فصل: المكحلة التي كان عليه السلام يكتحل منها‏

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البداية والنهاية **


الجزء السادس

 باب آثار النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم التي كان يختص بها في حياته

من ثياب وسلاح ومراكب

 ذكر الخاتم الذي كان يلبسه عليه السلام‏:‏

وقد أفرد له أبو داود في كتابه ‏(‏السنن‏)‏ كتاباً على حدة‏.‏

ولنذكر عيون ما ذكره في ذلك مع ما نضيفه إليه، والمعول في أصل ما نذكره عليه‏.‏

قال أبو داود‏:‏ حدَّثنا عبد الرَّحيم بن مطرف الرؤاسيّ، حدَّثنا عيسى عن سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك قال‏:‏ أراد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن يكتب إلى بعض الأعاجم فقيل له‏:‏ إنهم لا يقرؤن كتاباً إلا بخاتم، فاتخذ خاتماً من فضة، ونقش فيه‏:‏ محمد رسول الله‏.‏

وهكذا رواه البخاري عن عبد الأعلى بن حماد، عن يزيد بن زريع، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة به‏.‏

ثم قال أبو داود‏:‏ حدثنا وهب بن بقية عن خالد، عن سعيد، عن قتادة، عن أنس بمعنى حديث عيسى بن يونس، زاد‏:‏ فكان في يده حتى قُبض، وفي يد أبي بكر حتى قُبض، وفي يد عمر حتى قُبض، وفي يد عثمان فبينما هو عند بئر إذ سقط في البئر فأمر بها فنزحت، فلم يقدر عليه‏.‏

تفرد به أبو داود من هذا الوجه‏.‏

ثم قال أبو داود رحمه الله‏:‏ حدثنا قتيبة بن سعيد وأحمد بن صالح قالا‏:‏ أنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب قال‏:‏ حدثني أنس قال‏:‏ كان خاتم النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم من ورق فصَّه حبشي‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏6/4‏)‏

وقد روى هذا الحديث البخاري من حديث الليث‏.‏

ومسلم من حديث ابن وهب، وطلحة عن يحيى الأنصاري، وسليمان بن بلال‏.‏

زاد النسائي وابن ماجه‏:‏ وعثمان عن عمر خمستهم عن يونس بن يزيد الأيلي به‏.‏

وقال التّرمذيّ‏:‏ حسن صحيح غريب من هذا الوجه‏.‏

ثم قال أبو داود‏:‏ حدثنا أحمد بن يونس، ثنا زهير، ثنا حميد الطويل عن أنس بن مالك قال‏:‏ كان خاتم النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم من فضة كله فصَّه منه‏.‏

وقد رواه التّرمذيّ والنسائي من حديث زهير بن معاوية الجعفي أبي خيثمة الكوفي به‏.‏

وقال التّرمذيّ‏:‏ حسن صحيح غريب من هذا الوجه‏.‏

وقال البخاري‏:‏ ثنا أبو معمر، ثنا عبد الوارث، ثنا عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك قال‏:‏ اصطنع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم خاتماً فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏إنا اتخذنا خاتماً ونقشنا فيه نقشاً فلا ينقش عليه أحد‏)‏‏)‏‏.‏

قال‏:‏ فإني أرى بريقه في خنصره‏.‏

ثم قال أبو داود‏:‏ حدثنا نصير بن الفرج، ثنا أبو أسامة عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر اتخذ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم خاتماً من ذهب وجعل فصَّه مما يلي بطن كفه، ونقش فيه‏:‏ محمد رسول الله، فاتخذ الناس خواتم الذهب، فلما رآهم قد اتخذوها رمى به وقال‏:‏ ‏(‏‏(‏لا ألبسه أبداً‏)‏‏)‏ ثم اتخذ خاتماً من فضة نُقش فيه‏:‏ محمد رسول الله، ثم لبس الخاتم بعده أبو بكر، ثم لبسه بعد أبي بكر عمر، ثم لبسه بعده عثمان حتى وقع في بئر أريس‏.‏

وقد رواه البخاري عن يوسف بن موسى، عن أبي أسامة حماد بن أسامة به‏.‏

ثم قال أبو داود‏:‏ حدثنا عثمان ابن أبي شيبة، ثنا سفيان بن عيينة عن أيوب بن موسى، عن نافع، عن ابن عمر في هذا الخبر عن النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم فنقش فيه‏:‏ محمد رسول الله وقال‏:‏ ‏(‏‏(‏لا ينقش أحد على خاتمي هذا‏)‏‏)‏ وساق الحديث‏.‏

وقد رواه مسلم وأهل السنن الأربعة من حديث سفيان بن عيينة به نحوه‏.‏

ثم قال أبو داود‏:‏ حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، ثنا أبو عاصم عن المغيرة بن زياد، عن نافع، عن ابن عمر في هذا الخبر عن النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال‏:‏ فالتمسوه فلم يجدوه، فاتخذ عثمان خاتماً ونقش فيه‏:‏ محمد رسول الله قال‏:‏ فكان يختم به، أو يتختم به‏.‏

ورواه النسائي عن محمد بن معمر عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد النَّبيّل به‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏6/5‏)‏

ثم قال أبو داود‏:‏

باب في ترك الخاتم

حدثنا محمد بن سليمان لُوين عن إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك أنه رأى في يد النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم خاتماً من ورق يوماً واحداً، فصنع الناس فلبسوا، وطرح النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم فطرح الناس‏.‏

ثم قال‏:‏ رواه عن الزهري زياد بن سعد وشعيب وابن مسافر، كلهم قال‏:‏ من ورق‏.‏

قلت‏:‏ وقد رواه البخاري‏:‏ حدثنا يحيى بن بكير، ثنا الليث عن يونس، عن ابن شهاب قال‏:‏ حدثني أنس بن مالك أنه رأى في يد النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم خاتماً من ورق يوماً واحداً، ثم إن الناس اصطنعوا الخواتيم من ورق ولبسوها، فطرح رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم خاتمه، فطرح الناس خواتيمهم، ثم علَّقه البخاري عن إبراهيم بن سعد الزهري المدني، وشعيب ابن أبي حمزة، وزياد بن سعد الخراساني‏.‏

وأخرجه مسلم من حديثه‏.‏

وانفرد أبو داود بعبد الرحمن بن خالد بن مسافر، كلهم عن الزهري كما قال أبو داود‏:‏ خاتماً من ورق‏.‏

والصحيح‏:‏ أن الذي لبسه يوماً واحداً ثم رمى به، إنما هو خاتم الذهب لا خاتم الورق، لما ثبت في الصحيحين عن مالك، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال‏:‏ كان رسول الله يلبس خاتماً من ذهب فنبذه‏.‏

وقال‏:‏ ‏(‏‏(‏لا ألبسه أبداً‏)‏‏)‏‏.‏

فنبذ الناس خواتيمهم، وقد كان خاتم الفضة يلبسه كثيراً ولم يزل في يده حتى توفي - صلوات الله وسلامه عليه - وكان فصَّه منه - يعني‏:‏ ليس فيه فص ينفصل عنه - ومن روى أنه كان فيه صورة شخص فقد أبعد وأخطأ، بل كان فضه كله وفصّه منه، ونقشه محمد رسول الله ثلاثة أسطر‏:‏ محمد سطر، رسول سطر، الله سطر، وكأنه والله أعلم كان منقوشاً وكتابته مقلوبة ليطبع على الاستقامة كما جرت العادة بهذا‏.‏

وقد قيل‏:‏ إن كتابته كانت مستقيمة، وتطبع كذلك، وفي صحة هذا نظر ولست أعرف لذلك إسناداً لا صحيحاً ولا ضعيفاً، وهذه الأحاديث التي أوردناها أنه عليه السلام كان له خاتم من فضة تردُّ الأحاديث التي قدمناها في سنن أبي داود والنسائي من طريق أبي عتاب سهل بن حماد الدلال عن أبي مكين نوح بن ربيعة، عن إياس بن الحارث بن معيقيب ابن أبي فاطمة، عن جده قال‏:‏ كان خاتم النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم من حديد ملوي عليه فضة‏.‏

ومما يزيده ضعفاً الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود، والتّرمذيّ والنسائي من حديث أبي طيبة عبد الله بن مسلم السلميّ المروزي عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وعليه خاتم من شبه فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏مالي أجد منك ريح الأصنام‏؟‏‏)‏‏)‏‏.‏

فطرحه ثم جاء وعليه خاتم من حديد فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏مالي أرى عليك حلية أهل النار‏؟‏‏)‏‏)‏‏.‏

فطرحه ثم قال‏:‏ يا رسول الله من أي شيء اتخذه‏؟‏

قال‏:‏ ‏(‏‏(‏اتخذه من ورق، ولا تنمه مثقالاً‏)‏‏)‏‏.‏

وقد كان عليه السلام يلبسه في يده اليمنى، كما رواه أبو داود والتّرمذيّ في ‏(‏الشمائل‏)‏‏.‏

والنسائي من حديث شريك، وأخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن القاضي عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حسن، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه عن رسول الله قال شريك‏:‏ وأخبرني أبو سلمة ابن عبد الرحمن أن رسول الله كان يتختم في يمينه، وروي في اليسرى‏.‏

رواه أبو داود من حديث عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان يتختم في يساره، وكان فصّه في باطن كفه‏.‏

قال أبو داود‏:‏ رواه أبو إسحاق وأسامة بن زيد عن نافع في يمينه‏.‏

وحدثنا هناد عن عبدة، عن عبيد الله، عن نافع أن ابن عمر كان يلبس خاتمه في يده اليسرى‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏6/6‏)‏

ثم قال أبو داود‏:‏ حدثنا عبد الله بن سعيد، ثنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق قال‏:‏ رأيت على الصَّلت بن عبد الله بن نوفل بن عبد المطلب خاتماً في خنصره اليمنى فقلت‏:‏ ما هذا‏؟‏

فقال‏:‏ رأيت ابن عباس يلبس خاتمه هكذا، وجعل فصّه على ظهرها‏.‏

قال‏:‏ ولا يخال ابن عباس إلا قد كان يذكر أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان يلبس خاتمه كذلك‏.‏

وهكذا رواه التّرمذيّ من حديث محمد بن إسحاق به‏.‏

ثم قال محمد بن إسماعيل - يعني‏:‏ البخاري -‏:‏ حديث ابن إسحاق عن الصَّلت حديث حسن‏.‏

وقد روى التّرمذيّ في ‏(‏الشمائل‏)‏ عن أنس، وعن جابر، وعن عبد الله بن جعفر أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان يتختم في اليمين‏.‏

وقال البخاري‏:‏ حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، ثنا أبي عن ثمامة، عن أنس بن مالك أن أبا بكر لما استخلف كتب له، وكان نقش الخاتم ثلاثة أسطر‏:‏ محمد سطر، ورسول سطر، والله سطر‏.‏

قال أبو عبد الله، وزاد أبو أحمد‏:‏ ثنا الأنصاري، حدثني أبي، ثنا ثمامة عن أنس قال‏:‏ كان خاتم النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم في يده، وفي يد أبي بكر، وفي يد عمر بعد أبي بكر، قال‏:‏ فلما كان عثمان جلس على بئر أريس فأخذ الخاتم فجعل يعبث به فسقط قال‏:‏ فاختلفنا ثلاثة أيام مع عثمان، فنزح البئر فلم يجده‏.‏

فأما الحديث الذي رواه التّرمذيّ في ‏(‏الشمائل‏)‏‏:‏ حدثنا قتيبة، حدثنا أبو عوانة عن أبي يسر، عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم اتخذ خاتماً من فضة، فكان يختم به ولا يلبسه‏.‏

فإنه حديث غريب جداً‏.‏

وفي السنن من حديث ابن جريج عن الزهري، عن أنس قال‏:‏ كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إذا دخل الخلاء نزع خاتمه‏.‏

 ذكر سيفه عليه السلام

قال الإمام أحمد‏:‏ ثنا شريح، ثنا ابن أبي الزناد عن أبيه، عن الأعمى عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن ابن عباس قال‏:‏ تنفَّل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم سيفه ذا الفقار يوم بدر، وهو الذي رأى الرؤيا يوم أُحد‏.‏

قال‏:‏ ‏(‏‏(‏رأيت في سيفي ذا الفقار فلا فأوَّلته فلا يكون فيكم، ورأيت أني مردف كبشاً، فأوَّلته كبش الكتيبة، ورأيت أني في درع حصينة، فأوَّلتها المدينة، ورأيت بقراً تذبح، فبقر والله خير فبقر والله خير‏)‏‏)‏‏.‏

فكان الذي قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم‏.‏

وقد رواه التّرمذيّ وابن ماجه من حديث عبد الرحمن ابن أبي الزناد عن أبيه به‏.‏

وقد ذكر أهل السنن أنه سمع قائل يقول‏:‏ ‏(‏‏(‏لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا علي‏)‏‏)‏‏.‏

وروى التّرمذيّ من حديث هود بن عبد الله بن سعيد عن جده مزيدة بن جابر العبديّ العصري رضي الله عنه قال‏:‏ دخل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مكة وعلى سيفه ذهب وفضة الحديث‏.‏

ثم قال‏:‏ هذا حديث غريب‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏6/7‏)‏

وقال التّرمذيّ في ‏(‏الشمائل‏)‏‏:‏ حدثنا محمد بن بشار، ثنا معاذ بن هشام، ثنا أبي عن قتادة، عن سعيد ابن أبي الحسن قال‏:‏ كانت قبيعة سيف رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من فضة‏.‏

وروي أيضاً من حديث عثمان بن سعد عن ابن سيرين قال‏:‏ صنعت سيفي على سيف سمرة، وزعم سمرة أنه صنع سيفه على سيف رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وكان حنفياً، وقد صار إلى آل علي سيف من سيوف رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فلما قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما بكربلاء عند الطف كان معه، فأخذه علي بن الحسين بن زين العابدين فقدم معه دمشق حين دخل على يزيد بن معاوية، ثم رجع معه إلى المدينة‏.‏

فثبت في الصحيحين عن المسور بن مخرمة أنه تلقاه إلى الطريق فقال له‏:‏ هل لك إلي من حاجة تأمرني بها‏؟‏

قال‏:‏ فقال‏:‏ لا‏.‏

فقال‏:‏ هل أنت معطي سيف رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فإني أخشى أن يغلبك عليه القوم، وأيم الله إن أعطيتنيه لا يخلص إليه أحد حتى يبلغ نفسي‏.‏

وقد ذُكر للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم غير ذلك من السلاح من ذلك الدروع‏.‏

كما روى غير واحد منهم السائب بن يزيد، وعبد الله بن الزبير أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ظاهر يوم أحد بين درعين‏.‏

وفي الصحيحين من حديث مالك عن الزهري عن أنس أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم دخل يوم الفتح وعلى رأسه المغفر فلما نزعه قيل له‏:‏ هذا ابن خطل متعلق بأستار الكعبة‏.‏

فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏اقتلوه‏)‏‏)‏‏.‏

وعند مسلم من حديث أبي الزبير عن جابر أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم دخل يوم الفتح وعليه عمامة سوداء‏.‏

وقال وكيع عن مساور الوراق، عن جعفر بن عمرو بن حريث، عن أبيه قال‏:‏ خطب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم الناس وعليه عمامة دسماء‏.‏

ذكرهما التّرمذيّ في ‏(‏الشمائل‏)‏ وله من حديث الدراوردي عن عبد الله، عن نافع عن ابن عمر قال‏:‏ كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إذا اعتمَّ سدلها بين كتفيه‏.‏

وقد قال الحافظ أبو بكر البزَّار في مسنده‏:‏ حدثنا أبو شيبة إبراهيم بن عبد الله بن محمد، ثنا مخول بن إبراهيم، ثنا إسرائيل عن عاصم، عن محمد بن سيرين، عن أنس بن مالك أنه كانت عنده عصية لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فمات فدفنت معه بين جنبه وبين قميصه‏.‏

ثم قال البزَّار‏:‏ لا نعلم رواه إلا مخول بن راشد، وهو صدوق فيه شيعية‏.‏

واحتمل على ذلك‏.‏

وقال الحافظ البيهقيّ بعد روايته هذا الحديث من طريق مخول هذا قال‏:‏ وهو من الشيعة يأتي بإفراد عن إسرائيل لا يأتي بها غيره، والضعف على رواياته بيِّن ظاهر‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏6/8‏)‏

 ذكر نعله التي كان يمشي فيها

ثبت في الصحيح عن ابن عمر أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان يلبس النعال السبتية، وهي التي لا شعر عليها‏.‏

وقد قال البخاري في صحيحه‏:‏ حدثنا محمد - هو ابن مقاتل -، حدثنا عبد الله - يعني‏:‏ ابن المبارك - أنا عيسى بن طهمان قال‏:‏ خرج إلينا أنس بن مالك بنعلين لهما قبالان‏.‏

فقال ثابت البناني‏:‏ هذه نعل النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم‏.‏

وقد رواه في كتاب ‏(‏الخمس‏)‏ عن عبد الله بن محمد، عن أبي أحمد الزبيري، عن عيسى بن طهمان، عن أنس قال‏:‏ أخرج إلينا أنس نعلين جرداوين لهما قبالان‏.‏

فحدثني ثابت البناني بعد عن أنس أنهما نعلا النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم‏.‏

وقد رواه التّرمذيّ في ‏(‏الشمائل‏)‏ عن أحمد بن منيع، عن أبي أحمد الزبيري به‏.‏

وقال التّرمذيّ في ‏(‏الشمائل‏)‏‏:‏ حدثنا أبو كريب، ثنا وكيع عن سفيان، عن خالد الحذاء، عن عبد الله بن الحارث، عن ابن عباس قال‏:‏ كان لنعل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قبالان مثني شراكهما‏.‏

وقال أيضاً‏:‏ ثنا إسحاق بن منصور، أنا عبد الرزاق عن معمر، عن ابن أبي ذئب، عن صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة قال‏:‏ كان لنعل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قبالان‏.‏

وقال التّرمذيّ‏:‏ ثنا محمد بن مرزوق أبو عبد الله، ثنا عبد الرحمن بن قيس أبو معاوية، ثنا هشام عن محمد عن أبي هريرة قال‏:‏ كان لنعل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قبالان وأبي بكر، وعمر، وأول من عقد عقداً واحداً عثمان‏.‏

قال الجوهري‏:‏ قبال النعل‏:‏ بالكسر الزمام الذي يكون بين الإصبع الوسطى، والتي تليها‏.‏

قلت‏:‏ واشتهر في حدود سنة ستمائة وما بعدها عند رجل من التجار يقال له‏:‏ ابن أبي الحدرد، نعل مفردة ذكر أنها نعل النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم فسامها الملك الأشرف موسى بن الملك العادل أبي بكر ابن أيوب منه بمال جزيل فأبى أن يبيعها، فاتفق موته بعد حين، فصارت إلى الملك الأشرف المذكور، فأخذها إليه وعظمها، ثم لما بنى دار الحديث الأشرفية إلى جانب القلعة، جعلها في خزانة منها، وجعل لها خادماً، وقُرر له من المعلوم كل شهر أربعون درهماً، وهي موجودة إلى الآن في الدار المذكورة‏.‏

وقال التّرمذيّ في ‏(‏الشمائل‏)‏‏:‏ ثنا محمد بن رافع وغير واحد قالوا‏:‏ ثنا أبو أحمد الزبيري، ثنا شيبان عن عبد الله بن المختار، عن موسى بن أنس، عن أبيه قال‏:‏ كانت لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم سلة - يتطيَّب منها‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏6/9‏)‏

صفة قدح النَّبيّ - صلَّى الله عليه وسلَّم‏.‏

قال الإمام أحمد‏:‏ حدثنا يحيى بن آدم، ثنا شريك عن عاصم قال‏:‏ رأيت عند أنس قدح النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم فيه ضَبَّة من فضة‏.‏

وقال الحافظ البيهقيّ‏:‏ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله، أخبرني أحمد بن محمد النَّسويّ، ثنا حماد بن شاكر، ثنا محمد بن إسماعيل - هو البخاري - ثنا الحسن بن مدرك، حدثني يحيى بن حماد، أنا أبو عوانة عن عاصم الأحول قال‏:‏ رأيت قدح النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم عند أنس بن مالك، وكان قد انصدع فسلسله بفضة‏.‏

قال‏:‏ وهو قدح جيد عريض من نضار‏.‏

قال أنس‏:‏ لقد سقيت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في هذا القدح أكثر من كذا وكذا‏.‏

قال‏:‏ وقال ابن سيرين‏:‏ إنه كان فيه حلقة من حديد، فأراد أنس أن يجعل مكانها حلقة من ذهب أو فضة‏.‏

فقال له أبو طلحة‏:‏ لا تغيرنَّ شيئاً صنعه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فتركه‏.‏

وقال الإمام أحمد‏:‏ حدثنا روح بن عبادة، ثنا حجاج بن حسان قال‏:‏ كنا عند أنس فدعا بإناء فيه ثلاث ضبات حديد وحلقة من حديد، فأخرج من غلاف أسود، وهو دون الربع وفوق نصف الربع، وأمر أنس بن مالك فجعل لنا فيه ماء، فأتينا به فشربنا، وصببنا على رؤسنا ووجوهنا، وصلينا على النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم‏.‏

انفرد به أحمد‏.‏

 المكحلة التي كان عليه السلام يكتحل منها‏.‏

قال الإمام أحمد‏:‏ ثنا يزيد، أنا عبد الله بن منصور عن عكرمة، عن ابن عباس قال‏:‏ كانت لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مكحلة يكتحل منها عند النوم ثلاثاً في كل عين‏.‏

وقد رواه التّرمذيّ وابن ماجه من حديث يزيد بن هارون‏.‏

قال علي بن المدينيّ‏:‏ سمعت يحيى بن سعيد يقول‏:‏ قلت لعباد بن منصور‏:‏ سمعت هذا الحديث من عكرمة‏.‏

فقال‏:‏ أخبرنيه ابن أبي يحيى عن داود بن الحصين عنه‏.‏

قلت‏:‏ وقد بلغني أن بالديار المصرية مزاراً فيه أشياء كثيرة من آثار النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم اعتنى بجمعها بعض الوزراء المتأخرين فمن ذلك‏:‏

مكحلة‏.‏

وقيل‏:‏ ومشط، وغير ذلك، فالله أعلم‏.‏

 البردة

قال الحافظ البيهقيّ‏:‏ وأما البرد الذي عند الخلفاء، فقد روينا عن محمد بن إسحاق بن يسار في قصة تبوك أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أعطى أهل إيلة بردة مع كتابه الذي كتب لهم أماناً لهم، فاشتراه أبو العباس عبد الله بن محمد بثلاثمائة دينار - يعني‏:‏ بذلك أول خلفاء بني العباس وهو السفاح رحمه الله - وقد توارث بنو العباس هذه البردة خلفاً عن سلف، كان الخليفة يلبسها يوم العيد على كتفيه، ويأخذ القضيب المنسوب إليه - صلوات الله وسلامه عليه - في إحدى يديه، فيخرج وعليه من السكينة والوقار ما يصدع به القلوب، ويبهر به الأبصار، ويلبسون السواد في أيام الجمع والأعياد، وذلك اقتداء منهم بسيد أهل البدو والحضر، ممن يسكن الوبر والمدر‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏6/10‏)‏

لما أخرجه البخاري ومسلم إماما أهل الأثر من حديث عن مالك الزهري، عن أنس أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم دخل مكة وعلى رأسه المغفر‏.‏

وفي رواية‏:‏ وعليه عمامة سوداء‏.‏

وفي رواية‏:‏ قد أرخى طرفها بين كتفيه - صلوات الله وسلامه عليه -‏.‏

وقد قال البخاري‏:‏ ثنا مسدد، ثنا إسماعيل، ثنا أيوب عن محمد، عن أبي بردة قال‏:‏ أخرجت إلينا عائشة كساء وإزاراً غليظاً فقالت‏:‏ قُبض روح النَّبيّ - صلَّى الله عليه وسلَّم في هذين -‏.‏

وللبخاري من حديث الزهري عن عبيد الله بن عبد الله، عن عائشة وابن عباس قالا‏:‏ لما نزل برسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم طفق يطرح خميصة له على وجهه، فإذا اغتم كشفها عن وجهه‏.‏

فقال وهو كذلك‏:‏ ‏(‏‏(‏لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد‏)‏‏)‏ يحذِّر ما صنعوا‏.‏

قلت‏:‏ وهذه الأبواب الثلاثة لا يدري ما كان من أمرها بعد هذا، وقد تقدم أنه عليه السلام طرحت في تحته قبره الكريم قطيفة حمراء كان يصلي عليها، ولو تقصينا ما كان يلبسه في أيام حياته لطال الفصل، وموضعه ‏(‏كتاب اللباس من كتاب الأحكام الكبير‏)‏ إن شاء الله، وبه الثِّقة وعليه التُّكلان‏.‏

 أفراسه ومراكيبه عليه الصلاة والسلام‏.‏

قال ابن إسحاق عن يزيد بن حبيب، عن مرثد بن عبد الله المزني، عن عبد الله بن رزين، عن علي قال‏:‏ كان للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم فرس يقال له‏:‏ المرتجز، وحمار يقال له‏:‏ عفير، وبغلة يقال لها‏:‏ دلدل، وسيفه‏:‏ ذو الفقار، ودرعه‏:‏ ذو الفضول‏.‏

ورواه البيهقي من حديث الحكم عن يحيى بن الجزار، عن علي نحوه‏.‏

قال البيهقيّ‏:‏ وروينا في ‏(‏كتاب السنن‏)‏ أسماء أفراسه التي كانت عند الساعد بين لزاز واللحيف، وقيل‏:‏ اللخيف، والظرب، والذي ركبه لأبي طلحة يقال له‏:‏ المندوب، وناقته‏:‏ القصواء، والعضباء، والجدعاء، وبغلته‏:‏ الشهباء والبيضاء‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏6/11‏)‏

قال البيهقيّ‏:‏ وليس في شيء من الروايات أنه مات عنهن، إلا ما روينا في بغلته البيضاء وسلاحه، وأرض جعلها صدقة، ومن ثيابه، وبلغته، وخاتمه، ما روينا في هذا الباب‏.‏

وقال أبو داود الطَّيالسيّ‏:‏ ثنا زمعة بن صالح عن أبي حازم، عن سهل بن سعد قال‏:‏ توفي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وله جبة صوف في الحياكة‏.‏

وهذا إسناد جيد‏.‏

وقد روى الحافظ أبو يعلى في مسنده‏:‏ حدثنا مجاهد عن موسى، ثنا علي بن ثابت، ثنا غالب الجزري عن أنس قال‏:‏ لقد قُبض رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وإنه لينسج له كساء من صوف‏.‏

وهذا شاهد لما تقدم‏.‏

وقال أبو سعيد بن الأعرابي‏:‏ حدثنا سعدان بن نصير، ثنا سفيان بن عيينة عن الوليد بن كثير، عن حسين، عن فاطمة بنت الحسين أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قُبض وله بردان في الجف يعملان، وهذا مرسل‏.‏

وقال أبو القاسم الطَّبرانيّ‏:‏ ثنا الحسن بن إسحاق التَّستريّ، ثنا أبو أمية عمرو بن هشام الحرَّنيّ، ثنا عثمان بن عبد الرحمن بن علي بن عروة عن عبد الملك ابن أبي سليمان، عن عطاء وعمرو بن دينار، عن ابن عباس قال‏:‏ كان لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم سيف قائمته من فضة وقبيعته، وكان يسميه‏:‏ ذا الفقار، وكان له قوس تسمى‏:‏ السداد، وكانت له كنانة تسمى‏:‏ الجمع، وكانت له درع موشحة بالنحاس تسمى‏:‏ ذات الفضول، وكانت له حربة تسمى‏:‏ السغاء، وكان له مجن يسمى‏:‏ الذقن، وكان له ترس أبيض يسمى‏:‏ الموجز، وكان له فرس أدهم يسمى‏:‏ السكب، وكان له سرج يسمى‏:‏ الداج، وكان له بغلة شهباء يقال لها‏:‏ دلدل، وكانت له ناقة تسمى‏:‏ القصواء، وكان له حمار يقال له‏:‏ يعفور، وكان له بساط يسمى‏:‏ الكره، وكان له نمرة تسمى‏:‏ النمر، وكانت له ركوة تسمى‏:‏ الصادر، وكانت له مرآة تسمى‏:‏ المرآة، وكان له مقراض يسمى‏:‏ الجاح، وكان له قضيب شوحط يسمى‏:‏ الممشوق‏.‏

قلت‏:‏ قد تقدم عن غير واحد من الصحابة أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لم يترك ديناراً ولا درهماً ولا عبداً ولا أمة، سوى بغلة وأرض جعلها صدقة‏.‏

وهذا يقتضي أنه عليه السلام نجز العتق في جميع ما ذكرناه من العبيد والإماء والصدقة في جميع ما ذكر من السلاح، والحيوانات، والأثاث، والمتاع مما أوردناه ومالم نورده‏.‏

وأما بغلته فهي‏:‏ الشهباء، وهي‏:‏ البيضاء أيضاً‏:‏ والله أعلم، وهي التي أهداها له المقوقس صاحب الإسكندرية، واسمه‏:‏ جريج بن ميناء فيما أهدي من التحف، وهي التي كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم راكبها يوم حنين وهو في نحور العدو ينوه باسمه الكريم شجاعة وتوكلاً على الله - عز وجل -، فقد قيل‏:‏ إنها عمَّرت بعده حتى كانت عند علي ابن أبي طالب في أيام خلافته، وتأخرَّت أيامها حتى كانت بعد علي عند عبد الله بن جعفر فكان يجش لها الشعير حتى تأكله من ضعفها بعد ذلك‏.‏

وأما حماره‏:‏ يعفور، ويصغَّر فيقال له‏:‏ عفير، فقد كان عليه السلام يركبه في بعض الأحايين‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏6/12‏)‏

وقد روى أحمد من حديث محمد بن إسحاق عن يزيد ابن أبي حبيب، عن يزيد بن عبد الله العوفيّ، عن عبد الله بن رزين، عن علي قال‏:‏ كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يركب حماراً يقال له‏:‏ عفير‏.‏

ورواه أبو يعلى من حديث عون بن عبد الله عن ابن مسعود، وقد ورد في أحاديث عدة أنه عليه السلام ركب الحمار‏.‏

وفي الصحيحين‏:‏ أنه عليه السلام مرَّ وهو راكب حماراً بمجلس فيه عبد الله ابن أبي بن سلول، وأخلاط من المسلمين، والمشركين عبدة الأوثان، واليهود، فنزل ودعاهم إلى الله عز وجل - وذلك قبل وقعة بدر - وكان قد عزم على عيادة سعد بن عبادة‏.‏

فقال له عبد الله‏:‏ لا أحسن مما تقول أيها المرء، فإن كان حقاً فلا تغشنا به في مجالسنا، وذلك قبل أن يظهر الإسلام، ويقال‏:‏ إنه خمَّر أنفه لما غشيتهم عجاجة الدابة‏.‏

وقال‏:‏ لا تؤذنا بنتن حمارك‏.‏

فقال له عبد الله بن رواحة‏:‏ والله لريح حمار رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أطيب من ريحك‏.‏

وقال عبد الله‏:‏ بل يا رسول الله أغشنا به في مجالسنا فإنا نحب ذلك‏.‏

فتثاور الحيان وهموا أن يقتتلوا، فسكنهم رسول الله، ثم ذهب إلى سعد بن عبادة، فشكى إليه عبد الله ابن أُبي‏.‏

فقال‏:‏ ارفق به يا رسول الله فوالذي أكرمك بالحق لقد بعثك الله بالحق، وإنا لننظم له الخدر لنملكه علينا، فلما جاء الله بالحق شرق بريقه‏.‏

وقد قدمنا أنه ركب الحمار في بعض أيام خيبر، وجاء أنه أردف معاذاً على حمار، ولو أوردناها بألفاظها وأسانيدها لطال الفصل، والله أعلم‏.‏

فأما ما ذكره القاضي عياض بن موسى السبتي في كتابه ‏(‏الشفا‏)‏ وذكره قبل إمام الحرمين في كتابه ‏(‏الكبير في أصول الدين‏)‏ وغيرهما أنه كان لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حمار يسمى‏:‏ زياد بن شهاب، وأن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان يبعثه ليطلب له بعض أصحابه، فيجيء إلى باب أحدهم فيقعقعه، فيعلم أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يطلبه، وأنه ذكر للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنه سلالة سبعين حماراً كل منها ركبه نبي، وأنه لما توفي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ذهب فتردى في بئر فمات، فهو حديث لا يعرف له إسناد بالكلية، وقد أنكره غير واحد من الحفاظ منهم‏:‏ عبد الرحمن ابن أبي حاتم، وأبوه - رحمهما الله -‏.‏

وقد سمعت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي رحمه الله ينكره غير مرة إنكاراً شديداً‏.‏

وقال الحافظ أبو نعيم في كتاب ‏(‏دلائل النبوة‏)‏‏:‏ ثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن موسى العنبري، ثنا أحمد بن محمد بن يوسف، ثنا إبراهيم بن سويد الجذوعي، حدثني عبد الله بن أذين الطائي عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن معاذ بن جبل قال‏:‏ أتى النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم وهو بخيبر حمار أسود فوقف بين يديه فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏من أنت‏؟‏‏)‏‏)‏

قال‏:‏ أنا عمرو بن فلان كنا، سبعة إخوة كلنا ركبنا الأنبياء، وأنا أصغرهم وكنت لك، فملكني رجل من اليهود فكنت إذا ذكرتك كبوت به فيوجعني ضرباً‏.‏

فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم‏:‏ ‏(‏‏(‏فأنت يعفور‏)‏‏)‏‏.‏

هذا حديث غريب جداً‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏6/13‏)‏

 فصل إيراد ما بقي من متعلقات السيرة الشريفة‏.‏

وهذا أوان إيراد ما بقي علينا من متعلقات السيرة الشريفة، وذلك أربعة كتب‏:‏

الأول‏:‏ في ‏(‏الشَّمائل‏)‏‏.‏

الثاني‏:‏ في ‏(‏الدَّلائل‏)‏‏.‏

الثالث‏:‏ في ‏(‏الفضائل‏)‏‏.‏

الرابع‏:‏ في ‏(‏الخصائص‏)‏‏.‏

وبالله المستعان وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم‏.‏

 كتاب الشمائل ‏(‏شمائل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وبيان خلقه الطاهر‏)‏

قد صنف الناس في هذا قديماً وحديثاً كتباً كثيرة مفردة وغير مفردة، ومن أحسن من جمع في ذلك فأجاد وأفاد‏:‏ الإمام ‏(‏أبو عيسى محمد بن عيسى بن سَورة التّرمذيّ‏)‏ رحمه الله، أفرد في هذا المعنى كتابه المشهور ‏(‏بالشَّمائل‏)‏ ولنا به سماع متصل إليه، ونحن نورد عيون ما أورده فيه، ونزيد عليه أشياء مهمة لا يستغنى عنها المحدِّث والفقيه‏.‏

ولنذكر أولاً‏:‏ بيان حسنه الباهر الجميل، ثم نشرع بعد ذلك في إيراد الجمل والتفاصيل، فنقول - والله حسبنا ونعم الوكيل -‏:‏

 باب ما ورد في حسنه الباهر

قال البخاري‏:‏ ثنا أحمد بن سعيد أبو عبد الله، ثنا إسحاق بن منصور، ثنا إبراهيم بن يوسف عن أبيه، عن أبي إسحاق قال‏:‏ سمعت البراء بن عازب يقول‏:‏ كان النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم أحسن الناس وجهاً، وأحسنهم خُلقاً، ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير‏.‏

وهكذا رواه مسلم عن أبي كريب، عن إسحاق بن منصور‏.‏

وقال البخاري‏:‏ حدثنا جعفر بن عمر، ثنا شعبة عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب قال‏:‏ كان النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم مربوعاً بعيد ما بين المنكبين، له شعر يبلغ شحمة أذنه، رأيته في حلة حمراء، لم أر شيئاً قط أحسن منه‏.‏

قال يوسف ابن أبي إسحاق عن أبيه‏:‏ إلى منكبيه‏.‏

وقال الإمام أحمد‏:‏ حدثنا وكيع، ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق، عن البراء قال‏:‏ ما رأيت من ذي لمة أحسن في حلة حمراء من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم له شعر يضرب منكبيه، بعيد ما بين المنكبين، ليس بالطويل ولا بالقصير‏.‏

وقد رواه مسلم وأبو دواد والتّرمذيّ والنسائي من حديث وكيع به‏.‏

وقال الإمام أحمد‏:‏ ثنا أسود بن عامر، ثنا إسرائيل، أنا أبو إسحاق‏.‏

ح وحدثنا يحيى ابن أبي بكير، حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق قال‏:‏ سمعت البراء يقول‏:‏ ما رأيت أحداً من خلق الله أحسن في حلة حمراء من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وإن جمته لتضرب إلى منكبيه‏.‏

قال ابن أبي بكير‏:‏ لتضرب قريباً من منكبيه‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏6/14‏)‏

قال - يعني‏:‏ ابن إسحاق -‏:‏ وقد سمعته يحدِّث به مراراً ما حدَّث به قط إلا ضحك‏.‏

وقد رواه البخاري في ‏(‏اللباس‏)‏‏.‏

والتّرمذيّ في ‏(‏الشمائل‏)‏‏.‏

والنسائي في ‏(‏الزينة‏)‏ من حديث إسرائيل به‏.‏

وقال البخاري‏:‏ حدثنا أبو نعيم، ثنا زهير عن أبي إسحاق قال‏:‏ سئل البراء بن عازب، أكان وجه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مثل السيف‏؟‏

قال‏:‏ لا، بل مثل القمر‏.‏

ورواه التّرمذيّ من حديث زهير بن معاوية الجعفي الكوفي عن أبي إسحاق السبيعي، واسمه‏:‏ عمرو بن عبد الله الكوفي عن البراء بن عازب به‏.‏

وقال‏:‏ حسن صحيح‏.‏

وقال الحافظ أبو بكر البيهقيّ في ‏(‏الدلائل‏)‏‏:‏ أخبرنا أبو الحسن ابن الفضل القطان ببغداد، أنا عبد الله بن جعفر بن درستويه، ثنا أبو يوسف يعقوب بن سفيان، ثنا أبو نعيم وعبد الله عن إسرائيل، عن سماك أنه سمع جابر بن سمرة قال له رجل‏:‏ أكان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وجهه مثل السيف‏؟‏

قال‏:‏ لا بل مثل الشمس والقمر مستديراً‏.‏

وهكذا رواه مسلم عن أبي بكر ابن أبي شيبة، عن عبيد الله بن موسى به‏.‏

وقد رواه الإمام أحمد مطولاً فقال‏:‏ ثنا عبد الرزاق، أنا إسرائيل عن سماك أنه سمع جابر بن سمرة يقول‏:‏ كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قد شمط مقدم رأسه ولحيته؛ فإذا ادَّهن ومشطهن لم ينبين؛ وإذا شعث رأسه تبين؛ وكان كثير الشعر واللحية‏.‏

فقال رجل‏:‏ وجهه مثل السيف‏؟‏

قال‏:‏ لا بل مثل الشمس والقمر مستديراً‏.‏

قال‏:‏ ورأيت خاتمه عند كتفه مثل بيضة الحمامة، يشبه جسده‏.‏

وقال الحافظ البيهقيّ‏:‏ أنا أبو طاهر الفقيه، أنا أبو حامد بن بلال، ثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي، ثنا المحاربي عن أشعث، عن أبي إسحاق، عن جابر بن سمرة قال‏:‏ رأيت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في ليلة أضحيان وعليه حلة حمراء، فجعلت أنظر إليه وإلى القمر، فلهو عندي أحسن من القمر‏.‏

هكذا رواه التّرمذيّ والنسائي جميعاً عن هناد بن اليسري، عن عيثر بن القاسم، عن أشعث بن سوار‏.‏

قال النسائي‏:‏ وهو ضعيف؛ وقد أخطأ والصواب أبو إسحاق عن البراء‏.‏

وقال التّرمذيّ‏:‏ هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث أشعث بن سوار، وسألت محمد بن إسماعيل - يعني‏:‏ البخاري - قلت‏:‏ حديث أبي إسحاق عن البراء أصح، أم حديثه عن جابر، فرأى كلا الحديثين صحيحاً‏.‏

وثبت في صحيح البخاري عن كعب بن مالك في حديث التوبة قال‏:‏ وكان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إذا سُرَّ استنار وجهه كأنه قطعة قمر، وقد تقدم الحديث بتمامه‏.‏

وقال يعقوب بن سفيان‏:‏ حدثنا سعيد، ثنا يونس ابن أبي يعفور العبديّ عن ابن إسحاق الهمدانيّ، عن امرأة من همدان سماها قالت‏:‏ حججت مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فرأيته على بعير له يطوف بالكعبة بيده محجن عليه بردان أحمران يكاد يمس منكبه، إذا مر بالحجر استلمه بالمحجن، ثم يرفعه إليه فيقبِّله‏.‏

قال أبو إسحاق‏:‏ فقلت لها‏:‏ شبهته‏؟‏

قالت‏:‏ كالقمر ليلة البدر لم أر قبله ولا بعده مثله‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏6/15‏)‏

وقال يعقوب بن سفيان‏:‏ حدثنا إبراهيم بن المنذر، ثنا عبد الله بن موسى التيمي، ثنا أسامة بن زيد عن أبي عبيدة ابن محمد بن عمار بن ياسر قال‏:‏ قلت للربيع بنت معوذ‏:‏ صفي لي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم‏.‏

قالت‏:‏ يا بني لو رأيته رأيت الشمس طالعة‏.‏

ورواه البيهقيّ من حديث يعقوب بن محمد الزهري عن عبد الله بن موسى التيمي بسنده فقالت‏:‏ لو رأيته لقلت الشمس طالعة‏.‏

وثبت في الصحيحين من حديث الزهري عن عروة، عن عائشة قالت‏:‏ دخل علي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مسروراً تبرق أسارير وجهه‏.‏ الحديث‏.‏

 صفة لون رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم

قال البخاريّ‏:‏ ثنا يحيى بن بكير، ثنا اللَّيث عن خالد - هو ابن يزيد - عن سعيد - يعني‏:‏ ابن هلال -، عن ربيعة ابن أبي عبد الرحمن قال‏:‏ سمعت أنس بن مالك يصف النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال‏:‏ كان ربعة من القوم، ليس بالطويل ولا بالقصير، أزهر اللون ليس بأبيض أمهق ولا بآدم، ليس بجعد قطط ولا سبط رجل، أنزل عليه وهو ابن أربعين فلبث بمكة عشر سنين ينزل عليه، وبالمدينة عشر سنين، وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء‏.‏

قال ربيعة‏:‏ فرأيت شعراً من شعره فإذا هو أحمر، فسألت فقيل‏:‏ أحمر من الطيب‏.‏

ثم قال البخاري‏:‏ ثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك بن أنس عن ربيعة ابن أبي عبد الرحمن، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه سمعه يقول‏:‏ كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ليس بالطويل البائن ولا بالقصير، وليس بالأبيض الأمهق ولا بالآدم، وليس بالجعد القطط ولا بالسبط، بعثه الله على رأس أربعين سنة، فأقام بمكة عشر سنين وبالمدينة عشر سنين، فتوفاه الله وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء‏.‏

وكذا رواه مسلم عن يحيى بن يحيى، عن مالك‏.‏

ورواه أيضاً عن قتيبة، ويحيى بن أيوب وعلي بن حجر، ثلاثتهم عن إسماعيل بن جعفر، وعن القاسم بن زكريا عن خالد بن مخلد، عن سليمان بن بلال، ثلاثتهم عن ربيعة به‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏6/16‏)‏

ورواه التّرمذيّ والنسائي جميعاً عن قتيبة عن مالك به‏.‏

وقال التّرمذيّ‏:‏ حسن صحيح‏.‏

قال الحافظ البيهقيّ‏:‏ ورواه ثابت عن أنس فقال‏:‏ كان أزهر اللون‏.‏

قال‏:‏ ورواه حميد كما أخبرنا، ثم ساق بإسناده عن يعقوب بن سفيان، حدثني عمرو بن عون وسعيد بن منصور قالا‏:‏ حدثنا خالد بن عبد الله عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك قال‏:‏ كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أسمر اللون‏.‏

وهكذا روى هذا الحديث الحافظ أبو بكر البزَّار عن علي، عن خالد بن عبد الله، عن حميد، عن أنس، وحدثناه محمد بن المثنى قال‏:‏ حدثنا عبد الوهاب قال‏:‏ حدثنا حميد عن أنس قال‏:‏ لم يكن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بالطويل ولا بالقصير، وكان إذا مشى تكفأ، وكان أسمر اللون‏.‏

ثم قال البزَّار‏:‏ لا نعلم رواه عن حميد إلا خالد وعبد الوهاب‏.‏

ثم قال البيهقيّ رحمه الله‏:‏ أخبرنا أبو الحسين ابن بشران، أنا أبو جعفر البزَّار، ثنا يحيى بن جعفر، ثنا علي بن عاصم، ثنا حميد سمعت أنس بن مالك يقول، فذكر الحديث في صفة النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال‏:‏ كان أبيض بياضه إلى السمرة‏.‏

قلت‏:‏ وهذا السياق أحسن من الذي قبله؛ وهو يقتضي أن السمرة التي كانت تعلو وجهه عليه السلام من كثرة أسفاره، وبروزه للشمس، والله أعلم‏.‏

فقد قال يعقوب بن سفيان الفسوي أيضاً‏:‏ حدثني عمرو بن عون وسعيد بن منصور قالا‏:‏ ثنا خالد بن عبد الله بن الجريري عن أبي الطّفيل قال‏:‏ رأيت النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم ولم يبقَ أحد رآه غيري‏.‏

فقلنا له‏:‏ صف لنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم‏.‏

فقال‏:‏ كان أبيض مليح الوجه‏.‏

ورواه مسلم عن سعيد بن منصور به‏.‏

ورواه أيضاً أبو داود من حديث سعيد بن أياس الجريري عن أبي الطّفيل عامر بن واثلة الليثي قال‏:‏ كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أبيض مليحاً إذا مشى كأنما ينحط في صبوب‏.‏

لفظ أبي داود‏.‏

وقال الإمام أحمد‏:‏ حدثنا زيد بن هارون، حدثنا الجريري قال‏:‏ كنت أطوف مع أبي الطّفيل فقال‏:‏ ما بقي أحد رأى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم غيري‏.‏

قلت‏:‏ ورأيته‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قال‏:‏ قلت‏:‏ كيف كانت صفته‏؟‏

قال‏:‏ كان أبيض مليحاً مقصداً‏.‏

وقد رواه التّرمذيّ عن سفيان بن وكيع ومحمد بن بشار، كلاهما عن يزيد بن هارون به‏.‏

وقال البيهقيّ‏:‏ أنا أبو عبد الله الحافظ، أنا عبد الله بن جعفر أو أبو الفضل محمد بن إبراهيم، ثنا أحمد بن سلمة، ثنا واصل بن عبد الأعلى الأسدي، ثنا محمد بن فضيل عن إسماعيل ابن أبي خالد، عن أبي جحيفة قال‏:‏ رأيت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أبيض قد شاب، وكان الحسن بن علي يشبهه‏.‏

ثم قال رواه مسلم عن واصل بن عبد الأعلى، ورواه البخاري عن عمرو بن علي، عن محمد بن فضيل، وأصل الحديث كما ذكر في الصحيحين، ولكن بلفظ آخر كما سيأتي‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏6/17‏)‏

وقال محمد بن إسحاق عن الزهري، عن عبد الرحمن بن مالك بن جعشم، عن أبيه أن سراقة بن مالك قال‏:‏ أتيت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فلما دنوت منه وهو على ناقته جعلت أنظر إلى ساقه كأنها جُمَّارة‏.‏

وفي رواية يونس عن ابن إسحاق‏:‏ والله لكأني أنظر إلى ساقه في غرزه كأنها جُمَّارة‏.‏

قلت‏:‏ - يعني‏:‏ من شدة بياضها كأنها جمارة طلع النخل -‏.‏

وقال الإمام أحمد‏:‏ ثنا سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أمية، عن مولى لهم - مزاحم ابن أبي مزاحم -، عن عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد، عن رجل من خزاعة يقال له‏:‏ محرش أو مخرش - لم يكن سفيان يقف على اسمه، وربما قال‏:‏ محرش ولم أسمعه أنا -‏:‏ أن النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم خرج من الجعرانة ليلاً فاعتمر ثم رجع فأصبح بها كبائت، فنظرت إلى ظهره كأنها سبيكة فضة‏.‏

تفرَّد به أحمد‏.‏

وهكذا رواه يعقوب بن سفيان عن الحميدي، عن سفيان بن عيينة وقال يعقوب بن سفيان‏:‏ حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن العلاء، حدثني عمرو بن الحارث، حدثني عبد الله بن سالم عن الزُّبيري، أخبرني محمد بن مسلم عن سعيد بن المسيّب أنه سمع أبا هريرة يصف رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال‏:‏ كان شديد البياض‏.‏

وهذا إسناد حسن ولم يخرِّجوه‏.‏

وقال الإمام أحمد‏:‏ ثنا حسن، ثنا عبد الله بن لهيعة، ثنا أبو يونس سليم بن جبير - مولى أبي هريرة - أنه سمع أبا هريرة يقول‏:‏ ما رأيت شيئاً أحسن من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان كأن الشمس تجري في جبهته، وما رأيت أحداً أسرع في مشيته من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كأنما الأرض تطوى له، إنا لنجهد أنفسنا وإنه لغير مكترث‏.‏

ورواه التّرمذيّ عن قتيبة، عن ابن لهيعة به‏.‏

وقال‏:‏ كأن الشمس تجري في وجهه‏.‏

وقال‏:‏ غريب‏.‏

ورواه البيهقيّ من حديث عبد الله بن المبارك عن رشدين بن سعد المصري، عن عمرو بن الحارث، عن أبي يونس، عن أبي هريرة وقال‏:‏ كأنما الشمس تجري في وجهه‏.‏

وكذلك رواه ابن عساكر من حديث حرملة عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن أبي يونس، عن أبي هريرة فذكره وقال‏:‏ كأنما الشمس تجري في وجهه‏.‏

وقال البيهقيّ‏:‏ أنا علي بن أحمد بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار، ثنا إبراهيم بن عبد الله، ثنا حجاج، ثنا حماد عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن محمد بن علي - يعني‏:‏ ابن الحنفية - عن أبيه قال‏:‏ كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أزهر اللون‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏6/18‏)‏

وقال أبو داود الطَّيالسيّ‏:‏ حدثنا المسعوديّ عن عثمان بن عبد الله بن هرمز، عن نافع بن جبير، عن علي ابن أبي طالب قال‏:‏ كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مشرَّباً وجهه حمرة‏.‏

وقال يعقوب بن سفيان‏:‏ ثنا ابن الأصبهانيّ، ثنا شريك عن عبد الملك بن عمير، عن نافع بن جبير قال‏:‏ وصف لنا علي النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقال‏:‏ كان أبيض مشرَّب الحمرة‏.‏

وقد رواه التّرمذيّ بنحوه من حديث المسعوديّ عن عثمان بن مسلم، عن هرمز وقال‏:‏ هذا حديث صحيح‏.‏

قال البيهقيّ‏:‏ وقد روي هكذا عن علي من وجه آخر‏.‏

قلت‏:‏ رواه ابن جريج عن صالح بن سعيد، عن نافع بن جبير، عن علي قال البيهقيّ‏:‏ ويقال‏:‏ إن المشرَّب فيه حمرة ماضحاً للشمس والرياح، وما تحت الثياب فهو الأبيض الأزهر‏.‏

 صفة وجه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وذكر محاسنه

فرقه وجبينه وحاجبيه وعينيه وأنفه

وقد تقدم قول أبي الطّفيل‏:‏ كان أبيض مليح الوجه‏.‏

وقول أنس‏:‏ كان أزهر اللون‏.‏

وقول البراء وقد قيل له‏:‏ أكان وجه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مثل السيف - يعني‏:‏ في صقاله -‏؟‏

فقال‏:‏ لا، بل مثل القمر‏.‏

وقول جابر بن سمرة وقد قيل له‏:‏ مثل ذلك‏.‏

فقال‏:‏ لا بل مثل الشمس والقمر مستديراً‏.‏

وقول الربيع بنت معوذ‏:‏ لو رأيته لقلت الشمس طالعة‏.‏

وفي رواية‏:‏ لرأيت الشمس طالعة‏.‏

وقال أبو إسحاق السبيعي عن امرأة من همدان حجت مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فسألها عنه‏.‏

فقالت‏:‏ كان كالقمر ليلة البدر، لم أر قبله ولا بعده مثله‏.‏

وقال أبو هريرة‏:‏ كأن الشمس تجري في وجهه‏.‏

وفي رواية‏:‏ في جبهته‏.‏

وقال الإمام أحمد‏:‏ حدثنا عفان وحسن بن موسى قالا‏:‏ ثنا حماد - وهو ابن سلمة - عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن محمد بن علي، عن أبيه قال‏:‏ كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ضخم الرأس، عظيم العينين، أهدب الأشفار، مشرَّب العينين بحمرة، كثّ اللحية، أزهر اللون، شثن الكفين والقدمين، إذا مشى كأنما يمشي في صعد، وإذا التفت التفت جميعاً‏.‏

تفرَّد به أحمد‏.‏

وقال أبو يعلى‏:‏ حدثنا زكريا ويحيى الواسطيّ، ثنا عباد بن العوام، ثنا الحجاج عن سالم المكي، عن ابن الحنفية، عن علي أنه سئل عن صفة النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقال‏:‏ كان لا قصيراً ولا طويلاً، حسن الشعر رَجله مشرَّباً وجهه حمرة، ضخم الكراديس، شثن الكعبين والقدمين، عظيم الرأس، طويل المسرُبة، لم أر قبله ولا بعده مثله، إذا مشى تكفأ كأنما ينزل من صبب‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏6/19‏)‏

وقال محمد بن سعد عن الواقديّ‏:‏ حدثني عبد الله بن محمد بن عمر بن علي ابن أبي طالب عن أبيه، عن جده، عن علي قال‏:‏ بعثني رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إلى اليمن فإني لأخطب يوماً على الناس، وحبر من أحبار يهود واقف في يده سفر ينظر فيه، فلما رآني قال‏:‏ صف لنا أبا القاسم‏.‏

فقال علي‏:‏ رسول الله ليس بالقصير ولا بالطويل البائن، وليس بالجعد القطط ولا بالسبط، هو رجل الشعر أسوده، ضخم الرأس، مشرَّباً لونه حمرة، عظيم الكراديس، شثن الكفين والقدمين، طويل المسربة، وهو الشعر الذي يكون من النحر إلى السرة، أهدب الأشفار، مقرون الحاجبين، صلت الجبين، بعيد ما بين المنكبين إذا مشى تكفأ كأنما ينزل من صبب، لم أر قبله مثله ولا بعده مثله‏.‏

قال علي‏:‏ ثم سكتُّ‏.‏

فقال لي الحبر‏:‏ وماذا‏؟‏

قال علي‏:‏ هذا ما يحضرني‏.‏

قال الحبر‏:‏ في عينيه حمرة، حسن اللحية، حسن الفم، تام الأذنين، يقبل جميعاً ويدبر جميعاً‏.‏

فقال علي‏:‏ والله هذه صفته‏.‏

قال الحبر‏:‏ وشيء آخر‏.‏

قال علي‏:‏ وما هو‏؟‏

قال الحبر‏:‏ وفيه جناء‏.‏

قال علي‏:‏ هو الذي قلت لك كأنما ينزل من صبب‏.‏

قال الحبر‏:‏ فإني أجد هذه الصفة في سفر إياي ونجده يُبعث في حرم الله وأمنه وموضع بيته، ثم يهاجر إلى حرم يحرّمه هو ويكون له حرمة كحرمة الحرم الذي حرم الله، ونجد أنصاره الذين هاجر إليهم قوماً من ولد عمر بن عامر أهل نخل، وأهل الأرض قبلهم يهود‏.‏

قال علي‏:‏ هو هو، وهو رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم‏.‏

قال الحبر‏:‏ فإني أشهد أنه نبي، وأنه رسول الله إلى الناس كافة، فعلى ذلك أحيا وعليه أموت، وعليه أُبعث إن شاء الله‏.‏

قال‏:‏ فكان يأتي علياً فيعلمه القرآن، ويخبره بشرائع الإسلام، ثم خرج علي والحبر من هنالك حتى مات في خلافة أبي بكر، وهو مؤمن برسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مصدِّق به‏.‏

وهذه الصفة قد وردت عن أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب من طرق متعددة سيأتي ذكرها‏.‏

وقال يعقوب بن سفيان‏:‏ حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا خالد بن عبد الله عن عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي ابن أبي طالب، عن أبيه، عن جده قال‏:‏ سئل أو قيل لعلي‏:‏ انعت لنا رسول الله‏.‏

فقال‏:‏ كان أبيض مشرَّباً بياضه حمرة، وكان أسود الحدقة أهدب الأشفار‏.‏

قال يعقوب‏:‏ وحدثنا عبد الله بن سلمة وسعيد بن منصور قالا‏:‏ ثنا عيسى بن يونس، ثنا عمر بن عبد الله - مولى عفرة - عن إبراهيم بن محمد عن ولد علي قال‏:‏ كان علي إذا نُعِت رسول الله‏.‏

قال‏:‏ كان في الوجه تدوير، أبيض، أدعج العينين، أهدب الأشفار‏.‏

قال الجوهري‏:‏ الدعج شدة سواد العينين مع سعتها‏.‏

وقال أبو داود الطَّيالسيّ‏:‏ ثنا شعبة، أخبرني سماك سمعت جابر بن سمرة يقول‏:‏ كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أشهل العينين، منهوس العقب، ضليع الفم‏.‏

هكذا وقع في رواية أبي داود عن شعبة‏:‏ أشهل العينين‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏6/20‏)‏

قال أبو عبيد‏:‏ والشهلة حمرة في سواد العين، والشكلة حمرة في بياض العين‏.‏

قلت‏:‏ وقد روى هذا الحديث مسلم في صحيحه عن أبي موسى وبندار، كلاهما عن أحمد بن منيع، عن أبي قطن، عن شعبة به‏.‏

وقال‏:‏ أشكل العينين‏.‏

وقال‏:‏ حسن صحيح‏.‏

ووقع في صحيح مسلم ‏(‏تفسير الشكلة‏)‏ بطول أشفار العينين، وهو من بعض الرواة، وقول أبي عبيد حمرة في بياض العين أشهر وأصح، وذلك يدل على القوة والشجاعة، والله تعالى أعلم‏.‏

وقال يعقوب بن سفيان‏:‏ ثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثني عمرو بن الحرث، حدثني عبد الله بن سالم عن الزُّبيدي، حدثني الزهري عن سعيد بن المسيّب أنه سمع أبا هريرة يصف رسول الله فقال‏:‏ كان مفاض الجبين أهدب الأشفار‏.‏

وقال يعقوب بن سفيان‏:‏ ثنا أبو غسان، ثنا جميع بن عمر بن عبد الرحمن العجلي، حدثني رجل بمكة عن ابن لأبي هالة التَّميميّ، عن الحسن بن علي، عن خاله قال‏:‏ كان رسول الله واسع الجبين، أزج الحواجب سوابغ في غير قَرَن، بينهما عرق يدره الغضب، أقنى العرنين، له نور يعلوه يحسبه من لم يتأمله أشم، سهل الخدين، ضليع الفم، أشنب، مفلج الأسنان‏.‏

وقال يعقوب‏:‏ ثنا إبراهيم بن المنذر، ثنا عبد العزيز ابن أبي ثابت الزهري، ثنا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن عمه موسى بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس قال‏:‏ كان رسول الله أفلج الثنيتين، وكان إذا تكلَّم رئي كالنور بين ثناياه‏.‏

ورواه التّرمذيّ عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن إبراهيم بن المنذر به‏.‏

وقال يعقوب بن سفيان‏:‏ ثنا أبو بكر ابن أبي شيبة، ثنا عباد بن حجاج عن سماك، عن جابر بن سمرة قال‏:‏ كنت إذا نظرت المنذر به رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قلت‏:‏ أكحل العينين وليس بأكحل، وكان في ساقي رسول الله حموشة، وكان لا يضحك إلا تبسُّماً‏.‏

وقال الإمام أحمد‏:‏ ثنا وكيع، حدثني مجمع بن يحيى عن عبد الله بن عمران الأنصاري، عن علي والمسعوديّ، عن عثمان بن عبد الله، عن هرمز، عن نافع بن جبير، عن علي قال‏:‏ كان رسول الله ليس بالقصير ولا بالطويل، ضخم الرأس واللحية، شثن الكفين والقدمين، والكراديس مشرَّباً وجهه حمرة، طويل المسربة، إذا مشى تكفأ كأنما يقلع من صخر لم أر قبله ولا بعده مثله‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏6/21‏)‏

قال ابن عساكر‏:‏ وقد رواه عبد الله بن داود الخريبي عن مجمع، فأدخل بين ابن عمران وبين علي رجلاً غير مسمى، ثم أسند من طريق عمرو بن علي الفلاس عن عبد الله بن داود، ثنا مجمع بن يحيى الأنصاري عن عبد الله بن عمران، عن رجل من الأنصار قال‏:‏ سألت علي ابن أبي طالب، وهو محْتبٍ بحمالة سيفه في مسجد الكوفة عن نعت رسول الله‏؟‏

فقال‏:‏ كان أبيض اللون مشرَّباً حمرة، أدعج العينين، سبط الشعر، دقيق المسربة، سهل الخدّ، كثّ اللحية، ذا وفرة كأن عنقه إبريق فضة، له شعر من لبته إلى سرته كالقضيب ليس في بطنه ولا صدره شعر غيره، شثن الكفين والقدم، إذا مشى كأنما ينحدر من صبب، وإذا مشى كأنما يتقلع من صخر، وإذا التفت التفت جميعاً، ليس بالطويل ولا بالقصير، ولا بالعاجز ولا اللأم، كأن عرقه في وجهه اللؤلؤ، ولريح عرقه أطيب من المسك الأذفر لم أرَ قبله ولا بعده مثله‏.‏

وقال يعقوب بن سفيان‏:‏ ثنا سعيد بن منصور، ثنا نوح بن قيس الحرَّنيّ، ثنا خالد بن خالد التَّميميّ عن يوسف بن مازن المازني أن رجلاً قال لعلي‏:‏ يا أمير المؤمنين إنعت لنا رسول الله‏.‏

قال‏:‏ كان أبيض مشرَّباً حمرة، ضخم الهامة، أغر، أبلج، أهدب الأشفار‏.‏

وقال الإمام أحمد‏:‏ ثنا أسود بن عامر، ثنا شريك عن ابن عمير قال شريك‏:‏ قلت له‏:‏ عمن يا أبا عميرٍ، عمن حدَّثه ‏؟‏‏.‏

قال‏:‏ عن نافع بن جبير، عن أبيه، عن علي قال‏:‏ كان رسول الله ضخم الهامة، مشرَّباً حمرة، شثن الكفين والقدمين، ضخم اللحية، طويل، لم أرَ قبله مثله ولا بعده‏.‏

وقد روي لهذا شواهد كثيرة عن علي، وروي عن عمر نحوه‏.‏

وقال الواقديّ‏:‏ ثنا بكير بن مسمار عن زياد بن سعد قال‏:‏ سألت سعد ابن أبي وقاص هل خضَّب رسول الله‏؟‏

قال‏:‏ لا، ولا هّم به، كان شيبه في عنفقته وناصيته لو أشاء أن أعدها لعددتها‏.‏

قلت‏:‏ فما صفته‏؟‏

قال‏:‏ كان رجلا ليس بالطويل ولا بالقصير، ولا بالأبيض الأمهق ولا بالآدم، ولا بالسبط ولا بالقطط، وكانت لحيته حسنة وجبينه صلتاً مشرَّباً بحمرة، شثن الأصابع، شديد سواد الرأس واللحية‏.‏

وقال الحافظ أبو نعيم الأصبهانيّ‏:‏ ثنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس، ثنا يحيى بن حاتم العسكري، ثنا بسر بن مهران، ثنا شريك عن عثمان بن المغيرة، عن زيد بن وهب، عن عبد الله بن مسعود قال‏:‏ إن أول شيء علمته من رسول الله قدمت مكة في عمومة لي فأرشدونا إلى العباس بن عبد المطلب فانتهينا إليه، وهو جالس إلى زمزم، فجلسنا إليه فبينا نحن عنده إذ أقبل رجل من باب الصفا أبيض تعلوه حمرة له وفرة جعدة إلى أنصاف أذنيه، أقنى الأنف، براق الثنايا، أدعج العينين، كثّ اللحية، دقيق المسربة، شثن الكفين والقدمين، عليه ثوبان أبيضان كأنه القمر ليلة البدر‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏/22‏)‏

وذكر تمام الحديث وطوافه عليه السلام بالبيت وصلاته عنده هو وخديجة وعلي ابن أبي طالب، وأنهم سألوا العباس عنه‏.‏

فقال‏:‏ هذا هو ابن أخي‏:‏ محمد بن عبد الله، وهو يزعم أن الله أرسله إلى الناس‏.‏

وقال الإمام أحمد‏:‏ ثنا جعفر، ثنا عوف ابن أبي جميلة عن يزيد الفارسي قال‏:‏ رأيت رسول الله في النوم في زمن ابن عباس قال‏:‏ وكان يزيد يكتب المصاحف‏.‏

قال‏:‏ فقلت لابن عباس‏:‏ إني رأيت رسول الله في النوم‏.‏

قال ابن عباس‏:‏ فإن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان يقول‏:‏ ‏(‏‏(‏إن الشيطان لا يستطيع أمية يتشبه بي، فمن رآني فقد رآني‏)‏‏)‏ هل تستطيع أن تنعت لنا هذا الرجل الذي رأيت‏؟‏

قال‏:‏ قلت‏:‏ نعم رأيت رجلاً بين الرجلين جسمه، ولحمه أسمر إلى البياض، حسن الضحك، أكحل العينين، جميل دوائر الوجه، قد ملأت لحمتيه من هذه إلى هذه، حتى كادت تملأ نحره‏.‏

قال عوف‏:‏ لا أدري ما كان مع هذا من النعت‏.‏

قال‏:‏ فقال ابن عباس‏:‏ لو رأيته في اليقظة، ما استطعت أن تنعته فوق هذا‏.‏

وقال محمد بن يحيى الذُّهليّ‏:‏ ثنا عبد الرزاق، ثنا معمر عن الزهري قال‏:‏ سئل أبو هريرة عن صفة رسول الله فقال‏:‏ أحسن الصفة وأجملها، كان ربعة إلى الطول، ما هو بعيد ما بين المنكبين، أسيل الخدين، شديد سواد الشعر، أكحل العين، أهدب الأشفار، إذا وطئ بقدمه وطئ بكلها، ليس لها أخمص، إذا وضع رداءه على منكبيه فكأنه سبيكة فضة، وإذا ضحك كاد يتلألأ في الجدر، لم أرَ قبله ولا بعده مثله‏.‏

وقد رواه محمد بن يحيى من وجه آخر متصل فقال‏:‏ ثنا إسحاق بن إبراهيم - يعني‏:‏ الزُّبيدي - حدثني عمرو بن الحارث عن عبد الله بن سالم، عن الزُّبيدي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة فذكر نحو ما تقدَّم‏.‏

ورواه الذُّهليّ عن إسحاق بن راهويه، عن النضر بن شميل، عن صالح، عن أبي الأخضر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال‏:‏ كان رسول الله كأنما صيغ من فضة، رجل الشعر، مفاض البطن، عظيم مشاش المنكبين، يطأ بقدمه جميعاً، إذا أقبل أقبل جميعاً، وإذا أدبر أدبر جميعاً‏.‏

ورواه الواقديّ‏:‏ حدثني عبد الملك عن سعيد بن عبيد بن السباق، عن أبي هريرة قال‏:‏ كان رسول الله ششن القدمين والكفين، ضخم الساقين، عظيم الساعدين، ضخم العضدين والمنكبين بعيد ما بينهما، رحب الصدر، رجل الرأس، أهدب العينين، حسن الفم، حسن اللحية، تام الأذنين، ربعة من القوم، لا طويل ولا قصير، أحسن الناس لوناً، يُقبل معاً ويدبر معاً، لم أرَ مثله ولم أسمع بمثله‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏6/23‏)‏

وقال الحافظ أبو بكر البيهقيّ‏:‏ أنا أبو عبد الرحمن السلميّ، ثنا أبو الحسن المحموديّ المروزي، ثنا أبو عبد الله محمد بن علي الحافظ، ثنا محمد بن المثنى، ثنا عثمان بن عمر، ثنا حرب بن سريج - صاحب الحلواني -، حدثني رجل بلعدر به، حدثني جدي قال‏:‏ انطلقت إلى المدينة أذكر الحديث في رؤية رسول الله قال‏:‏ فإذا رجل حسن الجسم، عظيم الجمة، دقيق الأنف، دقيق الحاجبين، وإذا من لدن نحره إلى سرته كالخيط الممدود، شعره ورأسه من طمرين، فدنا مني وقال‏:‏ السلام عليك‏.‏