فصل: ذكر إخباره صلَّى الله عليه وسلَّم عن الفتن الواقعة‏

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البداية والنهاية **


ومن كتاب ‏(‏دلائل النبُّوة‏)‏ في باب إخباره صلَّى الله عليه وسلَّم عن الغيوب المستقبلة‏:‏

فمن ذلك ما ثبت في الصَّحيحين من حديث إبراهيم بن سعد عن أبيه، عن أبي سلمة، عن عائشة قالت‏:‏ قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم‏:‏ ‏(‏‏(‏إنَّه قد كان في الأمم محدثون فإن يكن في أمتي فعمر بن الخطَّاب‏)‏‏)‏‏.‏

وقال يعقوب بن سفيان‏:‏ ثنا عبيد الله بن موسى، أنَّا أبو إسرائيل كوفي عن الوليد بن العيزار، عن عمر بن ميمون، عن علي رضي الله عنه قال‏:‏ ما كنَّا ننكر ونحن متوافرون أصحاب محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّ السَّكينة تنطق على لسان عمر‏.‏

قال البيهقيّ‏:‏ تابعه زر بن حبيش والشعبيّ عن علي‏.‏

وقال يعقوب بن سفيان‏:‏ ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا شعبة عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال‏:‏ كنَّا نتحدث أنَّ عمر بن الخطَّاب ينطق على لسان ملك‏.‏

وقد ذكرنا في سيرة عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه أشياء كثيرة من مكاشفاته وما كان يخبر به من المغيبات كقصَّة سارية بن زنيم وما شاكلها ولله الحمد والمنة‏.‏

ومن ذلك ما رواه البخاريّ من حديث فراس عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها أنَّ نساء النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم اجتمعن عنده فقلن يوماً‏:‏ يا رسول الله أيتنا أسرع بك لحوقاً ‏؟‏

فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏أطولكنَّ يداً‏)‏‏)‏ وكانت سودة أطولنا ذراعاً فكانت أسرعنا به لحوقاً‏.‏

هكذا وقع في الصَّحيح عند البخاريّ أنها سودة‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏6/225‏)‏

وقد رواه يونس بن بكير عن زكريا ابن أبي زائدة عن الشعبي فذكر الحديث مرسلاً، وقال‏:‏ فلمَّا توفيت زينب علمن أنها كانت أطولهنَّ يداً في الخير والصَّدقة‏.‏

والذي رواه مسلم عن محمود بن غيلان، عن الفضل بن موسى، عن طلحة بن يحيى بن طلحة، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها فذكرت الحديث، وفيه فكانت زينب أطولنا يداً لأنها كانت تعمل بيدها وتصدَّق‏.‏

وهذا هو المشهور عن علماء التَّاريخ أنَّ زينب بنت جحش كانت أوَّل أزواج النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم وفاة‏.‏

قال الواقديّ‏:‏ توفيت سنة عشرين، وصلَّى عليها عمر بن الخطَّاب‏.‏

قلت‏:‏ وأمَّا سودة فإنها توفيت في آخر إمارة عمر بن الخطَّاب أيضاً، قاله ابن أبي خيثمة‏.‏

ومن ذلك ما رواه مسلم من حديث أسيد بن جابر عن عمر بن الخطَّاب في قصَّة أويس القرنيّ وإخباره عليه السلام عنه بأنَّه خير التَّابعين، وأنَّه كان به برص فدعا الله فأذهبه عنه إلا موضعا قدر الدِّرهم من جسده، وأنَّه بارٌّ بأمه، وأمره لعمر بن الخطَّاب أن يستغفر له، وقد وجد هذا الرَّجل في زمان عمر بن الخطَّاب على الصِّفة والنَّعت الذي ذكره في الحديث سواء‏.‏

وقد ذكرت طرق هذا الحديث وألفاظه والكلام عليه مطولاً في الذي جمعته من مسند عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه ولله الحمد والمنة‏.‏

ومن ذلك ما رواه أبو داود‏:‏ حدَّثنا عثمان ابن أبي شيبة، ثنا وكيع، ثنا الوليد بن عبد الله بن جميع، حدَّثني جرير بن عبد الله وعبد الرَّحمن بن خلاد الأنصاريّ عن أم ورقة بنت نوفل أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لمَّا غزا بدراً، قالت‏:‏ يا رسول الله إئذن لي في الغزو معك أمرِّض مرضاكم لعلَّ الله يرزقني بالشَّهادة‏.‏

فقال لها‏:‏ ‏(‏‏(‏قري في بيتك فإنَّ الله يرزقك الشَّهادة‏)‏‏)‏ فكانت تسمَّى الشَّهيدة، وكانت قد قرأت القرآن فاستأذنت النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن تتخذ في بيتها مؤذناً يؤذن لها، وكانت دبَّرت غلاماً لها وجارية، فقاما إليها باللَّيل فغمَّاها في قطيفة لها حتى ماتت وذهبا‏.‏

فأصبح عمر فقام في النَّاس وقال‏:‏ من عنده من هذين علم أو من رآهما فليجيء بهما، فجيء بهما فأمر بهما فصلبا وكانا أوَّل مصلوبين بالمدينة‏.‏

وقد رواه البيهقيّ من حديث أبي نعيم، ثنا الوليد بن جميع، حدَّثتني جدَّتي عن أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث وكان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يزورها ويسمِّيها الشَّهيدة، فذكر الحديث‏.‏

وفي آخره فقال عمر‏:‏ صدق رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان يقول‏:‏ ‏(‏‏(‏انطلقوا بنا نزور الشَّهيدة‏)‏‏)‏‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏6/226‏)‏

ومن ذلك ما رواه البخاريّ من حديث أبي إدريس الخولانيّ عن عوف بن مالك في حديثه عنه في الآيات السِّت بعد موته وفيه ثمَّ موتان بأحدكم كقصاص الغنم‏.‏

وهذا قد وقع في أيام عشر وهو طاعون عمواس سنة ثماني عشرة ومات بسببه جماعات من سادات الصَّحابة منهم‏:‏ معاذ بن جبل، وأبو عبيدة، ويزيد ابن أبي سفيان، وشرحبيل بن حسنة، وأبو جندل سهل بن عمر وأبوه، والفضل بن العبَّاس بن عبد المطَّلب - رضي الله عنهم أجمعين -‏.‏

وقد قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا وكيع، ثنا النهاس بن قهم، ثنا شداد أبو عمار، عن معاذ بن جبل قال‏:‏ قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم‏:‏ ‏(‏‏(‏ستٌّ من أشراط السَّاعة موتي، وفتح بيت المقدس، وموت يأخذ في النَّاس كقصاص الغنم، وفتنة يدخل حربها بيت كل مسلم، وأن يعطى الرَّجل ألف دينار فيسخطها، وأن يغزو الرُّوم فيسيرون إليه بثمانين بنداً تحت كل بند اثنا عشر ألفاً‏)‏‏)‏‏.‏

وقد قال الحافظ البيهقيّ‏:‏ أنَّا أبو زكريا ابن أبي إسحاق، ثنا أبو العبَّاس محمد بن يعقوب، ثنا بحر بن نصر، ثنا ابن وهب، أخبرني ابن لهيعة عن عبد الله بن حبان أنَّه سمع سليمان بن موسى يذكر أنَّ الطَّاعون وقع بالنَّاس يوم جسر عموسة، فقام عمرو بن العاص فقال‏:‏ يا أيُّها النَّاس إنما هذا الوجع رجس فتنحُّوا عنه‏.‏

فقام شرحبيل بن حسنة فقال‏:‏ يا أيُّها النَّاس إني قد سمعت قول صاحبكم وإني والله لقد أسلمت وصلَّيت، وإن عمراً لأضلَّ من بعير أهله، وإنما هو بلاء أنزله الله عزَّ وجل فاصبروا‏.‏

فقام معاذ بن جبل فقال‏:‏ يا أيُّها النَّاس إني قد سمعت قول صاحبيكم هذين وإنَّ هذا الطَّاعون رحمة بكم، ودعوة نبيكم صلَّى الله عليه وسلَّم وإني قد سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول‏:‏ ‏(‏‏(‏إنَّكم ستقدمون الشَّام فتنزلون أرضاً يقال لها‏:‏ أرض عموسة فيخرج بكم فيها خُرجان له ذباب كذباب الدّمل يستشهد الله به أنفسكم وذراريكم ويزكِّي به أموالكم‏)‏‏)‏‏.‏

اللَّهم إن كنت تعلم أني قد سمعت هذا من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فارزق معاذاً وآل معاذ منه الحظَّ الأوفى ولا تعافه منه‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏6/227‏)‏

قال‏:‏ فطعن في السَّبابة فجعل ينظر إليها ويقول‏:‏ اللَّهم بارك فيها فإنَّك إذا باركت في الصَّغير كان كبيراً، ثمَّ طعن ابنه فدخل عليه فقال‏:‏ ‏{‏الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 147‏]‏‏.‏

فقال‏:‏ ‏{‏سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ‏}‏ ‏[‏الصافَّات‏:‏ 102‏]‏‏.‏

وثبت في الصَّحيحين من حديث الأعمش وجامع ابن أبي راشد عن شقيق بن سلمة، عن حذيفة قال‏:‏ كنَّا جلوساً عند عمر، فقال‏:‏ أيُّكم يحفظ حديث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في الفتنة ‏؟‏

قلت‏:‏ أنا‏.‏

قال‏:‏ هات إنَّك لجريء‏.‏

فقلت‏:‏ ذكر فتنة الرَّجل في أهله وماله وولده وجاره يكفِّرها الصَّلاة والصَّدقة والأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر‏)‏‏)‏‏.‏

فقال‏:‏ ليس هذا أعني إنَّما أعني التي تموج موج البحر‏.‏

فقلت‏:‏ يا أمير المؤمنين إنَّ بينك وبينها باباً مغلقاً‏.‏

قال‏:‏ ويحك يفتح الله أم يكسر ‏؟‏

قلت‏:‏ بل يكسر‏.‏

قال‏:‏ إذاً لا يغلق أبداً‏.‏

قلت‏:‏ أجل‏.‏

فقلنا لحذيفة‏:‏ فكان عمر يعلم من الباب ‏؟‏

قال‏:‏ نعم، وإني حدَّثته حديثاً ليس بالأغاليط‏.‏

قال‏:‏ فهبنا أن نسأل حذيفة من الباب‏.‏

فقلنا لمسروق فسأله، فقال‏:‏ من بالباب ‏؟‏

قال‏:‏ عمر، وهكذا وقع من بعد مقتل عمر وقعت الفتن في النَّاس، وتأكَّد ظهورها بمقتل عثمان بن عفَّان - رضي الله عنهما‏.‏

وقد قال يعلى بن عبيد‏:‏ عن الأعمش عن سفيان، عن عروة بن قيس قال‏:‏ خطبنا خالد بن الوليد فقال‏:‏ إنَّ أمير المؤمنين عمر بعثني إلى الشَّام فحين ألقى بَوانِيَهُ بَثْنيةً وعسلاً أراد أن يؤثر بها غيري ويبعثني إلى الهند‏.‏

فقال رجل من تحته‏:‏ إصبر أيُّها الأمير فإنَّ الفتن قد ظهرت‏.‏

فقال خالد‏:‏ أمَّا وابن الخطَّاب حيّ فلا، وإنَّما ذاك بعده‏.‏

وقد روى الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا عبد الرَّزاق عن معمر، عن الزهريّ، عن سالم، عن أبيه قال‏:‏ أبصر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم على عمر ثوباً فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏أجديد ثوبك أم غسيل‏؟‏‏)‏‏)‏

قال‏:‏ بل غسيل‏.‏

قال‏:‏ ‏(‏‏(‏إلبس جديداً، وعش حميداً، ومت شهيداً‏)‏‏)‏ وأظنّه قال‏:‏ ‏(‏‏(‏ويرزقك الله قرَّة عين في الدُّنيا والآخرة‏)‏‏)‏‏.‏

وهكذا رواه النَّسائيّ وابن ماجه من حديث عبد الرزاق به ثمَّ قال النَّسائيّ‏:‏ هذا حديث منكر أنكره يحيى القطَّان على عبد الرَّزاق‏.‏

وقد روي عن الزهريّ من وجه آخر مرسلاً، قال حمزة بن محمد الكناني الحافظ‏:‏ لا أعلم أحداً رواه عن الزهري غير معمر وما أحسبه بالصَّحيح والله أعلم‏.‏

قلت‏:‏ رجال إسناده واتصاله على شرط الصَّحيحين وقد قيل الشَّيخان، تفرَّد معمر عن الزهريّ في غير ما حديث‏.‏

ثمَّ قد روى البزَّار هذا الحديث من طريق جابر الجعفي - وهو ضعيف - عن عبد الرَّحمن بن سابط عن جابر بن عبد الله مرفوعاً مثله سواء‏.‏

وقد وقع ما أخبر به في هذا الحديث فإنَّه رضي الله عنه قتل شهيداً وهو قائم يصلي الفجر في محرابه من المسجد النَّبوي على صاحبه أفضل الصَّلاة والسَّلام‏.‏

وقد تقدَّم حديث أبي ذر في تسبيح الحصا في يد أبي بكر ثمَّ عمر ثمَّ عثمان، وقوله عليه السلام‏:‏ ‏(‏‏(‏هذه خلافة النُّبوة‏)‏‏)‏‏.‏

وقال نعيم بن حماد‏:‏ ثنا عبد الله بن المبارك، أنَّا خرج بن نباتة عن سعيد بن جهمان، عن سفينة قال‏:‏ لمَّا بنى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مسجد المدينة جاء أبو بكر بحجر فوضعه ثمَّ جاء عمر بحجر فوضعه ثمَّ جاء عثمان بحجر فوضعه فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم‏:‏ ‏(‏‏(‏هؤلاء يكونون خلفاء بعدي‏)‏‏)‏‏.‏

وقد تقدَّم في حديث عبد الله بن حوالة قوله صلَّى الله عليه وسلَّم‏:‏ ‏(‏‏(‏ثلاث من نجا منهنَّ فقد نجا موتي وقتل خليفة مصطبر والدَّجال‏)‏‏)‏‏.‏

وفي حديثه الآخر الأمر باتباع عثمان عند وقوع الفتنة‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏6/228‏)‏

وثبت في الصَّحيحين من حديث سليمان بن بلال عن شريك ابن أبي نمر، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي موسى قال‏:‏ توضَّأت في بيتي ثمَّ خرجت فقلت‏:‏ لأكوننَّ اليوم مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فجئت المسجد فسألت عنه، فقالوا‏:‏ خرج وتوجَّه ههنا، فخرجت في أثره حتى جئت بئر أريس وما بها من جريد فمكثت عند بابها حتى علمت أنَّ النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم قد قضى حاجته وجلس فجئته فسلَّمت عليه فإذا هو قد جلس على قف بئر أريس فتوسَّطه ثمَّ دلى رجليه في البئر وكشف عن ساقيه، فرجعت إلى الباب وقلت‏:‏ لأكوننَّ بوَّاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فلم أنشب أن دقَّ الباب فقلت‏:‏ من هذا ‏؟‏

قال‏:‏ أبو بكر‏.‏

قلت‏:‏ على رسلك وذهبت إلى النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقلت‏:‏ يا رسول الله هذا أبو بكر يستأذن‏.‏

فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏إئذن لي وبشِّره بالجنَّة‏)‏‏)‏‏.‏

قال‏:‏ فخرجت مسرعاً حتى قلت لأبي بكر‏:‏ إدخل ورسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يبشِّرك بالجنَّة‏.‏

قال‏:‏ فدخل حتى جلس إلى جنب النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم في القفِّ على يمينه ودلَّى رجليه وكشف عن ساقيه كما صنع النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم‏.‏

قال‏:‏ ثمَّ رجعت وقد كنت تركت أخي يتوضَّأ وقد كان قال لي‏:‏ أنا على إثرك‏.‏

فقلت‏:‏ إن يرد الله بفلان خيراً يأت به‏.‏

قال‏:‏ فسمعت تحريك الباب فقلت‏:‏ من هذا ‏؟‏

قال‏:‏ عمر‏.‏

قلت‏:‏ على رسلك قال‏:‏ وجئت النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم فسلَّمت عليه وأخبرته‏.‏

فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏إئذن له وبشِّره بالجنَّة‏)‏‏)‏‏.‏

قال‏:‏ فجئت وأذنت له وقلت له‏:‏ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يبشِّرك بالجنَّة، قال‏:‏ فدخل حتى جلس مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم على يساره وكشف عن ساقيه ودلى رجليه في البئر كما صنع النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأبو بكر‏.‏

قال‏:‏ ثمَّ رجعت فقلت‏:‏ إن يرد الله بفلان خيراً يأت به - يريد أخاه - فإذا تحريك الباب فقلت‏:‏ من هذا ‏؟‏

قال‏:‏ عثمان بن عفَّان‏.‏

قلت‏:‏ على رسلك وذهبت إلى رسول الله فقلت‏:‏ هذا عثمان يستأذن‏.‏

فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏إئذن له وبشِّره بالجنَّة على بلوى تصيبه‏)‏‏)‏‏.‏

قال‏:‏ فجئت فقلت‏:‏ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يأذن لك ويبشِّرك بالجنَّة على بلوى أو بلاء يصيبك‏.‏

فدخل وهو يقول‏:‏ الله المستعان فلم يجد في القف مجلساً فجلس وجاههم من شق البئر وكشف عن ساقيه ودلاهما في البئر كما صنع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما‏.‏

قال سعيد بن المسيّب‏:‏ فأوَّلتها قبورهم اجتمعت وانفرد عثمان‏.‏

وقد روى البيهقيّ من حديث عبد الأعلى ابن أبي المساور‏:‏ عن إبراهيم بن محمَّد بن حاطب عن عبد الرَّحمن بن بجير، عن زيد بن أرقم قال‏:‏ بعثني رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏انطلق حتى تأتي أبا بكر فتجده في داره جالساً محتبياً فقل‏:‏ إنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقرأ عليك السَّلام ويقول‏:‏ أبشر بالجنَّة ثمَّ انطلق حتى تأتي الثنية فتلقى عمر راكباً على حمار تلوح صلعته فقل‏:‏ إنَّ رسول الله يقرأ عليك السَّلام ويقول‏:‏ أبشر بالجنَّة ثمَّ انصرف حتى تأتي عثمان فتجده في السُّوق يبيع ويبتاع فقل‏:‏ إنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقرأ عليك السَّلام ويقول‏:‏ أبشر بالجنَّة بعد بلاء شديد‏)‏‏)‏ فذكر الحديث في ذهابه إليهم فوجد كلاً منهم كما ذكر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وكلاً منهم يقول‏:‏ أين رسول الله ‏؟‏

فيقول‏:‏ في مكان كذا وكذا فيذهب إليه‏.‏

وأنَّ عثمان لما رجع قال‏:‏ يا رسول الله وأي بلاء يصيبني‏؟‏ والذي بعثك بالحقّ ما تغيبت ولا تمنيت ولا مسست ذكري بيميني منذ بايعتك فأي بلاء يصيبني ‏؟‏

فقال‏:‏ هو ذاك‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏6/229‏)‏

ثمَّ قال البيهقيّ‏:‏ عبد الأعلى ضعيف فإن كان حفظ هذا الحديث فيحتمل أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بعث إليهم زيد بن أرقم، فجاء وأبو موسى الأشعري جالس على الباب كما تقدَّم‏.‏

وهذا البلاء الذي أصابه هو ما اتفق وقوعه على يدي من أنكر عليه من رعاع أهل الأمصار بلا علم فوقع ما سنذكره في دولته إن شاء الله من حصرهم إيَّاه في داره حتى آل الحال بعد ذلك كله إلى اضطهاده وقتله وإلقائه على الطَّريق أيَّاما لا يصلَّى عليه، ولا يلتفت إليه حتى غُسِّل بعد ذلك وصُلِّي عليه، ودفن بحش كوكب - بستان في طريق البقيع - رضي الله عنه وأرضاه - وجعل جنَّات الفردوس متقلبه ومثواه‏.‏

كما قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا يحيى عن إسماعيل بن قيس، عن أبي سهلة مولى عثمان، عن عائشة قالت‏:‏ قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم‏:‏ ‏(‏‏(‏إدعو لي بعض أصحابي‏)‏‏)‏‏.‏

قلت‏:‏ أبو بكر ‏؟‏

قال‏:‏ ‏(‏‏(‏لا‏)‏‏)‏‏.‏

قلت‏:‏ عمر ‏؟‏

قال‏:‏ ‏(‏‏(‏لا‏)‏‏)‏‏.‏

قلت‏:‏ ابن عمك علي ‏؟‏

قال‏:‏ ‏(‏‏(‏لا‏)‏‏)‏‏.‏

قلت‏:‏ عثمان ‏؟‏

قال‏:‏ ‏(‏‏(‏نعم‏)‏‏)‏‏.‏

فلمَّا جاء عثمان قال‏:‏ تنحَّى فجعل يسَّاره ولون عثمان يتغير‏.‏

قال أبو سهلة‏:‏ فلمَّا كان يوم الدَّار وحضر فيها قلنا‏:‏ يا أمير المؤمنين ألا تقاتل ‏؟‏

قال‏:‏ لا إنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عهد إليَّ عهداً وإني صابر نفسي عليه تفرَّد به أحمد‏.‏

ثمَّ قد رواه أحمد عن وكيع عن إسماعيل، عن قيس، عن عائشة فذكر مثله‏.‏

وأخرجه ابن ماجه من حديث وكيع‏.‏

وقال نعيم بن حماد في كتابه ‏(‏الفتن والملاحم‏)‏‏:‏ حدَّثنا عتاب بن بشير عن خصيف، عن مجاهد، عن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ دخلت على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وعثمان بين يديه يناجيه، فلم أدرك من مقالته شيئاً إلا قول عثمان‏:‏ ظلماً وعدواناً يا رسول الله، فما دريت ما هو حتى قتل عثمان فعلمت أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إنَّما عنى قتله‏.‏

قالت عائشة‏:‏ وما أحببت أن يصل إلى عثمان شيء إلا وصل إليَّ مثله غيره، إن شاء الله علم أني لم أحبّ قتله ولو أحببت قتله لقتلت وذلك لما رمى هودجها من النبل حتى صار مثل القنفذ‏.‏

وقال أبو داود الطَّيالسيّ‏:‏ ثنا إسماعيل بن جعفر عن عمرو ابن أبي عمرو مولى المطلب، عن حذيفة قال‏:‏ قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم‏:‏ ‏(‏‏(‏لا تقوم السَّاعة حتى تقتلوا إمامكم وتجتلدوا بأسيافكم، ويرث دنياكم شراركم‏)‏‏)‏‏.‏

وقال البيهقيّ‏:‏ أنَّا أبو الحسين بن بشران، أنَّا علي بن محمد المصريّ، ثنا محمد بن إسماعيل السلميّ، ثنا عبد الله بن صالح، حدَّثني اللَّيث، حدَّثني خالد بن يزيد عن سعيد ابن أبي هلال، عن ربيعة بن سيف أنَّه حدَّثه أنَّه جلس يوماً مع شفي الأصبحي فقال‏:‏ سمعت عبد الله بن عمر يقول‏:‏ سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول‏:‏ ‏(‏‏(‏سيكون فيكم اثنا عشر خليفة أبو بكر الصِّديق لا يلبث خلفي إلا قليلاً، وصاحب رحى العرب يعيش حميداً، ويموت شهيداً‏)‏‏)‏‏.‏

فقال رجل‏:‏ ومن هو يا رسول الله ‏؟‏

قال‏:‏ ‏(‏‏(‏عمر بن الخطَّاب‏)‏‏)‏ ثمَّ التفت إلى عثمان فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏وأنت يسألك النَّاس أن تخلع قميصاً كساكه الله والذي بعثني بالحقّ لئن خلعته لا تدخل الجنَّة حتى يلج الجمل في سمِّ الخياط‏)‏‏)‏‏.‏

ثمَّ روى البيهقيّ من حديث موسى بن عقبة‏:‏ حدَّثني جدِّي أبو أمي أبو حبيبة أنَّه دخل الدَّار وعثمان محصور فيها، وأنَّه سمع أبا هريرة يستأذن عثمان في الكلام فأذن له فقام فحمد الله وأثنى عليه ثمَّ قال‏:‏ إني سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول‏:‏ ‏(‏‏(‏إنَّكم ستلقون بعدي فتنة واختلافاً‏)‏‏)‏‏.‏

فقال له قائل من النَّاس‏:‏ فمن لنا يا رسول الله‏؟‏ أو ما تأمرنا ‏؟‏

فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏عليكم بالأمين وأصحابه - وهو يشير إلى عثمان بذلك -‏)‏‏)‏‏.‏

وقد رواه الإمام أحمد‏:‏ عن عفَّان عن وهيب، عن موسى بن عقبة به‏.‏

وقد تقدَّم في حديث عبد الله بن حوالة شاهدان له بالصِّحة والله أعلم‏.‏

وقال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا عبد الرَّحمن عن سفيان، عن منصور، عن ربعي، عن البراء بن ناجية، عن عبد الله - هو ابن مسعود - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال‏:‏ ‏(‏‏(‏تدور رحى الإسلام لخمس وثلاثين، أو ست وثلاثين، أو سبع وثلاثين، فإن هلكوا فسبيل من قد هلك وإن يقم لهم دينهم يقم لهم سبعين عاماً‏)‏‏)‏‏.‏

قال‏:‏ قلت‏:‏ أمما مضى‏؟‏ أو مما بقي ‏؟‏

ورواه أبو داود عن محمد بن سليمان الأنباري، عن عبد الرحمن ابن مهدي به‏.‏

ثمَّ رواه أحمد عن إسحاق وحجاج عن سفيان، عن منصور، عن ربعي، عن البراء بن ناجية الكاهليّ، عن عبد الله بن مسعود قال‏:‏ قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم‏:‏ ‏(‏‏(‏إنَّ رحى الإسلام ستزول لخمس وثلاثين، أو سبع وثلاثين فإن تهلك فسبيل من هلك، وإن يقم لهم دينهم يقم لهم سبعين عاما‏)‏‏)‏‏.‏

قال‏:‏ قال عمر‏:‏ يا رسول الله أبما مضى‏؟‏ أو بما بقي ‏؟‏

قال‏:‏ ‏(‏‏(‏بل بما بقي‏)‏‏)‏‏.‏

وهكذا رواه يعقوب بن سفيان‏:‏ عن عبيد الله بن موسى عن إسرائيل، عن منصور به، فقال له عمر فذكره‏.‏

قال البيهقيّ‏:‏ وقد تابع إسرائيل الأعمش وسفيان الثوري عن منصور قال‏:‏ وبلغني أنَّ في هذا إشارة إلى الفتنة التي كان منها قتل عثمان سنة خمس وثلاثين، ثمَّ إلى الفتن التي كانت في أيام علي وأراد بالسَّبعين ملك بني أمية فإنَّه بقي بين ما استقر لهم الملك إلى أن ظهرت الدُّعاة بخراسان وضعف أمر بني أمية ودخل الوهن فيه نحواً من سبعين سنة‏.‏

قلت‏:‏ ثمَّ انطوت هذه الحروب أيَّام صفِّين وقاتل علي الخوارج في أثناء ذلك كما تقدَّم الحديث المتَّفق على صحَّته في الأخبار بذلك، وفي صفتهم، وصفة الرَّجل المخدج فيهم‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏6/231‏)‏

حديث آخر‏:‏

قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا إسحاق بن عيسى، حدَّثني يحيى بن سليم عن عبد الله بن عثمان، عن مجاهد، عن إبراهيم بن الأشتر، عن أبيه، عن أم ذر قالت‏:‏ لمَّا حضرت أبا ذر الوفاة بكيت‏.‏

فقال‏:‏ ما يبكيك ‏؟‏

فقلت‏:‏ ومالي لا أبكي وأنت تموت بفلاة من الأرض، ولا يد لي بدفنك، وليس عندي ثوب يسعك فأكفنك فيه‏.‏

قال‏:‏ فلا تبكي وابشري فإني سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول‏:‏ ‏(‏‏(‏ليموتنَّ رجل منكم بفلاة من الأرض يشهده عصابة من المؤمنين‏)‏‏)‏‏.‏

وليس من أولئك النَّفر أحد إلا وقد مات في قرية أو جماعة، وإني أنا الذي أموت بالفلاة والله ما كذب ولا كذبت، تفرَّد به أحمد رحمه الله‏.‏

وقد رواه البيهقيّ من حديث علي بن المدينيّ عن يحيى بن سليم الطَّائفي به مطولاً، والحديث مشهور في موته رضي الله عنه بالربذة سنة اثنتين وثلاثين في خلافة عثمان بن عفَّان وكان في النَّفر الذين قدموا عليه وهو في السِّياق عبد الله بن مسعود وهو الذي صلَّى عليه، ثمَّ قدم المدينة فأقام بها عشر ليال ومات رضي الله عنه‏.‏

حديث آخر‏:‏

قال البيهقيّ‏:‏ أنَّا الحاكم، أنَّا الأصمّ، ثنا محمد بن إسحاق الصنعاني، ثنا عمر بن سعيد الدِّمشقيّ، ثنا سعيد بن عبد العزيز عن إسماعيل بن عبيد الله، عن أبي عبد الله الأشعري، عن أبي الدَّرداء قال‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول الله بلغني أنَّك تقول‏:‏ ‏(‏‏(‏ليرتدنَّ أقوام بعد إيمانهم‏)‏‏)‏‏.‏

قال‏:‏ ‏(‏‏(‏أجل ولست منهم‏)‏‏)‏‏.‏

قال‏:‏ فتوفيّ أبو الدَّرداء قبل أن يقتل عثمان‏.‏

وقال يعقوب بن سفيان‏:‏ ثنا صفوان، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا عبد الله أو عبد الغفار بن إسماعيل بن عبد الله عن أبيه أنَّه حدَّثه عن شيخ من السَّلف قال‏:‏ سمعت أبا الدَّرداء يقول‏:‏ قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم‏:‏ ‏(‏‏(‏إني فرطكم على الحوض أنتظر من يرد علي منكم فلا ألفينَّ أنازع أحدكم فأقول‏:‏ إنَّه من أمتي، فيقال‏:‏ هل تدري ما أحدثوا بعدك‏)‏‏)‏‏.‏

قال أبو الدرداء‏:‏ فتخوَّفت أن أكون منهم فأتيت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فذكرت ذلك له‏.‏

فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏إنَّك لست منهم‏)‏‏)‏‏.‏

قال‏:‏ فتوفِّي أبو الدَّرداء قبل أن يقتل عثمان وقبل أن تقع الفتن‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏6/232‏)‏

قال البيهقيّ‏:‏ تابعه يزيد ابن أبي مريم عن أبي عبيد الله مسلم بن يشكر، عن أبي الدَّرداء إلى قوله‏:‏ ‏(‏‏(‏لست منهم‏)‏‏)‏‏.‏

قلت‏:‏ قال سعيد بن عبد العزيز‏:‏ توفي أبو الدَّرداء لسنتين بقيتا من خلافة عثمان‏.‏

وقال الواقديّ وأبو عبيد وغير واحد‏:‏ توفي سنة اثنتين وثلاثين رضي الله عنه‏.‏

 ذكر إخباره صلَّى الله عليه وسلَّم عن الفتن الواقعة‏:‏

في آخر أيَّام عثمان وخلافة علي رضي الله عنهما

ثبت في الصَّحيحين من حديث سفيان بن عيينة عن الزهريّ، عن عروة، عن أسامة بن زيد أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أشرف على أطم من آطام المدينة فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏هل ترون ما أرى‏؟‏ إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر‏)‏‏)‏‏.‏

وروى الإمام أحمد ومسلم من حديث الزهريّ عن أبي إدريس الخولانيّ سمعت حذيفة بن اليمان يقول‏:‏ والله إني لأعلم النَّاس بكل فتنة هي كائنة فيما بيني وبين السَّاعة، وما ذاك أن يكون رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حدَّثني من ذلك شيئاً أسرَّه إليَّ لم يكن حدَّث به غيري ولكن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال‏:‏ - وهو يحدِّث مجلساً أنا فيه - سئل عن الفتن، وهو يعد الفتن فيهن ثلاث لا تذوق شيئاً منهنَّ كرياح الصَّيف منها صغار ومنها كبار‏.‏

قال حذيفة‏:‏ فذهب أولئك الرَّهط كلَّهم غيري، وهذا لفظ أحمد‏.‏

قال البيهقيّ‏:‏ مات حذيفة بعد الفتنة الأولى بقتل عثمان وقيل‏:‏ الفتنتين الآخرتين في أيَّام علي‏.‏

قلت‏:‏ قال العجلي وغير واحد من علماء التَّاريخ‏:‏ كانت وفاة حذيفة بعد مقتل عثمان بأربعين يوماً وهو الذي قال‏:‏ لو كان قتل عثمان هدي لاحتلبت به الأمة لبناً ولكنَّه كان ضلالة فاحتلبت به الأمة دماً‏.‏

وقال‏:‏ لو أنَّ أحداً ارتقص لما صنعتم بعثمان لكان جديراً أن يرقص‏.‏

وقال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا سفيان بن عيينة عن الزهريّ، عن عروة، عن زينب بنت أبي سلمة، عن حبيبة بنت أم حبيبة بنت أبي سفيان، عن أمها أم حبيبة، عن زينب بنت جحش زوج النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال سفيان‏:‏ أربع نسوة، قالت‏:‏ استيقظ النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم من نومه وهو محمرَّ الوجه وهو يقول‏:‏ ‏(‏‏(‏لا إله إلا الله ويلٌ للعرب من شرٍ قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه‏)‏‏)‏ وحلَّق بإصبعه الإبهام والتي تليها‏.‏

قلت‏:‏ يا رسول الله أنهلك وفينا الصَّالحون ‏؟‏

قال‏:‏ ‏(‏‏(‏نعم إذا كثر الخبث‏)‏‏)‏‏.‏

هكذا رواه الأمام أحمد عن سفيان بن عيينة به‏.‏

وكذلك رواه مسلم عن أبي بكر ابن أبي شيبة وسعد بن عمرو والأشعثي وزهير بن حرب وابن أبي عمر كلهم عن سفيان بن عيينة به سواء‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏6/233‏)‏

ورواه التّرمذيّ‏:‏ عن سعيد بن عبد الرَّحمن المخزوميّ وغير واحد، كلهم عن سفيان بن عيينة وقال التّرمذيّ‏:‏ حسن صحيح‏.‏

وقال التّرمذيّ‏:‏ قال الحميدي‏:‏ عن سفيان حفظت من الزُّهريّ في هذا الإسناد أربع نسوة‏.‏

قلت‏:‏ وقد أخرجه البخاريّ عن مالك بن إسماعيل‏.‏

ومسلم‏:‏ عن عمرو الناقد عن الزهريّ، عن عروة، عن زينب، عن أم حبيبة، عن زينب بنت جحش فلم يذكروا حبيبة في الإسناد‏.‏

وكذلك رواه عن الزهري شعيب وصالح بن كيسان، وعقيل ومحمد بن إسحاق، ومحمد ابن أبي عتيق، ويونس بن يزيد فلم يذكروا عنه في الإسناد حبيبة والله أعلم‏.‏

فعلى ما رواه أحمد ومن تابعه عن سفيان بن عيينة يكون قد اجتمع في هذا الإسناد تابعيان وهما‏:‏ الزهري وعروة بن الزبير، وأربع صحابيات وبنتان وزوجتان وهذا عزيز جداً، ثمَّ قال البخاريّ بعد رواية الحديث المتقدِّم‏:‏ عن أبي اليمان عن شعيب، عن الزهريّ فذكره إلى آخره، ثمَّ قال‏:‏ وعن الزهريّ، حدَّثتني هند بنت الحارث أنَّ أم سلمة قالت‏:‏ استيقظ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏سبحان الله ماذا أنزل من الخزائن‏؟‏ وماذا أنزل من الفتن ‏؟‏‏!‏‏)‏‏)‏

وقد أسنده البخاريّ في مواضع أخر من طرق‏:‏ عن الزهري به‏.‏

ورواه التّرمذيّ من حديث معمر‏:‏ عن الزهري وقال‏:‏ حسن صحيح‏.‏

وقال أبو داود الطَّيالسيّ‏:‏ ثنا الصَّلت بن دينار، ثنا عقبة بن صهبان وأبو رجاء العطاردي قالا‏:‏ سمعنا الزُّبير وهو يتلو هذه الآية‏:‏ ‏{‏وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً‏}‏ ‏[‏الأنفال‏:‏ 25‏]‏‏.‏

قال‏:‏ لقد تلوت هذه الآية زمناً وما أراني من أهلها فأصبحنا من أهلها، وهذا الإسناد ضعيف ولكن روي من وجه آخر فقال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا أسود بن عامر، ثنا جرير قال‏:‏ سمعت أنساً قال‏:‏ قال الزُّبير بن العوَّام‏:‏ نزلت هذه الآية ونحن متوافرون مع النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم ‏(‏‏(‏واتقوا فتنة لا تصيبنَّ الذين ظلموا منكم خاصة‏)‏‏)‏‏.‏

فجعلنا نقول‏:‏ ما هذه الفتنة‏؟‏ وما نشعر أنها تقع حيث وقعت‏.‏

ورواه النَّسائيّ‏:‏ عن إسحاق بن إبراهيم عن مهدي، عن جرير بن حازم به‏.‏

وقد قتل الزُّبير بوادي السِّباع مرجعه من قتال يوم الجمل على ما سنورده في موضعه إن شاء الله تعالى‏.‏

وقال أبو داود السَّجستانيّ في سننه‏:‏ ثنا مسدد، ثنا أبو الأحوص سلام بن سليم عن منصور، عن هلال بن يساف، عن سعيد بن زيد قال‏:‏ كنَّا عند النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم فذكر فتنة وعظَّم أمرها فقلنا‏:‏ يا رسول الله لئن أدركتنا هذه لتهلكنا ‏؟‏

فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏كلا إن بحسبكم القتل‏)‏‏)‏‏.‏

قال سعيد‏:‏ فرأيت إخواني قتلوا، تفرَّد به أبو داود‏.‏

وقال أبو داود السَّجستانيّ‏:‏ حدَّثنا الحسن بن علي، ثنا يزيد أنا هشام عن محمد قال‏:‏ قال حذيفة‏:‏ ما أحد من النَّاس تدركه الفتنة إلا أنا أخافها عليه إلا محمد بن مسلمة، فإنِّي سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول‏:‏ ‏(‏‏(‏لا تضرَّك الفتنة‏)‏‏)‏ وهذا منقطع‏.‏

‏(‏ج/ص‏:‏6/234‏)‏

وقال أبو داود الطَّيالسيّ‏:‏ ثنا شعبة عن أشعث ابن أبي أشعث سمعت أبا بردة يحدِّث عن ثعلبة ابن أبي ضبيعة سمعت حذيفة يقول‏:‏ إنِّي لأعرف رجلاً لا تضرَّه الفتنة، فأتينا المدينة فإذا فسطاط مضروب وإذا محمد بن مسلمة الأنصاري، فسألته فقال‏:‏ لا أستقر بمصر من أمصارهم حتى تنجلي هذه الفتنة عن جماعة المسلمين‏.‏

قال البيهقيّ‏:‏ ورواه أبو داود - يعني‏:‏ السَّجستانيّ - عن عمرو بن مرزوق، عن شعبة به‏.‏

وقال أبو داود‏:‏ ثنا مسدد، ثنا أبو عوانة عن أشعث بن سليم، عن أبي بردة، عن ضبيعة بن حصين الثعلبيّ، عن حذيفة بمعناه‏.‏

قال البخاري في ‏(‏التَّاريخ‏)‏‏:‏ هذا عندي أولى‏.‏

وقال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا يزيد، ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد، عن أبي بردة قال‏:‏ مررت بالربذة فإذا فسطاط فقلت‏:‏ لمن هذا ‏؟‏

فقيل‏:‏ لمحمد بن مسلمة فاستأذنت عليه فدخلت عليه فقلت‏:‏ رحمك الله إنَّك من هذا الأمر بمكان فلو خرجت إلى النَّاس فأمرت ونهيت، فقال‏:‏ إنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال‏:‏ ‏(‏‏(‏إنها ستكون فتنة وفرقة واختلاف فإذا كان ذلك فأت بسيفك أحداً فاضرب به عرضه، وكسِّر نبلك، واقطع واترك واجلس في بيتك حتى تأتيك يد خاطئة أو يعافيك الله‏)‏‏)‏ فقد كان ما قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وفعلت ما أمرني به‏.‏

ثم استنزل سيفاً كان معلقاً بعمود الفسطاط واخترطه فإذا سيف من خشب، فقال‏:‏ قد فعلت ما أمرني به واتَّخذت هذا أرهب به النَّاس، تفرَّد به أحمد‏.‏

وقال البيهقيّ‏:‏ أنَّا الحاكم، ثنا علي بن عيسى المدنيّ، أنَّا أحمد بن بحرة القرشيّ، ثنا يحيى بن عبد الحميد، أنَّا إبراهيم بن سعد، ثنا سالم بن صالح بن إبراهيم بن عبد الرَّحمن ابن عوف عن أبيه، عن محمود بن لبيد، عن محمد بن مسلمة أنَّه قال‏:‏ يا رسول الله كيف أصنع إذا اختلف المضلون ‏؟‏

قال‏:‏ ‏(‏‏(‏أخرج بسيفك إلى الحرَّة فتضربها به ثمَّ تدخل بيتك حتى تأتيك منية قاضية أو يد خاطئة‏)‏‏)‏‏.‏

وقال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا عبد الصَّمد، ثنا زياد بن مسلم أبو عمر، ثنا أبو الأشعث الصنعانيّ قال‏:‏ بعثنا يزيد بن معاوية إلى ابن الزُّبير فلمَّا قدمت المدينة دخلت على فلان نسي زياد اسمه، فقال‏:‏ إنَّ النَّاس قد صنعوا ما صنعوا فما ترى ‏؟‏

قال‏:‏ أوصاني خليلي أبو القاسم إن أدركت شيئاً من هذه الفتن فاعمد إلى أُحد فاكسر به حدَّ سيفك ثمَّ أقعد في بيتك فإن دخل عليك أحد البيت فقم إلى المخدع فإن دخل عليك المخدع فاجثو على ركبتيك وقل‏:‏ بؤ بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النَّار وذلك جزاء الظَّالمين، فقد كسرت سيفي وقعدت في بيتي‏.‏

هكذا وقع إيراد هذا الحديث في مسند محمد بن مسلمة عند الإمام أحمد ولكن وقع إبهام اسمه وليس هو لمحمد بن مسلمة بل صحابي آخر فإنَّ محمد بن مسلمة رضي الله عنه لا خلاف عند أهل التَّاريخ أنَّه توفي فيما بين الأربعين إلى الخمسين، فقيل‏:‏ سنة اثنتين، وقيل ثلاث، وقيل سبع وأربعين، ولم يدرك أيَّام يزيد بن معاوية وعبد الله بن الزبير بلا خلاف فتعيَّن أنَّه صحابي آخر خبره كخبر محمد بن مسلمة‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏6/235‏)‏

وقال نعيم بن حماد في ‏(‏الفتن والملاحم‏)‏‏:‏ حدَّثنا عبد الصَّمد بن عبد الوارث عن حماد بن سلمة، ثنا أبو عمرو السلميّ، عن بنت أهبان الغفاري أنَّ علياً أتى أهبان فقال‏:‏ ما يمنعك أن تتبعنا ‏؟‏

فقال‏:‏ أوصاني خليلي وابن عمك صلَّى الله عليه وسلَّم أن ستكون فرقة وفتنة واختلاف فإذا كان ذلك فاكسر سيفك واقعد في بيتك واتخذ سيفاً من خشب‏.‏

وقد رواه أحمد‏:‏ عن عفَّان وأسود بن عامر ومؤمل ثلاثتهم، عن حماد بن سلمة به وزاد مؤمل في روايته بعد قوله‏:‏ واتخذ سيفاً من خشب واقعد في بيتك حتى تأتيك يد خاطئة، أو منيَّة قاضية‏.‏

ورواه الإمام أحمد أيضاً، والتّرمذيّ، وابن ماجه من حديث عبد الله بن عبيد الديليّ‏:‏ عن عديسة بنت أهبان بن صيفيّ عن أبيها به‏.‏

وقال التّرمذيّ‏:‏ حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن عبيد كذا قال وقد تقدَّم من غير طريقه‏.‏

وقال البخاريّ‏:‏ ثنا عبد العزيز الأويسيّ، ثنا إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيّب وأبي سلمة بن عبد الرَّحمن أنَّ أبا هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم‏:‏ ‏(‏‏(‏ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من السَّاعي، من تشَّرف لها تستشرفه ومن وجد ملجأ أو معاذاً فليعذ به‏)‏‏)‏‏.‏

وعن ابن شهاب حدَّثني أبو بكر ابن عبد الرَّحمن بن الحارث عن عبد الرَّحمن بن مطيع بن الأسود، عن نوفل ابن معاوية مثل حديث أبي هريرة‏.‏

هذا وقد روى مسلم حديث أبي هريرة من طريق إبراهيم بن سعد كما رواه البخاري، وكذلك حديث نوفل بن معاوية بإسناد البخاري ولفظه‏.‏

ثمَّ قال البخاريّ‏:‏ ثنا محمد بن كثير، أخبرني سفيان عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن ابن مسعود، عن النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال‏:‏ ‏(‏‏(‏ستكون أثرة وأمور تنكرونها‏)‏‏)‏‏.‏

فقالوا‏:‏ يا رسول الله فما تأمرنا ‏؟‏

قال‏:‏ ‏(‏‏(‏تؤدُّون الحقّ الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم‏)‏‏)‏‏.‏

ورواه مسلم من حديث الأعمش به‏.‏

وقال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا روح، ثنا عثمان الشحام، ثنا سلمة ابن أبي بكرة عن أبي بكرة، عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه قال‏:‏ ‏(‏‏(‏إنها ستكون فتنة ثمَّ تكون فتنة ألا فالماشي فيها خير من السَّاعي إليها والقاعد فيها خير من القائم فيها ألا والمضطجع فيها خير من القاعد، ألا فإذا نزلت فمن كان له غنم فليلحق بغنمه، ألا ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه، ألا ومن كانت له إبل فليلحق بإبله‏)‏‏)‏‏.‏

فقال رجل من القوم‏:‏ يا نبي الله جعلني الله فداك أرأيت من ليست له غنم ولا أرض ولا إبل كيف يصنع ‏؟‏

قال‏:‏ ‏(‏‏(‏ليأخذ سيفه ثمَّ ليعمد به إلى صخرة ثمَّ ليدقَّ على حدِّه بحجر ثمَّ لينج إن استطاع النجاء اللَّهم هل بلغت‏)‏‏)‏‏.‏

إذ قال رجل‏:‏ يا رسول الله جعلني الله فداك أرأيت إن أخذ بيدي مكرهاً حتى ينطلق بي إلى أحد الصَّفين، أو إحدى الفئتين - شكَّ عثمان - فيحذفني رجل بسيفه فيقتلني ماذا يكون من شأني ‏؟‏

قال‏:‏ ‏(‏‏(‏يبوء بإثمك وإثمه ويكون من أصحاب النَّار‏)‏‏)‏‏.‏

وهكذا رواه مسلم من حديث عثمان الشحام بنحوه‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏6/236‏)‏

وهذا إخبار عن إقبال الفتن وقد وردت أحاديث كثيرة في معنى هذا‏.‏

وقال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا يحيى بن إسماعيل، ثنا قيس قال‏:‏ لمَّا أقبلت عائشة - يعني‏:‏ في مسيرها إلى وقعة الجمل - وبلغت مياه بني عامر ليلاً نبحت الكلاب فقالت‏:‏ أي ماء هذا ‏؟‏

قالوا‏:‏ ماء الحوأب‏.‏

فقالت‏:‏ ما أظنني إلا راجعة‏.‏

فقال بعض من كان معها‏:‏ بل تقدمين فيراك المسلمون فيصلح الله ذات بينهم‏.‏

قالت‏:‏ إنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال لنا ذات يوم‏:‏ ‏(‏‏(‏كيف بإحداكنَّ تنبح عليها كلاب الحوأب‏؟‏‏)‏‏)‏

ورواه أبو نعيم بن حماد في ‏(‏الملاحم‏)‏‏:‏ عن يزيد بن هارون عن أبي خالد، عن قيس ابن أبي حازم به‏.‏

ثمَّ رواه أحمد‏:‏ عن غُنْدَر عن شعبة، عن إسماعيل ابن أبي خالد، عن قيس ابن أبي حازم أنَّ عائشة لمَّا أتت على الحوأب فسمعت نباح الكلاب فقالت‏:‏ ما أظنني إلا راجعة إنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال لنا‏:‏ ‏(‏‏(‏أيتكن ينبح عليها كلاب الحوأب‏؟‏‏)‏‏)‏

فقال لها الزُّبير‏:‏ ترجعين عسى الله أن يصلح بك بين النَّاس وهذا إسناد على شرط الصَّحيحين ولم يخرِّجوه‏.‏

وقال الحافظ أبو بكر البزَّار‏:‏ ثنا محمد بن عثمان بن كرامة، ثنا عبيد الله بن موسى عن عصام بن قدامة البجليّ، عن عكرمة، عن ابن عبَّاس قال‏:‏ قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم‏:‏ ‏(‏‏(‏ليت شعري أيتكنَّ صاحبة الجمل الأديب‏؟‏ تسير حتى تنبحها كلاب الحوأب يقتل عن يمينها وعن يسارها خلق كثير‏)‏‏)‏‏.‏

ثمَّ قال‏:‏ لا نعلمه يروى عن ابن عبَّاس إلا بهذا الإسناد‏.‏

وقال الطَّبرانيّ‏:‏ ثنا إبراهيم بن نائلة الأصبهانيّ، ثنا إسماعيل بن عمرو البجليّ، ثنا نوح بن دراج عن الأجلح بن عبد الله، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن ابن الحسين، عن ابن عبَّاس قال‏:‏ لما بلغ أصحاب علي حين ساروا إلى البصرة أنَّ أهل البصرة قد اجتمعوا لطلحة والزبير شقَّ عليهم ووقع في قلوبهم فقال علي‏:‏ والذي لا إله غيره ليظهرنَّه على أهل البصرة وليقتلنَّ طلحة والزُّبير وليخرجنَّ إليكم من الكوفة ستة آلاف وخمسمائة وخمسون رجلاً، أو خمسة آلاف وخمسمائة وخمسون رجلاً - شكَّ الأجلح - قال ابن عبَّاس‏:‏ فوقع ذلك في نفسي فلمَّا أتى الكوفة خرجت فقلت‏:‏ لأنظرنَّ فإن كان كما يقول فهو أمر سمعه وإلا فهو خديعة الحرب، فلقيت رجلاً من الجيش فسألته فوالله ما عتم أن قال‏:‏ ما قال علي‏.‏

قال ابن عبَّاس‏:‏ وهو ما كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يخبره‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏6/237‏)‏

وقال البيهقيّ‏:‏ أنَّا عبد الله الحافظ، ثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الحفيد، ثنا أحمد بن نصر، ثنا أبو نعيم الفضل، ثنا عبد الجبَّار بن الورد عن عمَّار الذَّهبيّ، عن سالم ابن أبي الجعد، عن أم سلمة قالت‏:‏ ذكر النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم خروج بعض أمهات المؤمنين فضحكت عائشة فقال لها‏:‏ ‏(‏‏(‏انظري يا حميراء أن لا تكوني أنت‏)‏‏)‏ ثمَّ التفت إلى علي وقال‏:‏ ‏(‏‏(‏يا علي إن وليت من أمرها شيئاً فارفق بها‏)‏‏)‏ وهذا حديث غريب جداً وأغرب منه ما رواه البيهقيّ أيضاً عن الحاكم، عن الأصمّ، عن محمد بن إسحاق الصنعانيّ عن أبي نعيم، عن عبد الجبَّار بن العبَّاس الشَّامي، عن عطاء بن السَّائب، عن عمر بن الهجيع، عن أبي بكرة قال‏:‏ قيل له‏:‏ ما يمنعك أن لا تكون قاتلت على نصرتك يوم الجمل ‏؟‏

فقال‏:‏ سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول‏:‏ ‏(‏‏(‏يخرج قوم هلكى لا يفلحون قائدهم امرأة قائدهم في الجنَّة‏)‏‏)‏ وهذا منكر جداً‏.‏

والمحفوظ ما رواه البخاريّ من حديث الحسن البصري‏:‏ عن أبي بكرة قال‏:‏ نفعني الله بكلمة سمعتها من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وبلغه أنَّ فارس ملَّكوا عليهم امرأة كسرى‏.‏

فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏لن يفلح قوم ولُّوا أمرهم امرأة‏)‏‏)‏‏.‏

وقال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة عن الحكم سمعت أبا وائل قال‏:‏ لمَّا بعث علي عمَّاراً والحسن إلى الكوفة يستنفرهم خطب عمَّار فقال‏:‏ إني لأعلم أنها زوجته في الدُّنيا والآخرة لكنَّ الله ابتلاكم لتتبعوه أو إيَّاها‏.‏

ورواه البخاري‏:‏ عن بندار عن غُنْدَر وهذا كله وقع في أيَّام الجمل، وقد ندمت عائشة رضي الله عنها على ما كان من خروجها على ما سنورده في موضعه وكذلك الزُّبير بن العوَّام أيضاً، تذكَّر وهو واقف في المعركة أنَّ قتاله في هذا الموطن ليس بصواب فرجع عن ذلك‏.‏

قال عبد الرَّزاق‏:‏ أنَّا معمر عن قتادة قال‏:‏ لمَّا ولي الزُّبير يوم الجمل بلغ علياً فقال‏:‏ لو كان ابن صفية يعلم أنَّه على حق ما ولى وذلك أنَّ النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم لقيهما في سقيفة بنى ساعدة فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏أتحبه يا زبير‏؟‏‏)‏‏)‏

فقال‏:‏ وما يمنعني ‏؟‏

قال‏:‏ فكيف بك إذا قاتلته وأنت ظالم له ‏؟‏

قال‏:‏ فيرون أنَّه إنما ولى لذلك، وهذا مرسل من هذا الوجه‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏6/238‏)‏

وقد أسنده الحافظ البيهقيّ من وجه آخر فقال‏:‏ أنَّا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي، ثنا أبو عمرو بن مطر، أنَّا أبو العبَّاس عبد الله بن محمد بن سوار الهاشميّ الكوفي، ثنا منجاب بن الحرث، ثنا عبد الله بن الأجلح، ثنا أبي عن يزيد الفقير، عن أبيه قال‏:‏ وسمعت فضل بن فضالة يحدِّث أبي عن أبي حرب ابن أبي الأسود الدؤليّ، عن أبيه دخل حديث أحدهما في حديث صاحبه قال‏:‏ لمَّا دنا علي وأصحابه من طلحة والزُّبير ودنت الصُّفوف بعضها من بعض خرج علي وهو على بغلة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فنادى‏:‏ إدعوا لي الزُّبير بن العوَّام فأتى علي فدعي له الزُّبير فأقبل حتى اختلفت أعناق دوابهما، فقال علي‏:‏ يا زبير ناشدتك بالله أتذكر يوم مرَّ بك رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مكان كذا وكذا فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏يا زبير تحبّ علياً‏؟‏‏)‏‏)‏

فقلت‏:‏ ألا أحبّ ابن خالي وابن عمي، وعلى ديني ‏؟‏

فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏يا علي أتحبَّه‏؟‏‏)‏‏)‏

فقلت‏:‏ يا رسول الله ألا أحب ابن عمتي وعلى ديني ‏؟‏

فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏يا زبير أما والله لتقاتلنَّه وأنت ظالم له‏)‏‏)‏‏.‏

فقال الزُّبير‏:‏ بلى والله لقد نسيته منذ سمعته من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ثمَّ ذكرته الآن والله لا أقاتلك‏.‏

فرجع الزُّبير على دابته يشقّ الصُّفوف فعرض له ابنه عبد الله ابن الزبير فقال‏:‏ مالك ‏؟‏

فقال‏:‏ ذكَّرني علي حديثاً سمعته من رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - سمعته وهو يقول‏:‏ ‏(‏‏(‏لتقاتلنَّه وأنت ظالم له‏)‏‏)‏ فلا أقاتلنه‏.‏

فقال‏:‏ وللقتال جئت‏؟‏ إنَّما جئت تصلح بين النَّاس ويصلح الله هذا الأمر‏.‏

قال‏:‏ قد حلفت أن لا أقاتله‏.‏

قال‏:‏ فأعتق غلامك خير وقف حتى تصلح بين النَّاس فأعتق غلامه ووقف فلمَّا اختلف أمر النَّاس ذهب على فرسه‏.‏

قال البيهقيّ‏:‏ وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أنَّا الإمام أبو الوليد، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا قطن بن بشير، ثنا جعفر بن سليمان، ثنا عبد الله بن محمد الرقاشيّ، ثنا جدِّي وهو عبد الملك بن مسلم عن أبي وجرة المازني قال‏:‏ سمعت علياً والزُّبير وعلي يقول له‏:‏ ناشدتك الله يا زبير أما سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول‏:‏ ‏(‏‏(‏إنَّك تقاتلني وأنت لي ظالم‏)‏‏)‏ ‏؟‏

قال‏:‏ بلى ولكني نسيت‏.‏

وهذا غريب كالسِّياق الذي قبله‏.‏

وقد روى البيهقيّ من طريق الهذيل بن بلال - وفيه ضعف - عن عبد الرَّحمن بن مسعود العبديّ، عن علي قال‏:‏ قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم‏:‏ ‏(‏‏(‏من سرَّه أن ينظر إلى رجل يسبقه بعض أعضائه إلى الجنَّة فلينظر إلى زيد بن صوحان‏)‏‏)‏‏.‏

قلت‏:‏ قتل زيد هذا في وقعة الجمل من ناحية علي‏.‏

وثبت في الصَّحيحين من حديث همام بن منبه‏:‏ عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم‏:‏ ‏(‏‏(‏لا تقوم السَّاعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان دعواهما واحدة‏)‏‏)‏‏.‏

ورواه البخاري أيضاً عن أبي اليمان، عن شعيب، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة مثله‏.‏

ورواه البخاريّ أيضاً عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهريّ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏6/239‏)‏

وهاتان الفئتان هما أصحاب الجمل وأصحاب صفِّين فإنَّهما جميعاً يدعون إلى الإسلام، وإنما يتنازعون في شيء من أمور الملك ومراعاة المصالح العائد نفعها على الأمة والرَّعايا، وكان ترك القتال أولى من فعله، كما هو مذهب جمهور الصَّحابة كما سنذكره‏.‏

وقال يعقوب بن سفيان‏:‏ ثنا أبو اليمان، ثنا صفوان بن عمرو قال‏:‏ كان أهل الشَّام ستين ألفاً فقتل منهم عشرون ألفاً، وكان أهل العراق مائة وعشرين ألفاً فقتل منهم أربعون ألفاً، ولكن كان علي وأصحابه أدنى الطَّائفتين إلى الحقِّ من أصحاب معاوية وأصحاب معاوية كانوا باغين عليهم‏.‏

كما ثبت في صحيح مسلم من حديث شعبة عن أبي سلمة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدريّ قال‏:‏ حدَّثني من هو خير مني - يعني‏:‏ أبا قتادة - أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال لعمار‏:‏ ‏(‏‏(‏تقتلك الفئة الباغية‏)‏‏)‏‏.‏

ورواه أيضاً من حديث ابن علية عن ابن عون، عن الحسن، عن أمه، عن أم سلمة قالت‏:‏ قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم‏:‏ ‏(‏‏(‏يقتل عمَّارا الفئة الباغية‏)‏‏)‏‏.‏

وفي رواية‏:‏ ‏(‏‏(‏وقاتله في النَّار‏)‏‏)‏‏.‏

وقد تقدَّم الحديث بطرقه عند بناء المسجد النبويّ في أول الهجرة النَّبوية وما يزيده بعض الرَّافضة في هذا الحديث من قولهم بعد‏:‏ لا أنالها الله شفاعتي يوم القيامة فليس له أصل يعتمد عليه‏.‏

وقد روى البيهقيّ من حديث أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر عن مولاة لعمَّار قالت‏:‏ اشتكى عمَّار شكوى أرق منها فغشي عليه فأفاق ونحن نبكي حوله فقال‏:‏ ما تبكون أتخشون أن أموت على فراشي‏؟‏ أخبرني حبيبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه تقتلني الفئة الباغية وأنَّ آخر زادي من الدُّنيا مذقة لبن‏.‏

وقال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثني وكيع، ثنا سفيان عن حبيب ابن أبي ثابت، عن أبي البختري قال‏:‏ قال عمَّار يوم صفِّين‏:‏ إئتوني بشربة لبن فإنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال‏:‏ ‏(‏‏(‏آخر شربة تشربها من الدُّنيا شربة لبن‏)‏‏)‏‏.‏

فشربها ثمَّ تقدَّم فَقُتِل‏.‏

وحدَّثنا عبد الرَّحمن بن مهدي عن سفيان، عن حبيب، عن أبي البختري أنَّ عمَّار بن ياسر أُتى بشربة لبن فضحك وقال‏:‏ إنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال لي‏:‏ ‏(‏‏(‏آخر شراب أشربه لبن حين أموت‏)‏‏)‏‏.‏

وروى البيهقيّ من حديث عمَّار الدَّهني عن سالم ابن أبي الجعد، عن ابن مسعود سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول‏:‏ ‏(‏‏(‏إذا اختلف النَّاس كان ابن سمية مع الحقّ‏)‏‏)‏‏.‏

ومعلوم أنَّ عماراً كان في جيش علي يوم صفِّين وقتله أصحاب معاوية من أهل الشَّام وكان الذي تولى قتله رجل يقال له‏:‏ أبو الغادية رجل من أفناد النَّاس، وقيل‏:‏ إنَّه صحابي‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏6/240‏)‏

وقد ذكر أبو عمر بن عبد البرّ وغيره في ‏(‏أسماء الصَّحابة‏)‏ وهو أبو الغادية مسلم، وقيل‏:‏ يسار بن أزيهر الجهني من قضاعة، وقيل‏:‏ مزني وقيل‏:‏ هما إثنان، سكن الشَّام ثمَّ صار إلى واسط روى له أحمد حديثاً وله عند غيره آخر‏.‏

قالوا‏:‏ وهو قاتل عمَّار بن ياسر وكان يذكر صفة قتله لعمَّار لا يتحاشى من ذلك، وسنذكر ترجمته عند قتله لعمَّار أيَّام معاوية في وقعة صفِّين وأخطأ من قال‏:‏ كان بدرياً‏.‏

وقال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا يزيد بن هارون، ثنا العوَّام، حدَّثني ابن مسعود عن حنظلة بن خويلد العنزي قال‏:‏ بينا أنا عند معاوية إذ جاءه رجلان يختصمان في رأس عمَّار يقول كل واحد منهما‏:‏ أنا قتلته‏.‏

فقال عبد الله بن عمرو‏:‏ ليطب به أحدكما لصاحبه نفسا‏:‏ فإني سمعت النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول‏:‏ ‏(‏‏(‏تقتله الفئة الباغية‏)‏‏)‏‏.‏

فقال معاوية‏:‏ ألا نحِّ عنَّا مجنونك يا عمرو فما بالك معنا‏.‏

قال‏:‏ إنَّ أبي شكاني إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم‏.‏

فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏أطع أباك ما دام حياً ولا تعصه، فأنا معكم ولست أقاتل‏.‏

وقال الإمام أحمد‏:‏ ثنا أبو معاوية، ثنا الأعمش عن عبد الرحمن بن زياد، عن عبد الله بن الحرث بن نوفل قال‏:‏ إني لأسير مع معاوية منصرفه من صفِّين بينه وبين عمرو بن العاص‏.‏

فقال عبد الله بن عمرو‏:‏ يا أبة أما سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول لعمَّار‏:‏ ‏(‏‏(‏ويحك يا ابن سمية تقتلك الفئة الباغية‏)‏‏)‏‏.‏

قال‏:‏ فقال عمرو لمعاوية‏:‏ ألا تسمع ما يقول هذا ‏؟‏

فقال معاوية‏:‏ لا يزال يأتينا نهيه أونحن قتلناه‏؟‏ إنَّما قتله من جاءوا به‏.‏

ثمَّ رواه أحمد‏:‏ عن أبي نعيم عن الثوري، عن الأعمش، عن عبد الرَّحمن ابن أبي زياد فذكر مثله، فقول معاوية‏:‏ إنما قتله من قدَّمه إلى سيوفنا تأويل بعيد جداً، إذ لو كان كذلك لكان أمير الجيش هو القاتل للذين يقتلون في سبيل الله حيث قدَّمهم إلى سيوف الأعداء‏.‏

وقال عبد الرَّزاق‏:‏ أنَّا ابن عيينة، أخبرني عمرو بن دينار عن ابن أبي مليكة، عن المسور بن مخرمة قال عمرو لعبد الرَّحمن ابن عوف‏:‏ أما علمت أنَّا كنَّا نقرأ ‏{‏وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ‏}‏ ‏[‏الحج‏:‏ 78‏]‏‏.‏

في آخر الزَّمان كما جاهدتم في أوله ‏؟‏

فقال عبد الرَّحمن بن عوف‏:‏ ومتى ذلك يا أمير المؤمنين ‏؟‏

قال‏:‏ إذا كان بنو أمية الأمراء وبنو المغيرة الوزراء‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏6/241‏)‏

ذكره البيهقيّ ههنا وكأنَّه يستشهد به على ما عقد له الباب بعده من ذكر الحكمين وما كان من أمرهما فقال‏:‏