فصل: الباب الرابع: في المناور والمحرقات:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: التعريف بالمصطلح الشريف



.مراكز حلب:

وقد ذكرنا ما هو منها إلى (البيرة) وهي أجل ثغورها، وعليها مدرجة جمهورها.
- فأما ما سواها فمن حلب إلى (السموقة) ثم منها إلى (سندار)؛ ثم منها بلاد الدروب. وقد استضفنا في هذا الحين القريب منها إلينا: قيسارية ودرندة، وإنما المستقر المعروف أن آخر حد الممالك الإسلامية من هذه الجهة: بهنسى.
- واعلم أن من (عينتات) إلى (قلعة المسلمين) إلى جسر الحجر. ثم إلى الكختا، وهي آخر الحد من الطرف الآخر.
- ومن حلب إلى (أرحاب)، ومنها إلى (تيزين)، ومنها إلى (يغرا)، ومنها إلى (بغراص) وهي كانت آخر الحد مما يلي بلاد الأرمن؛ وقد استضفنا نحن في هذا الحين ما استضفنا فصار من (بغراص) إلى (باياس) وهي أول جيل الأرمن، ثم إلى آياس: وهي الآن مدينة الفتوحات الجاهانية المستضافة.
- ومن حلب إلى (الجبول)؛ ثم منها إلى (بالس)؛ ثم منها إلى (جعبر). فهذه جملة مراكز حلب. وأما بقايا القلاع ومقار الولايات فمن شعب هذه الطرق أو من واحدة إلى أخرى.

.مراكز طرابلس:

- اعلم أن طرابلس إلى (مرقية)؛ ثم منها إلى (بلنياس) ثم منها إلى اللاذقية: وهي مدينة ذات ميناء يقال إنه ليس على البحر أحسن منه؛ وقد كان كريم الدين هم بعمارته وإدارته فعاجله ما سبق نبه عليه الكتاب، وصرف عنه وقد وضع رجله إليه في الركاب.
- ثم من اللاذقية إلى (صهيون): وهي قلعة جليلة وكانت دار متملك، وإليها تحيز الملك الكامل سنقر الأشقر، إذ كسر بعد ملك ما بين العريش والفرات، وقد كان المظفر بيبرس الجاشنكير- بعد عود سلطاننا وأخذ غصيبته من يده- قد سأل في تركه بصهيون.
- ثم من صهيون إلى (بلاطنس): وهو من مشاهير القلاع. ومن شاء من صهيون إلى (برزيه): وهو حصن سمي باسم من عمره أو عرف بملكه. ومن شاء فمن بلاطنس إلى العليقة أول قلاع الدعوة مما يلي بلاد طرابلس؛ ثم منها إلى (الكهف)؛ ثم مننها إلى (القدموس)؛ ثم منها إلى (الخوابي)؛ ثم منها إلى (الرصافة)، ثم منها إلى (مصياف). فهذه جملة مراكز طرابلس. فأما مقار الولايات فمن واحدة إلى أخرى. وبتمام ذكر ذلك ثم ذكر جميع مراكز البريد بالممالك المحروسة.
فأما من أطراف ممالكنا إلى حضرة (الأردو) حيث هو ملك بني هولاكو فلهم مراكز تسمى: خيل الأولاق وخيل اليام يحمل عليها، ولكنها لا تشترى بمال السلطان، ولا تكلف منه، وإنما هي على أهل تلك الأرض نحو مراكز العرب في رمل مصر ونحو ذلك.

.الباب الثاني: في مراكز الحمام:

وأول ما نقوله إنه نشأ من بلد الموصل، وحافظ عليه الخلفاء الفاطميون بمصر وبالغوا حتى أفردوا له ديوانا وجرائد بأنساب الحمام؛ وللفاضل محيي الدين بن عبد الظاهر في ذلك كتاب سماه: (تمائم الحمائم).
فأما أول من اعتنى به من الملوك ونقله من الموصل فهو الشهيد نور الدين محمود بن زنكي- رحمه الله- سنة 565هـ.
واعلم أن الحمام بمصر قد انقطع تدريجه بالوجه القبلي، وقد كان متصلا إلى قوص وأسوان وعيذاب، ولم يبق الآن منه إلا ما هو من القاهرة إلى الإسكندرية، ومن القاهرة إلى دمياط، ومن القاهرة إلى السويس، ومن القاهرة إلى بلبيس متصلا بالشام.
ومن بلبيس أيضا إلى الصالحية، ومن الصالحية إلى قطيا، ومن قطيا إلى الورادة، ومن الورادة إلى غوة.
ومن غزة إلى بلد الخليل عليه السلام؛ ومن غزة إلى القدس الشريف؛ ومن غزة إلى نابلس.
ومن غزة إلى لد، ومن لد إلى قاقون، ومن قاقون إلى جينين، ومن جينين إلى صفد، ومن جينين إلى بيسان، ومن بيسان إلى أربد، ومن أربد إلى طفس، ومن طفس إلى الصنمين، ومن الصنمين إلى دمشق.
ومن كل واحدة من هذه المراكز إلى ما جاورها من المشاهير: مثل من بيسان إلى أذرعات، ومن طفس إليها لإشعار والي الولاة.
ثم من دمشق يسرح الحمام إلى بعلبك، ويسرح إلى قارا، ويسرح إلى القريتين.
ثم من قارا إلى حمص، ومنها إلى حماة، ومنها إلى المعرة، ومنها إلى حلب.
ومن حلب إلى البيرة، وإلى قلعة المسلمين، وإلى بهنسى، وإلى بقية ماله شأن مما حولها.
ثم من القريتين إلى تدمر، ومنها السخنة، ومنها إلى قباقب، ومنها إلى الرحبة. وقد تعطل الآن تدريج الشخنة إلى قباقب، وإنما صار يسوق ببطائق تدمر الواقعة بالسخنة منها إلى قباقب، ثم يسرح على الجناح من قباقب إلى الرحبة.
وبهذا تم ذكر الحمام في سائر الممالك الإسلامية.

.الباب الثالث: مراكز هجن الثلج ومراكبه:

وهي لا تعمر بالهجن إلا أوان نقل الثلج من دمشق إلى حضرة السلطان بقلعة الجبل، وذلك مما حدث في أثناء دولة سلطاننا- تغمده الله برحمته- واستمر. وقد كان قبل هذا لا يحمل إلا في البحر، خاصة من الثغور الشامية ببيروت وصيدا، ويفرض على البقاع وبعلبك إرفادهما في ذلك؛ وكان يسيرا فكثر، وقر منه على طرابلس مما استقر على (جبة بشري) والمنيطرة.
والمراكب تأتي دمياط في البحر، ثم يخرج الثلج في النيل إلى ساحل (بولاق) فينقل منه على البغال السلطانية ويحمل إلى (الشرابخاناه) الشريفة ويخزن في صهريج أعد له؛ وهو الآن يحمل في البر والبحر. ومدة ترتيب حمله من حزيران إلى آخر تشرين الثاني، وعدة نقلاته في البر إحدى وسبعون نقلة متقاربة مدة ما بينها، وقد صار يزيد على ذلك. ويجهز بكل نقلة بريدي يتدركه، ويجهز معه ثلاج خبير بحمله ومداراته، يحمل على فرس ببريد ثان. واستقر في وقت أن يحمل الملاح على خيل الولاية.
والمرصد في كل نقلة خمسة أحمال؛ والمستقر في كل مركز له ستة هجن: خمسة للحمل، وواحد للهجان.
ومراكز الهجن: من دمشق إلى الصنمين، ثم إلى طفس، ثم منها إلى أربد، ثم منها إلى بيسان، ثم منها إلى جنين، ثم منها إلى قاقون، ثم منها إلى لد، ثم منها إلى غزة، ثم منها إلى العريش (وهو آخر ما قررت إقامته على مملكة الشام، خلا جينين فإنه على صفد) ثم من العريش إلى الورادة، ثم منها إلى المطيلب، ثم منها إلى قطيا، ثم منها إلى القصير، ثم منها إلى الصالحية، ثم منها إلى بلبيس، ثم منها إلى القلعة- حرست.
ومن الورادة إليها تركب الهجن من المناخات السلطانية والكلفة على مال مصر. فهذه جملة مراكز الهجن.
في المراكب التي تنقل الثلج: فأما عدد المراكب المسفرة به في البحر فكانت في أيام الظاهر بيبرس ثلاثة مراكب في السنة، لا تزيد على ذلك. ودامت على أيام سلطاننا في السلطنة الثالثة، وبقيت صدرا منها، ثم أخذت في التزايد إلى أن بلغت أحد عشر مركبا من مملكتي الشام وطرابلس، وربما أنافت على ذلك. ثم قلل منها استغناء. وآخر عهدي بها مكن السبعة إلى الثمانية تطلب من الشام ولا تكلف طرابلس إلا المساعدة، وكل ذلك بحسب اختلاف الأوقات وداعي الضرورات. وإذا سافرت سافر معها من يتداركها من ثلاجين لمداراتها. والواصلون بها على المراكب يعودون على البريد في البر.
ولا يصل الثلج متوفرا إلا إذا أخذ من الثلج المجلد، وأجيد كبسه، واحترز عليه من الهواء، فإنه أسرع إذابة له من الماء. ومنذ قرر ما يحمل منه على الظهر استقر منه خاص المشروب، لأنه يصل أنظف وآمن عاقبة؛ على أن كل المتسفرين يأخذون الجاشني منه بحضور (أمير مجلس) (وشاد الشرابخاناه السلطانية) وخزانها. فأما المنقول في البحر فلسوى ذلك؛ وللمجهزين به من الخلع والإنعام رسوم مستقرة، وعوائد مستمرة. وقد نبه على ذلك كله لموضع الفائدة فيه. وبهذا تم ذكر المراكز بجميع الممالك الإسلامية مصر وشاما.

.الباب الرابع: في المناور والمحرقات:

أما المناور: فهي مواضع رفع النار في الليل، والدخان في النهار، للأعلام بحركات التتار إذا قصدوا البلاد للدخول لحرب أو لإغارة.
ولما يرفع من هذه النيران، أو يدخن من هذا الدخان، أدلة يعرف بها اختلاف حالات رؤية العدو والمخبر به باختلاف حالاتها، تارة في العدد، وتارة في غير ذلك. وقد أرصد من كل منور الديادب والنظارة: لرؤية ما وراءهم وإيراء ما أمامهم، ولهم على ذلك جوامك مقررة لا تزال دارة. فمنذ اصلح الله بين الفئتين، وأمن جانب الجهتين، قد قل بذلك الاحتفال، وصرف عن البال.
والمناور المذكورة تارة تكون على رءوس الجبال، وتارة تكون في أبنية عالية، ومواضعها تعرف بها أكثر السفارة؛ وهي من أقصى ثغور الإسلام كالبيرة والرحبة إلى حضرة السلطان بقلعة الجبل؛ حتى إن المتجدد بكرة بالفرات كان يعلم بها عشاء، والمتجدد عشاء كان يعلم بها بكرة.
فأما طريق الرحبة: فكان بنور بمدينة (عانا) قوم من النصاح (بحجة أمر سوى التنوير، ويستر عليهم أهل البلد حبا لملوكنا) فترى ناره أو دخانه (بخربة الروم) وبالجرف أيضا؛ ويرفع فيهما أو في إحداهما فيرى من كل منهما بوادي الهيكل؛ ويرفع فيه فيرى بالقناطر؛ ويرفع بالقناطر فيرى بالرحبة- وقاها- الله- ويرفع فيها فيرى في كواثل؛ ويرفع فيها فيرى في منظرة قباقب؛ ويرفع فيها فيرى بحفير أسد الدين؛ ويرفع فيها فيرى بالسخنة؛ ويرفع فيها فيرى بمنظرة أرك؛ ويرفع فيها فيرفع فيها فيرى بالبويب (وهو قنطرة بين أرك وتدمر) ويرفع فيها فيرى بمنظرة تدمر؛ ويرفع فيها فيرى بمنظرة البيضاء؛ ويرفع فيها فيرى بالحير؛ ويرفع فيها فيرى بجليجل؛ ويرفع فيها فيرى بالقريتين؛ ويرفع فيها فيرى بالعطنة؛ ويرفع فيها فيرى بثنية العقاب، ويرفع فيها فيرى بمئذنة العروس؛ ويرفع فيها لما حولها إنذارا للرعايا وضما للأطراف؛ ويرفع حول دمشق بالحبل المطل على برزة فيرى بالمانع، ويرفع به فيرى بتل قرية الكتيبة؛ ثم يرفع فيها فيرى بالطرة؛ ويرفع فيها فيرى بجبل أربد وبجبل عجلون، ثم يرفع بها فينور بجبل طيبة، ثم يرفع بها فيرى بالمنور المعمول إزاء البئر الذي برأس الجبل المنحدر إلى بيسان ويعرف بعقبة البريد (وقد عدل الآن بطريق البريد عنه) ويرى منه أطراف أعمال نابلس- نحو جبال أبزيق وما حولها- ويرفع من هذا المنور الذي برأس عقبة البريد فيرى بالجبل المعروف بقرية جينين؛ ثم يرفع منه فيرى بجبل فخمة؛ ثم يرفع منه فيرى بشرفة قاقون؛ ثم يرفع منه فيرى بأطراف أعمال نابلس، ويرى على قصد الطريق بذروة الجبل المصاقب لمجدل يابا؛ ثم يرفع منه فيرى بمركز ياسور (وقد عدل البريد الآن عنه)؛ ثم يرفع منه فيرى بالجبال المطلة على غزة؛ وترفع بغزة على أعالي الحدب المعروف بحدب غزة. ثم لا منور ولا إخبار بلسان النار إلا على الجناح والبريد.
ثم اعلم أن من جميع ما ذكرناه مناور تتشعب إلى ما خرج عن جادة الطريق إلى البلاد الآخذة على جنب جنوبا وشمالا وشرقا وغربا. فأما هذه المناور الآن فرسوم قد عفت، وجسوم أكلت شعل النار أرواحها فانطفت؛ والحمد لله على أمن إطفاء نارها؛ وإخفاء منارها.
وأما المحرقات: فقد كان الاهتمام بها أول شيء؛ وهي مواضع مما يلي بلادنا من حد الشرق داخلة في تلك المملكة، كان يجهز رجال لتحرق زرعها ونباتها؛ وهي أراض مخصبة كانت تقوم بكفاية خيل القوم مرعى إذا قصدوا البلاد، فكانت تحرق إضعافا لهم وإقعادا لحركاتهم، إذ كانوا من عادتهم لا يتكلفون علوفة لخيلهم، بل يكلونها إلى ما تنبت الأرض: فإذا كانت أرضا مخصبة سلكوها، وإذا كانت مجد تجنبوها. وكانوا لا يفطنون لقصد حريقها، ثم فطنهم أهل المداجاة، فصاروا يربطون عليها الطريق؛ ويمسكون منها بالأطراف، وقتل عديد بسببها، وأحرقوا بأشد من نارها. ولكن ينفق في هذه المحرقات في كل سنة من الخزانة بدمشق جمل من الأموال، ويجهز فيها أجلاد الرجال. وكان شأنهم في الإحراق استصحاب الثعالب الوحشية والكلاب المنفرة، ثم يكمن المجهزون لذلك عند أمناء النصاح وفي كهوف الجبال وبطون الأودية؛ وتمضي الأيام حتى يكون يوم ريحه عاصف وهواؤه زعزع، تعلق النار موثوقة في أذناب الثعالب والكلاب، ثم تطلق الثعالب، والكلاب في أثرها وقد جوعت، فتجد الثعالب في الهرب، والكلاب في الطلب، فتحرق ما مرت به من الزرع والنبات، وتعلق الريح النار منه فيما جاوره، هذا إلى ما كانت تلقيه الرجال بأيديها في الليالي المظلمة، وعشايا الأيام المعتمة. وكان أصحابنا يجدون في هذا رفقا ودفعا عن مباغتة الأطراف ومهاجمة الثغور.
وهذه مواضع المحرقات وهي: ببلاد البقعة أرض البقعة، والثرثار، والقنية، وباشنزة، والهتاخ، ومشهد ابن عمرو، والمويلح، وبلاد نينوى وهي من الموصل الآن. ونينوى كانت ذات الذكر القديم، ويقال إنها البلد المرسل إليه يونس عليه السلام. والمحرقات بها: ببرطلة والقنيطرة؛ وقد كان علي باشا ابن حجك حين دانت له الدولة قد عزم على أن يبتني بها مدينة جليلة تكون مقرا للسلطان، إيثارا لعدم مفارقة الأوطان، فعاجله ما حم له من حمامه، وفراغ الدنيا من أيامه.
وتمام المحرقات: الوادي، والميدان، والباب (وأظنه يعرف بعرب طي)، والصويمعة، والمرج المعروف ببني زيد، والمرج المحترق، ومنازل الأويراتية (وهي أطراف هذه المواضع إلى جبل الأكراد. وكل هذه الأرض مجال خيلهم وقرارة سيلهم) وبلاد سنجار- المنطق، والمنظرة، والمزيدة، وتحت الجبال عند التليلات.
فأما أرض الجبال فإنها كانت لا تحرق، وأبوابها بغير طارق خير لا تطرق، إذ هي بلد البقية القادرية من ولد شيخ الإسلام عبد القادر الجيلي المعروف عند العامة بالكيلاني- نفع الله به وببقية الصالحة-؛ وهذه الذرية معظمة في الجهتين، ولهم عند ملوكنا المكانة العالية، لقديم سلفهم، وصميم شرفهم، ولما للإسلام وأهله من إسعافهم بما تصل إليه القدرة ويبلغه الإمكان.
ومن تمام المحرقات: البازار، وأعالي جبل سنجار، وكل ما يقدر عليه في تلك الديار. فهذا جملة ما على الخاطر، وغاية ما يستحضره على طول المدة الذاكر؛ وإنما هو مثال، وما تضرب به الأمثال.