ إلَى أَنْ يَفْرُغَ الْإِمَامُ أَوَانُ الِانْحِرَافِ لِلطَّائِفَةِ الْأُولَى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
صَلَاةُ الْخَوْفِ تَجُوزُ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
فَإِذَا قَابَلَ الْإِمَامُ الْعَدُوَّ يَوْمَ الْعِيدِ فِي الْمِصْرِ فَأَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْخَوْفِ يَجْعَلُ النَّاسَ طَائِفَتَيْنِ وَيُصَلِّي بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ يَرَى مَذْهَبَ ابْنِ مَسْعُودٍ تَابَعَتْهُ الطَّائِفَةُ الْأُولَى وَالطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ كَانَ رَأْيُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ خِلَافَ رَأْيِ الْإِمَامِ إلَّا إذَا تُيُقِّنَ بِخَطَأِ الْإِمَامِ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ فَإِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاتِهِ وَانْحَرَفَتْ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ وَجَاءَتْ الْأُولَى يَقْضُونَ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ فَيَقِفُونَ قَدْرَ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ يُكَبِّرُونَ الزَّوَائِدَ وَيَرْكَعُونَ بِالرَّكْعَةِ كَمَا فَعَلَهُ الْإِمَامُ إذَا أَتَمُّوا انْحَرَفُوا وَجَاءَتْ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ وَيَقْضُونَ الرَّكْعَةَ الْأُولَى بِقِرَاءَةٍ وَيَبْدَءُونَ بِالْقِرَاءَةِ ثُمَّ بِالتَّكْبِيرِ فِي رِوَايَةِ الزِّيَادَاتِ وَالْجَامِعِ وَالسِّيَرِ الْكَبِيرِ وَإِحْدَى رِوَايَتَيْ النَّوَادِرِ وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

.الْبَابُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ فِي الْجَنَائِزِ:

وَفِيهِ سَبْعَةُ فُصُولٍ:

.الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُحْتَضَرِ:

إذَا اُحْتُضِرَ الرَّجُلُ وُجِّهَ إلَى الْقِبْلَةِ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ وَهُوَ السُّنَّةُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَشُقَّ تُرِكَ عَلَى حَالِهِ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَعَلَامَاتُ الِاحْتِضَارِ أَنْ تَسْتَرْخِيَ قَدَمَاهُ فَلَا تَنْتَصِبَانِ وَيَتَعَوَّجَ أَنْفُهُ وَيَنْخَسِفَ صُدْغَاهُ وَتَمْتَدَّ جِلْدَةُ الْخُصْيَةِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَتَمْتَدُّ جِلْدَةُ وَجْهِهِ فَلَا يُرَى فِيهَا تَعَطُّفٌ، هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلُقِّنَ الشَّهَادَتَيْنِ، وَصُورَةُ التَّلْقِينِ أَنْ يُقَالَ عِنْدَهُ فِي حَالَةِ النَّزْعِ قَبْلَ الْغَرْغَرَةِ جَهْرًا وَهُوَ يَسْمَعُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَلَا يُقَالُ لَهُ قُلْ وَلَا يُلَحُّ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهَا مَخَافَةَ أَنْ يَضْجَرَ فَإِذَا قَالَهَا مَرَّةً لَا يُعِيدُهَا عَلَيْهِ الْمُلَقِّنُ إلَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ غَيْرِهَا، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَهَذَا التَّلْقِينُ مُسْتَحَبٌّ بِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا التَّلْقِينُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا يُلَقَّنُ عِنْدَنَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
وَنَحْنُ نَعْمَلُ بِهِمَا عِنْدَ الْمَوْتِ وَعِنْدَ الدَّفْنِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْمُلَقِّنُ غَيْرَ مُتَّهَمٍ بِالْمَسَرَّةِ بِمَوْتِهِ وَأَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُعْتَقَدُ فِيهِ الْخَيْرُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
قَالُوا وَإِذَا ظَهَرَتْ مِنْ الْمُحْتَضَرِ كَلِمَاتٌ تُوجِبُ الْكُفْرَ لَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ وَيُعَامَلُ مُعَامَلَةَ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَحُضُورُ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ مَرْغُوبٌ فِيهِ وَيُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ سُورَةِ يس عِنْدَهُ، كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِابْنِ أَمِيرٍ الْحَاجِّ، وَيُحْضَرُ عِنْدَهُ مِنْ الطِّيبِ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ، وَلَا بَأْسَ بِجُلُوسِ الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ عِنْدَهُ وَقْتَ الْمَوْتِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
فَإِذَا مَاتَ شَدُّوا لَحْيَيْهِ وَغَمَّضُوا عَيْنَيْهِ وَيَتَوَلَّى أَرْفَقُ أَهْلِهِ بِهِ إغْمَاضَهُ بِأَسْهَلَ مِمَّا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَيُشَدُّ لَحْيَاهُ بِعِصَابَةٍ عَرِيضَةٍ يَشُدُّهَا فِي لَحْيِهِ الْأَسْفَلِ وَيَرْبِطُهَا فَوْقَ رَأْسِهِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَيَقُولُ مُغَمِّضُهُ: بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ يَسِّرْ عَلَيْهِ أَمْرَهُ وَسَهِّلْ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ وَأَسْعِدْهُ بِلِقَائِكَ وَاجْعَلْ مَا خَرَجَ إلَيْهِ خَيْرًا مِمَّا خَرَجَ عَنْهُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَيُلَيِّنُ مَفَاصِلَهُ وَيَرُدُّ ذِرَاعَيْهِ إلَى عَضُدَيْهِ ثُمَّ يَمُدُّهُمَا وَيَرُدُّ أَصَابِعَ يَدَيْهِ إلَى كَفَّيْهِ ثُمَّ يَمُدُّهَا وَيَرُدُّ فَخِذَيْهِ إلَى بَطْنِهِ وَسَاقَيْهِ إلَى فَخِذَيْهِ ثُمَّ يَمُدُّهَا، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْزِعَ عَنْهُ ثِيَابَهُ الَّتِي مَاتَ فِيهَا وَيُسَجَّى جَمِيعُ بَدَنِهِ بِثَوْبٍ وَيُتْرَكُ عَلَى شَيْءٍ مُرْتَفِعٍ مِنْ لَوْحٍ أَوْ سَرِيرٍ؛ لِئَلَّا يُصِيبَهُ نَدَاوَةُ الْأَرْضِ فَيَتَغَيَّرُ رِيحُهُ وَيُجْعَلُ عَلَى بَطْنِهِ حَدِيدَةٌ أَوْ طِينٌ رَطْبٌ؛ لِئَلَّا يَنْتَفِخَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَعْلَمَ جِيرَانُهُ وَأَصْدِقَاؤُهُ حَتَّى يُؤَدُّوا حَقَّهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَالدُّعَاءِ لَهُ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَكَرِهَ بَعْضُهُمْ النِّدَاءَ فِي الْأَسْوَاقِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا أَنْ يُسَارَعَ إلَى قَضَاءِ دَيْنِهِ وَإِبْرَائِهٍ مِنْهُ وَيُبَادَرُ إلَى تَجْهِيزِهِ وَلَا يُؤَخَّرُ فَإِنْ مَاتَ فَجْأَةً تُرِكَ حَتَّى يُتَيَقَّنَ بِمَوْتِهِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَيُكْرَهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عِنْدَهُ حَتَّى يُغَسَّلَ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
امْرَأَةٌ مَاتَتْ وَالْوَلَدُ يَضْطَرِبُ فِي بَطْنِهَا قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يُشَقُّ بَطْنُهَا وَيُخْرَجُ الْوَلَدُ لَا يَسَعُ إلَّا ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.